اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > في رواية (الحياة الخاصة للنسيان) لجيزيل بينو:ليست هناك قصة عبودية، بل في الحقيقة،هنالك قصة مقاومة

في رواية (الحياة الخاصة للنسيان) لجيزيل بينو:ليست هناك قصة عبودية، بل في الحقيقة،هنالك قصة مقاومة

نشر في: 6 فبراير, 2024: 09:29 م

ترجمة: عدوية الهلالي

لا يمكن للشيء أن يبدأ في الوجود دون سبب ينتجه، كما كتب عالم الرياضيات لابلاس، حوالي عام 1820،

ومن المبالغة التأكيد على أن عقلانيتنا مبنية على هذا المبدأ. لغتنا، واستراتيجياتنا الوجودية، وكل قصصنا اليومية الصغيرة مشبعة بهذا الدليل.ومع ذلك، يبدو أن مجتمعات بأكملها تنسى هذا المبدأ البسيط إلى حد ما، من خلال إخفاء الامور.

في روايتها الجديدة "الحياة الخاصة للنسيان" الصادرة عن دار فيليب راي للنشر، تتذكر جيزيل بينو كيف كان اقتصاد الاتجار والعبودية مدمراً للكائنات والأسر والمجتمعات. ويحكي الكتاب أيضًا، وهذا هو قلب الرواية، كيف كان للصدمات الأصلية عواقب على السلالات. كروائية، تتولى العمل الذي قام به عالم الوراثة أريان جياكوبينو، من جامعة جنيف، الذي يشكك في تسجيل هذه الصدمات وانتقالها المحتمل عبر جزيء الحمض النووي للكروموسومات.

تبدأ القصة كسجل اجتماعي لعواقب حالة التبعية الاستعمارية.ففي غوادلوب، تختار الشابتان مارجي ويائيل، طريق عدم الشرعية للهروب من حالتهن المتواضعة عبر نقل كبسولات الكوكايين داخل الجسم الحي بين البشر. وهذا هو بُعد فعال بشكل خاص في الرواية، فهو الذي يتولى مسؤولية الحداثة الحالية، وخاصة سلوك الشباب وكلامهم، وموسيقاهم، ورغباتهم، وحتى مُثُلهم العليا.

في البداية كل شيء يسير دون ضرر. لكن بالنسبة ليائيل، تتشقق الكبسولات، وينتشر الدواء في جميع أنحاء الجسم. ويتم نقلها في اللحظة الأخيرة إلى مستشفى في باريس، وتبقى بين الحياة والموت. لقد أثار هذا الحادث أزمة عنف نادرة بين المتاجرين، لأن البضائع الثمينة ضاعت الآن. ومع ذلك، فإن السرد يترك هذه القصة، بعد كل شيء، عرضية. ضمنيًا في المغامرات والدراما السردية التي تتبع مسارها، والتي تتناول الطريقة التي تحاول بها الكائنات المعنية التصالح مع الصراعات داخل الأسرة، مع الألم الناتج عن الأفعال القديمة، مع الدموع التي ليس لديهم سيطرة عليها. يرتفع صوت في ذهن يائيل، ويروي القصص المخفية كالدونية الاستعمارية والتحيزات،ويبدأ الأمر بالاختطاف، هناك، في القارة الأفريقية، للعمل الاستعبادي في المزارع. لم يكن الصوت الذي يتكلم مجهولا، بل يعود لامرأة تدعى أغونتيمي، حررت نفسها من الذل من خلال الموت الطوعي، وسحبت طفلها معها إلى النهر الذي يمر عبر المزرعة. نجت الطفلة، وكانت أغونتيمي تتجول في الأرض منذ ذلك الوقت، تراقب أحفادها وأحفاد أقاربها، أينما عاشت الكائنات، وتحفظ بشكل ثمين هذه القصص التي نقلتها إلى الشابة غير الحية، منذ ذلك الحين. ازال الضعف الذي سببه الحادث الحواجز التي تمنع الجميع من سماع هذا الصوت الذي يتحدث من أعماق أعماقهم، والذي يعود مرارا وتكرارا إلى الكوارث الأولية: الاستغلال الوحشي، ووحشية السادة، والأطفال الموتى، والبقاء بلا هدف، والانهيار أحيانًا إلى حد الجنون.

تُظهر رواية جيزيل بينو بقوة كيف أن قصصنا مرتبطة بصدمات غير قابلة للشفاء، ما لم نتحدث عنها بالتفصيل، ونسمي الكائنات التي لم يتم استيعابها أبدًا في البيانات الإحصائية وحدها، ونتتبع سلاسل الأنساب، ونحدد آثار الهجر والانشقاقات. ما تقوله الرواية هو أن الكائنات لا يمكن اختزالها إلى مجموع صفات والديها، وأنه من الضروري العودة إلى الأسلاف، لكي نفهم أن كل واحد منا هو نتاج "اختلاف جينات" والتي يساهم بها عدد لا يحصى من الكائنات، وكلها مختلفة. وبالتالي فإن مبدأ عدم اليقين يغير السببية الآلية إلى حد ما التي حددها لابلاس، على هذا الأساس. وتعمل صورة شجرة العائلة بعد ذلك بشكل مزدوج فاحفادأغونتيمي ملتهبون. مثل شجرة ضخمة ولدت من بذرة واحدة صغيرة. جذع مملوء بالنسغ، يرتفع عن الأرض بنعمة الشمس وبركة الندى. الأمطار والرياح والأفراح والأحزان تقويه يوما بعد يوم. وكل فرع من هذه الشجرة يحمل معجزة.وكل صفحة تجعل القصة الأولية عفا عليها الزمن وإنكار الإنسانية الذي تم فرضه. وتعزز كل صفحة الثقة التي يضعها الأبطال في الكلمات، ضد الثرثرة الباطلة. تهتف يائيل: "الكلمات وحدها تعرف / الكلمات فقط هي التي تنقذ / الكلمات فقط هي التي تجرؤ".

ما تحكيه هذه الرواية، التي تنتمي إلى صنف رواية "محبوبة" لتوني موريسون، أو "من القرن الرابع" لإدوارد جليسانت، أو "أحد في كاشوت" لباتريك شاموازو، هو أنه ليس هناك قصة عبودية، بل في الحقيقة،هنالك قصة مقاومة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram