TOP

جريدة المدى > كلام اليوم > الانسحاب والمستقبل

الانسحاب والمستقبل

نشر في: 30 أغسطس, 2010: 09:17 م

المدىاليوم تكون القوات الاميركية قد انهت المرحلة الاولى من مهامها القتالية حسب الاتفاقية الاستراتيجية الامنية بين الحكومتين العراقية والاميركية. وفي الوقت الذي يثير فيه هذا الانسحاب مشاعر الغبطة والفرح عند الجانبين على المستويين الشعبي والرسمي، فانه في المقابل يطرح الكثير من التساؤلات عن الماضي والحاضر والمستقبل فيما يتعلق تحديدا بمستقبل العراق الجديد.
الذين اعتقدوا ان  الاميركان قد ابتلعوا العراق، سقطت قناعاتهم مع انجاز المرحلة الاولى من انسحاب الجيش الاميركي، بانتظار آب عام 2011 لإتمام الانسحاب نهائيا وحسب الاتفاق المبرم بين اميركا والعراق.والذين تحدثوا عن فيتنام عراقية ورفعوا شعار المستنقع العراقي ذهبت تصوراتهم أدراج الرياح، فالاميركان ينسحبون بهدوء وفق توقيتات زمنية متفق عليها مسبقا بعد ان تم طوال الفترة السابقة تسلم المواقع العسكرية من الاميركان من قبل القوات العراقية.والذين (زايدوا) على الوطن والوطنيين، ربما يقتنعون الآن بأننا نستطيع ان نحقق، بالمصالح المشتركة ، أكثر مما نستطيع ان نحققه من خلال حمل السلاح واراقة الدماء وتعطيل اعمار البلاد، والدليل ان الاميركان استدعوا قوات اضافية عندما تيقنوا بان الاحتياجات السياسية والعسكرية والإستراتيجية تتطلب ذلك.الهاجس الذي يشغل بال العراقيين قبل غيرهم، هو الهاجس الامني، والتساؤلات الكثيرة عن استعدادات القوات العسكرية العراقية لسد الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الاميركي بصورته الحالية. هذا الفراغ الذي أعلن أكثر من بلد استعداده لملئه، وكأننا غير موجودين.  المخاوف الشعبية لم تأت من فراغ ، خصوصا مع اندلاع موجات عنف بين فترة واخرى تزامنا مع التوترات السياسية واخفاقات العملية السياسية في بعض مفاصل اشتغالها. وهذه المخاوف مبنية على افتراض "عجز" القوات الامنية العراقية عن تثبيت الوضع الامني على حاله، وتصريحات المسؤولين عن اختراقات لهذه القوات من قبل تنظيم  القاعدة الارهابي ومن قبل ميليشيات بعض الاحزاب والقوى والتيارات المشاركة في العملية السياسية.ونحن نعتقد بان المخاوف الحقيقية هي التي تنطلق من اشكاليات العملية السياسية وتعثرها والرؤية المختلفة بين مكوناتها لمستقبل العراق رغم الدستور والانتخابات والاستفتاء . فالتفجيرات كانت موجودة بوجود 170 الف جندي اميركي على اراضينا وهي موجودة الآن بوجود نصف هذا العدد ، وستبقى لفترة لاحقة حتى لو خرج آخر جندي اميركي من العراق، ذلك ان الصراع الدائر في العراق الآن ليس بين الاميركان والقاعدة أو الجماعات المسلحة، والدليل ان العراقيين هم ضحايا اعمال الارهاب والعنف بالدرجة الاولى، والاغتيالات الأخيرة التي استهدفت رجال المرور، والتفجيرات الاخيرة التي استهدفت مراكز الشرطة وسيطرات الجيش العراقي ، هي الشاهد الواقعي على ان من يحملون السلاح في مواجهة الحكومة واجهزتها العسكرية والأمنية تحركهم اهداف سياسية في مقدمتها اجهاض العملية السياسية واشاعة الفوضى وتحقيق الاحلام المريضة بالعودة الى انظمة الدكتاتورية وقطع الألسن. هذه المخاوف اثرت حقيقة على حركة الحياة اليومية وعلى تطلعات الناس وسط سيل من التهديدات الإرهابية  باندلاع اعمال العنف،وتوقعات المسؤولين العسكريين منهم والمدنيين باندلاع مثل هذه الاعمال، وهذا مشهد يعزز من قناعات الناس بهشاشة الوضع الامني، بالرغم من الجهود الجبارة التي تقوم بها قواتنا المسلحة البطلة والتضحيات الجسام التي قدمتها.اننا نعتقد ان الكرة الآن في ملعب المتصدين لقيادة العملية السياسية في البلاد ، وعليهم ان يجيدوا اللعب بهذه الكرة ، ويقدموا عرضا موازيا للعروض التي قدمها الشعب العراقي لانجاح السياسيين والعملية السياسية معا، وعرضا موازيا للجهد الكبير الذي تقوم به القوات الامنية العراقية من جيش وشرطة واستخبارات وفعاليات اخرى مشابهة لها.لحظات تأريخية يتوجب على سياسيينا تلقفها والامساك بها بكل قوة وفك العقد -المصطنعة في بعض الاحيان- من اجل حلحلة الازمة وقطع الطريق على الذين يستغلون خلافات البيت الواحد من اجل ان يهدموه على الجميع، عندها لا تنفع الاستحقاقات الانتخابية ولا الوطنية ولا الكتلة الأكثر عددا ولا الارتماء في احضان الآخرين، كل الآخرين ! لذلك يتوجب على القوى السياسية الحيّة ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات السياسية والاجتماعية المختلفة ان تنشط تحركاتها وتجمع قواها لتكون قوى ضاغطة باتجاه اجبار الكتل السياسية على الاسراع بحل خلافاتها وتشكيل الحكومة، لسد الطريق على كل المتربصين بنا للاجهاز على العراق الجديد. ان الشعب العراقي ينتظر وقفة جادة من القوى السياسية القائدة للعملية السياسية، لكي تثبت لكل المتحدثين عن الفراغات، اننا كشعب وقوى وطنية حقيقية قادرون على ان نتصدى للمهام الجسام والخروج من الأزمات والوصول الى نهاية النفق بأقل الخسائر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل المراجعة في حياة حزب مناضل

هل المراجعة في حياة حزب مناضل "عيب"؟!

شهدت الحياة السياسية، خلال السنوات العشر من عمر "العراق الجديد"، تساقط آمالٍ وتمنيات، خسر تحت ثقلها العراقيون رهانهم على أحزاب وقوىً وشخصيات، عادت من المنافي ومن خطوط النشاط السري، ولم تلتزم بمواصلة سيرتها النضالية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram