موقع العربية نتدائماً يحقق المعادلة المختلفة فيما يقدم من أعمال على الشاشة، فحضوره الطاغي والآسر يمد الشخصية التي يؤديها بنسغ قوة يطبعها بسحر خاص يجعل منها شخصية أكثر إقناعاً وقرباً من المشاهد، وقد استطاع عبر ما قدم من أعمال أن ينقل نبض الإنسان العربي على اختلاف تجلياته وهمومه وآماله وآلامه.. إنه الفنان جمال سليمان الذي يملؤه الشعور بالمسؤولية والطموح لتحقيق هواجسه الإبداعية، لهذا سعى بكل دأب للارتقاء بفنه نحو عوالم أكثر رحابة وعمقاً.
واستطاع في رمضان الحالي أن يحفر لنفسه مكاناً متقدماً من خلال أدائه شخصيتين مهمتين، الأولى شخصية خالد بن طوبال في مسلسل (ذاكرة الجسد) المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتبة أحلام مستغانمي، والثانية شخصية ناظر المدرسة في المسلسل المصري (قصة حب)، وعن خصوصية هذين العملين والجديد المُقدم عبرهما وحول رؤاه الفنية والإبداعية جمال سليمان يتحدث في برنامج صباح العربية عن ذاكرة الجسد والمسلسلات العربية في رمضان:* هل توقعت أن يُحقق (ذاكرة الجسد) هذا الحضور المهم في رمضان رغم الزخم الكبير من الأعمال المعروضة على الشاشات العربية؟- استطاع المسلسل تحقيق نتائج ممتازة جداً بالنظر إلى نوعه، فقد كان لدي قلق كبير حول مدى متابعة الجمهور لمسلسل مأخوذ عن رواية أدبية يغلب عليها طابع الحالة أكثر من الأحداث، فالرواية بالأساس تعتمد على التغلغل والتعمق في الحالة النفسية لبطل الرواية الذي أصيب بالخذلان مرتين، المرة الأولى في علاقته مع وطنه، والمرة الثانية في علاقته مع المرأة التي أحب، وبالتالي كأن الرواية هي نظرة مقربة وتحليلية للحالة التي يعيشها البطل ما يجعلها رواية من الصعب أن تكون مسلسلاً، بل من الصعب أن تكون مسلسلاً جماهيرياً.التحدي كان كبيراً جداً، لكن النتائج التي حققها المسلسل عند العرض كانت رائعة ما يدل على أن هناك جمهوراً عربياً متعطشاً لرؤية المختلف في شهر رمضان خارج سياق المسلسلات التلفزيونية التي أصبحت تشبه بعضها إلى حد كبير، سواء بالشكل العام لها أم حتى في طرق البناء والمعالجة (مع اختلاف مستوياتها)، كأنه أصبح هناك وصفات جاهزة للأعمال، وحتى على صعيد الصورة باتت الاختلافات ضئيلة جداً.فترة التحول والانكسار* كيف استطعت هضم انكسارات وهزائم خالد بن طوبال في (ذاكرة الجسد) وإظهارها من خلال نبرة الصوت والأداء والإحساس والعلاقات مع المحيط؟- إنني من جيل شهد فترة التحول والانكسار التي ظهرت بشكل كبير وبتواريخ معينة، نكسة عام 1967، الحرب الأهلية في لبنان وخروج الفلسطينيين منه، انهيار الاتحاد السوفيتي.. هذا كله رأيناه ورأينا الأشخاص البراغماتيين الذين يحاولون الإفادة من كل ظرف. وبالمقابل كان هناك أشخاص لم يستطيعوا أن يكونوا براغماتيين ليتماشوا مع هذه التحولات، وأصبحوا على الهامش ومنسيين يجترون مأساتهم وآلامهم، أحياناً بصمت وأحياناً بضجيج، وقد رأيت الكثير من هذه النماذج، أضف إلى ذلك أنني قدمت الوجه الآخر لشخصية خالد بن طوبال من خلال مسلسل (ذكريات الزمن القادم) عبر شخصية مطر، وكم كنت محظوظاً أنني قدمت كلتا الشخصيتين.رجل يشبهني* ما المسافة التي تركتها بين جمال سلمان وخالد بن طوبال؟- صدقني.. لم تكن هناك مسافة بيني وبين هذا الرجل، فخالد بن طوبال يتقاطع معنا ويشبهنا كلنا، أو بالأصح نحن من يشبهه. وبرأيي أن أحد أسرار نجاح الرواية أن الكاتبة كانت من الذكاء والموهبة والصدق لدرجة أنها كتبت شخصيات عندما يقرأها كل منا يشعر بأنها تشبهه. فخلال حياتي تعرفت على نساء يشبهن شخصية (حياة) في الرواية إلى درجة كبيرة، وكنت أشبه خالد بن طوبال في الكثير من اللحظات. فأنا عشت العصر الذي عاشه بشكل من الأشكال ويفترض أنني أصغر منه، ففي الثمانينيات لم أكن بعمره، لكني كنت شاباً في مقتبل العشرينيات وتخرجت حديثاً من المعهد العالي للفنون المسرحية بينما كان هو في هذه المرحلة قد اقترب من الخمسين. لكني امتلكت الوعي الذي يستوعب ما يحدث حولي وسجلته في ذاكرتي.. فكأننا أولاد العصر.. لذلك لم تكن هناك مسافة بيني وبينه.* إلى أي مدى تم إغناء السيناريو لخطوط درامية جديدة؟- على اعتبار أن الرواية كان ينبغي إغناؤها ببعض الأحداث فقد اجتهدت كاتبة السيناريو ريم حنا وتدخلت عبر مخيلتها ابتداءً من الحلقة الرابعة عشرة من الرواية فأدخلت خطوطاً وأحداثاً متخيلة من واقع الرواية، فإن كانت هناك قفزة زمنية عند أحلام مستغانمي مدتها خمس سنوات فريم حنا لم تقفز عنها، إنما تخيلت ما يمكن أن يحدث للشخصيات خلال هذه الفترة، فعلى سبيل المثال ما الذي جرى مع شخصية (حياة) بعد زواجها؟ وماذا حدث مع عائلة شقيق خالد؟ وماذا جرى من أحداث مع خالد نفسه؟ سنرى في النصف الثاني من المسلسل الكثير من الأحداث التي أتت بمبادرة ومن مخيلة ريم حنا كسيناريست.تصريحات وتصريحات مضادة* أكانت هذه الإضافات هي الفتيل الذي أشعل التصريحات والتصريحات المضادة بين كل من الكاتبتين ريم حنا وأحلام مستغانمي؟- برأيي أن التصريح والتصريح المضاد كانا مبنيين على سوء فهم وشيء من التسرع من قبل أحلام مستغانمي وهذا الكلام سبق ان قلته لها، فالكاتبة لها كل الحق في أن تخاف على روايتها وأن تبقى قلقة من كيفية تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، لكن يمكن ان يكون قد حصل هذا اللبس لأنها لم تكن تعرف ريم حنا جيداً، كما أن ريم قصّرت بالتعريف عن نفسها بشكل جيد لأحلام مستغانمي، وقد جرى اتصال
جمال سليمان: الشخصيات التي أمثلها هذا العام تشبهني
نشر في: 31 أغسطس, 2010: 05:59 م