اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: عن الشعر ومربد البصرة

قناطر: عن الشعر ومربد البصرة

نشر في: 13 فبراير, 2024: 09:57 م

طالب عبد العزيز

في كل موسم للشعر يتجددُ الحديثُ عن المربد، مهرجان الشعر البصري، فيشرِّقُ من يحبُّه، ويغرِّب من يعترض عليه، وهكذا دأبَ المحبّون والمعترضون، كلٌّ يريده أفضل وأجمل، وهي مجرد أمنيات، لكنْ ليس كلّ ما يتمنى المرء يدركه.. وفي الحالين فالمهرجان يمضي الى حيث الحبِّ والاعتراض، وما في القضية من جديد، فقد دخل الشعراءُ البصرةَ من بوابة قلوب أهلها، وأقاموا فيها، قرأوا، واستمعوا، واستمتعوا، وغادروا على أمل اللقاء ثانية في موسم جديد للشعر والبصرة والجمال.

معلوم أنَّ مهرجان المربد يقام منذ قرابة خمسة عقود، ومثله مثل أيِّ نشاط انساني يصيبه الوهن وتدركه الشيخوخة، والحقَّ يقال بأنَّه عانى من خلل تنظيمي منذ دورته الأولى في العام 1970 وكنا نسمع ممن اعترض، وقدم وجهات نظر لصالحه او ضده، ولم تكن المدن العراقية بافضل حال من اليوم. ربما كانت الهيئة المنظمة في السنوات تلك أكثر حنكة وصرامة، فقدمت نسخاً جيدةً منه، بفعل القبضة الحديدية للنظام، والخوف من الخطأ، وهو أمرٌ يبتعد عن الثقافي الى ما هو سياسي وأمني، وكنا نسمع اعتراض بعض الشعراء العرب على تغليب السياسة على الثقافة في ما يتلى من قصائد، فضلاً عن الارباك في بعض مفاصل التنظيم، وهو قضية ترافق معظم المهرجانات العربية على حدٍّ سواء.

في العام 2014 كنت مدعواً الى مهرجان شعري عالميٍّ كبير بفرنسا، وفوجئت باقامته جلسته الافتتاحية تحت شجرة كبيرة وبحديقة عامة، وسط المدينة، وأنَّ الجلسات الشعرية الاخرى كلها كانت تقام في الازقة الضيقة، وصدور القنوات البحرية، وفي مقبرة بول فاليري، ولم يسكن الشعراء المدعوون في الفنادق انما في البيوت والاقسام الداخلية للطلبة، اما وجبات الاكل والشرب فقد كانت من مطعم متنقل، ومن اكشاك صغيرة.. لكنني لم أجد من اعترض على ذلك!! كان الشعر سيداً، والشعراء في غاية السعادة، ولم تكن المدينة التي اقيم المهرجان بها كبيرة وجديدة، وبعمارات وفنادق شاهقة، أبداً، هي شبه قرية كبيرة.

ربما تغيب عن أذهان أصدقائنا الشعراء العراقيين أهمية وقيمة مدينة عظيمة كبغداد أو البصرة أو نينوى أو بابل لكنها ماثلة بعظمتها في أذهان الشعراء العرب وبشكل كبير، فهم يستحضرون الزمن العراقي في المدن هذه، برموزه اللغوية والادبية والثقافية. ليست البصرة مكاناً عابراً في التاريخ، هي روح كبيرة، ومقصد معرفي، وحلم عربي قديم. لا أقول ذلك إلا لأنني واقف على كلمات الشعراء والادباء في الوطن العربي، ممن زاروها او حلموا بزيارتها، وهم أكثر سماحة ولطفاً من أن يتوقفوا على هنات التنظيم وغفلة غير مقصودة ومشهد خرب في شوارعها.

لا أعتقد بأنَّ حجراً ساقطاً من جدار يشين مبنى جميلاً، أو يقلل من أهميته وقيمته الفنية، ثم من قال بأنَّ الكمال والتمام يعني القبول والرضا، شخصياً لا أرى قبحاً في حديقة مهجورة، كثرت اشواكها، هناك أكثر من سبيل للبحث عن أشجارها والكشف عن جمالها المخبأ. أما الذين يبحثون في مهرجانات الشعر عن الشعر العظيم فقد ذهب زمان العظمة تلك، السياب مات، ونزار قباني مات، والبياتي مات، والجواهري مات، وسعدي مات.. ترى أنظل نندب حظنا بموتهم؟ مقارنين بينهم ومن ظل حيَّاً بيننا؟ مع يقيننا بأنَّ الابداع العالمي قليل في كل مكان، والاسماء الشعرية والفنية والثقافية الكبيرة باتت أقل في أمتنا العربية وفي العالم ايضاً، ولا أرى في القضية ما يشين ويضير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram