اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > منطقة محررة: الحرب والعصيان الجنسي

منطقة محررة: الحرب والعصيان الجنسي

نشر في: 31 أغسطس, 2010: 05:28 م

نجم واليضد الوحشية والقسوة يتم عادة تطوير اقتراحات مضادة لا تقل عنها وحشية وقسوة، والمثل الذي هو قديم قِدم الإنسان يقول: إذا ضربتني سأرد عليك بالضرب، أو ما يُعرف في الأديان القديمة: العين بالعين والسن بالسن. النتيجة تعرفها البشرية وخبرتها على مر تاريخها: الحرب، والأمر لا يختلف، سواء تعلق بغرض الرد على الإرهابيين،
 أو بغرض الرد ضد الأعداء. فالوصية التوراتية القديمة منح الخد الأيسر أيضاً في حالة ضرب الخد الأيمن، تكف في كل الحالات لأن ليس هناك اليوم طرف ما في العالم يعتقد بالفعل أن التغاضي عن هجوم الآخر، وإجابته بالوسائل السلمية سيقود لا محالة إلى توقف الحرب. على أية حال لم يجرب أحد في زماننا هذه الفرضية السلمية وإن حاول تجريبها فبطريقة أخرى لا تخلو أحياناً من المفارقة!أحد هؤلاء الذين يحاولون الإجابة على هذا السؤال بطريقة عملية والذي كثر الطلب عليه في السنوات الأخيرة لما يتمتع به من خبرة "ما فوق توراتية"، أحد من المستحيل نعته بالرومانسية أو بالميوعة الجنسية هو بروس هوفمان، الخبير بمقاومة الإرهاب والمحلل في المؤسسة الأميركية Think-Tank RAND الذي تستشيره الحكومة الأميركية منذ حوادث 11 سبتمبر بما يتعلق بالإجراءات الاستراتيجية الدفاعية التي عليها اللجوء إليها من أجل مكافحة الإرهاب بصورة أكثر فعالية. وهذا الشخص بالذات يحكي لنا قصة مهمة ذات مغزى وإن حوت على جانب من الطرافة في أحد الأعداد الأخيرة لمجلة أتلانتيك مونثلي Atlantic Monthly قصة ينبغي التمعن بها بصورة جدية.قبل أعوام، وقبل إنقلاب حماس، حسب ما يروي هوفمان، كان الرجل في زيارة لقطاع غزة بضيافة الحكومة الفلسطينية التي إنتهت فترة حكمها وهناك التقى بقائد فلسطيني صاحب منصب عال في منظمة فتح التي شكلت تلك الحكومة آنذاك. وكالعادة في كل لقاء (الحديث لهوفمان)، يتحدث المرء عن هذا الأمر أو ذاك، لكنه سمع هذه المرة في نهاية الحديث قصة أراد القائد الفلسطيني أن يستفيد الخبير الأميركي منها؛ قصة تتعلق بالطريقة التي  استطاعت بواسطتها منظمة التحرير الفلسطينية تصفية واحدة من منظماتها تلك التي كانت أشد إرهابية ذات يوم، "منظمة أيلول الأسود"، المنظمة التي أثارت الرعب والذعر لزمن ليس بقصير، تلك المنظمة التي كانت مسؤولة عن أكثر من عملية إرهابية واغتيال في أوروبا وفي الدول العربية والتي لم يذهب ضحيتها عشرات الأبرياء فقط، إنما كانت هي المنظمة الإرهابية بالذات التي منحت بكل ما قامت به ملامح لما سيكون عليه وجه الإرهاب المعاصر (أحد ضحاياها الروائي المصري يوسف السباعي، إغتالته في قبرص).في أواسط السبعينيات (القصة لهوفمان) عرف الفلسطينيون أن المنظمة أنجزت الواجب الذي أُريد لها منه وإن أي عملية جديدة لن تحمل أي مغزى سياسي، بل أنها ستلحق أضراراً بمنظمة التحرير الفلسطينية. ما العمل إذن؟ حل الفزورة (حسب طبخة القائد الفلسطيني): بعد مشاورات مكثفة مع رئيس أمن الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات آنذاك، أبو أياد، سافر مبعوثون فلسطينيون، طافوا البلدان العربية، حيث تعيش أكبر الجاليات الفلسطينية بحثاً عن مئات من الفتيات الفلسطينيات الجميلات ليقولوا لهن في النهاية: أن الوطن بحاجة لكنَّ. عاد المبعوثون ومعهم الفتيات إلى بيروت، حيث نُظمت من قبل المنظمة حفلات كبيرة عديدة للعزاب، لكل إرهابيّ منظمة أيلول الأسود. ولتنظروا بأنفسكم كما يقول: لقد نجح مصل الهورمونات الجنسية وقبل إكتشاف الفياغرا إذ وقع العديد من الشباب اليائسين هؤلاء بحب الفتيات. ولأن علاقات الحب تلك كانت يجب أن تتطور إلى علاقة ثابتة طويلة الأمد عرضت منظمة التحرير الفلسطينية مغريات إضافية أخرى: كل عازب يتزوج من إحدى الفتيات تلك يحصل على 3000 دولار وشقة سكنية بتدفئة غازية وثلاجة وتلفزيون، وبعد سنة عند ولادة الطفل الأول سيحصل على 5000 دولار إضافي."وعلى هذا المنوال"، يختصر القائد الفلسطيني أمام بورس هوفمان "شطبنا بسرعة فائقة على منظمة أيلول الأسود وصفينا الإرهاب الذي كان يحدث باسمنا. هذه هي الحالة الوحيدة التي أعرف عنها". طبعاً نسي المسؤول الفلسطيني وهو في غمرة لذة حديثه أن يذكر أن الإسرائيليين هم الآخرون أنجزوا من طرفهم ما ساعد على القضاء على منظمة أيلول الأسود، حيث راحوا على مدى سنوات طويلة يلاحقون أعضاء المنظمة (وخاصة أولئك الذين اشتركوا في عملية ميونيخ واختطاف الفريق الرياضي الأولمبي الإسرائيلي)، ليصفوهم واحداً بعد الآخر، وآخرهم كان أبو أياد، إذا صدقنا الرواية التي تقول أن رجال الموساد الإسرائيلي كانوا وراء عملية اغتياله في تونس عندما كان مكتب منظمة التحرير الفلسطينية هناك!بالتأكيد ليس بروس هوفمان واحداً من الذين سينصحون الأميركان باستخدام ستراتيجية الحب والجنس لتصفية عناصر القاعدة وجماعة "المقاومة" في العراق، والإرهابيين الذين يطلون برأسهم بين الحين والآخر في هذا البلد العربي أو ذاك. لكنه يذكر في السياق ذاته ان السلطات الإنكليزية في شمال ايرلندا استخدمت ذات مرة، قبل اتفاق الجمعة الحزينة المشهور، نظاماً مشابهاً عندما أخذت تختار البعض من سجناء إرهابيّ منظمة الجيش السري الجمهوري الإيرلندي، خصوصاً أولئك ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram