اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: حروبٌ نحتاج معها إلى أفلامٍ تنشد السلام

كلاكيت: حروبٌ نحتاج معها إلى أفلامٍ تنشد السلام

نشر في: 7 فبراير, 2024: 11:34 م

 علاء المفرجي

سؤالٌ راودني كثيراً، بخاصة مع اقتراب نهاية عام 2023: لماذا الحرب؟ تلك كانت سمة مميّزة للعام نفسه، إذ توزّعت هذه المرة، بشكل يكاد يكون متساوياً، على خريطة العالم، من أوروبا إلى أفريقيا وآسيا. في شرق أوروبا، استعرت الأحقاد إلى حَدّ المناوشات العسكرية، ثم إلى حربٍ طاحنة بين دولتين أوروبيتين، لتخلق اصطفافاً أوروبياً حولها، قد يُهدِّد بما لا تُحمَد عُقباه.

هناك أيضاً حربٌ أهلية بين الجنرالات في السودان، التي لا نعرف بالضبط أسبابها، وإلى ما ستفضي. أخيراً في آسيا، حرب إبادة في قطاع غزّة، التهمت إلى الآن أكثر من 20 ألف ضحية، 80 في المائة منهم أطفال ونساء وشيوخ، لا ذنب لهم سوى أنّهم موجودون في منطقة الحرب.

السؤال ألحّ عليّ عام 2023، كما أقَضّ مضجعي في ثماني سنوات، يوم كنتُ نزيل خنادق الحرب، جندياً في حرب الخليج الأولى، إذ زُجِجتُ في حربٍ لا ناقة لي فيها ولا جمل. لكنْ، ما كان يدفعني إلى خوضها أنّها تُهدِّد باستباحة بلدي.

ألا تستطيع السينما، بكلّ ما نالها من تطوّر تقني، أنْ تُبشّر بالسلام، وبعالم بلا حروب، كما عملت، في أفلامٍ كثيرة، على الدعوة إليها، أي إلى الحروب؟

في رواية "الحرب والسلم" (1864 ـ 1869) لليو تولستوي، أفكارٌ عن فلسفة الحرب، كان لها أثر كبير في الفكر اللاحق للحرب؛ وتأثيرٌ مباشرٌ في فلسفة غاندي، المتمحورة حول تبني المقاومة السلمية.

على السينما أنْ تضمّن خطاباتها عن الحرب أسبابها وكيفية درئها، وطرح أسئلة عن أسباب نشوبها: هل لأنّ الكائن البشري عنيف بطبعه، وذو نزعة تدميرية، ودينامية التاريخ تثبت التشكلات الكبرى للجغرافيا بعد الحروب، والعلاقات بين البشر تسير أحياناً نحو الهاوية؟ أم أنّها بزعم أمرائها ضرورة للحفاظ على المكاسب الاقتصادية؟

لا شكّ أنّ مهمّة السينما ستكون صعبة بالتحدّيات التي تواجهها، والتحدّيات أصلاً تأتي، أحياناً كثيرة، من القائمين على هذه السينما. لكنْ، يكفي أنْ نُلقي نظرةً على نتائج هذه الحروب، أقلّه تلك المندلعة عام 2023، والكوارث التي تتركها، والمآسي الإنسانية التي تخلّفها، تجعلنا نفهم الحاجة إلى نوع كهذا من السينما. جعلَنا كورونا نعيش حالة تضامن وألفة غير معهودة بيننا نحن البشر. فهذا الموت الغامض، المنفجر أمام وجوهنا، لا يُفرّق بين عرق وآخر، أو جنسٍ وآخر، فالعالم كلّه في مواجهته، وشُنَّت حربٌ، بمفهوم إيمانويل ماكرون (الرئيس الفرنسي)، من نوع آخر في مواجهته. لكنْ، ما إنْ انتهت هذه الحرب "الشريفة" التي خاضها العالم، حتى عاد البشر إلى مسارهم العنفيّ والدموي. فالحرب لم تختفِ من الوجود البشري، ويكفي أنْ نُذكّر بأنّ عدد الضحايا، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، إلى بداية الألفية الثالثة، أكثر مما سبّبته الحرب الثانية تلك.

لذا، فإنّ مشهد الحروب عام 2023 ترسّخ في ذاكرتي، كمشهد استثنائي وحيد، تناسَل أسئلة وأسئلة، وأعاد إليّ بعض ما عشته أيام حرب الثماني سنوات. إنّه المشهد الذي تستطيع السينما اختزاله بفهمٍ واقعي، في تقديم الأسباب السيكولوجية لنشوب الحرب واستمرارها، واستعراض مآلاتها غير الإنسانية، وأثارها المدمّرة.

عند قراءة أيّ كتاب عن تاريخ العالم، ينتهي المطاف على الأرجح ونحن نحمل انطباعاً عاماً بأنّه يستحيل على البشر أنْ يعيشوا في سلام. لكنْ، لِمَ يَصعُب على البشر العيش في سلام؟ لِمَ تحدث الحرب أصلاً؟ هل هناك ما يُمكنه تفسير كلّ هذا العنف، غير المُبرّر أحياناً كثيرة؟

أسئلة أخرى تُطرح عشية انتهاء عام 2023، الذي لوّنت أيامه مأساة الحروب التي تنبئ بحروب جديدة. لعلّ السينما، التي نملك بعض الخُلّص إليها، أن تقرأ هذا الواقع، وتعيد إنتاجه أفلاماً تنشد السلام بين البشر. السلام، ولا شيء غيره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

اليوم ..خمس مباريات في انطلاق الجولة الـ 36 لدوري نجوم العراق

بدء التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية

"واتساب" يختبر ميزة جديدة عند الفشل بارسال الصور والفيديوهات

تطوير لقاحات جديدة للقضاء على الحصبة نهائياً

الأونروا: سكان غزة فقدوا كل مقومات الحياة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram