TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "الدور الثاني" للربيع العربي

"الدور الثاني" للربيع العربي

نشر في: 26 نوفمبر, 2012: 08:00 م

بإعلانه تحصين سلطته من أي مساءلة أو دعاوى قضائية وضع الرئيس المصري نفسه فوق القانون. أسقط حكم القانون وأعلن حكم الفرد. وجاءت هذه الخطوة المفاجئة بعد يومين من التوصل لهدنة بين اسرائيل و"حماس" كان لمصر الدور الرئيس في تحقيقها. وبرفضه الإنجرار الى "مواجهة مع اسرائيل" أثبت مرسي تعقله. لكنه بتعجله الدخول في "مواجهة مع الشعب" أكد حماقته.

"الإعلان الدستوري" الجديد تضمن تعديات خطيرة على القانون، أهمها اعتبار القرارات والقوانين الصادرة عن رئيس الجمهورية غير قابلة للطعن، وتحصين الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور من أي دعوى قضائية، واعادة محاكمة المتهمين بجرائم قتل واصابة الثوار، وأخيرا عزل النائب العام وتعيين بديل له. فالقرار الأول يجعل السلطة التنفيذية فوق القضاء، والقرارات الثلاثة الأخرى مخالِفة صراحةً للقانون.

وهذه هي أخطر مواجهة بين السلطة التنفيذية وبين السلطة القضائية في مصر منذ بدء المسيرة التصاعدية لاستقلال القضاء مع تولي الرئيس انور السادات الحكم عام 1970. كما أنها أخطر مواجهة سياسية مباشرة بين الاسلاميين، الذين يملكون زمام الحكم، وبين القوى المدنية. إنها المرة الأولى التي تدخل مصر فيها بصورة فعلية وجلية في طور"أزمة انقسام البيت".

وقد سبق لمرسي، الذي تولى الرئاسة في 24 حزيران الماضي، الاصطدام مرتين مع السلطة القضائية. الأولى بعد اسبوعين من توليه السلطة، عندما أصدر في 8 تموز الماضي قرارا بإلغاء حكم المحكمة الدستورية العليا القاضي بحل مجلس الشعب ذي الأغلبية الإسلامية (40 % للإخوان و20 % لحزب النور السلفي). ثم اضطر الى التراجع عنه، لتعارضه الصريح مع القانون الذي يعتبر أحكام الدستورية العليا نهائية وملزمة للجميع.

المواجهة الثانية جرت عندما أصدر قرارا بعزل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، في 11 تشرين الأول الماضي، مثيرا بذلك عاصفة قانونية أخرى، لأن القضاء يحصِّن منصب النائب العام من الإقالة. واضطر الرئيس الى التراجع أيضا عن قراره، وبقي النائب العام في منصبه، حتى جاء الاعلان الدستوري الأخير الذي أوصل انقسام مصر الى حال "شعبين في معركة".

هذه اذن هي المعركة الثالثة بين الرئيس وبين القضاء خلال خمسة اشهر من توليه السلطة. وقد هزم في المعركتين السابقتين، فكيف يتوقع الفوز في الثالثة، وهي الأخطر والأشمل من نوعها، لأن ميدانها جاوز الأسرة القضائية الى الشارع بجميع تمثيلاته المدنية أو العلمانية؟

ان بروز دور مرسي في مفاوضات الهدنة بين اسرائيل وحماس، والمباركة الأميركية الإسرائيلية خصوصا والدولية عموما لهذا الدور، ربما شجعاه على الإقدام على هذه الخطوة. ربما اعتبرهما تأمينا لغطاء دولي يتيح له "التفرغ" لمعركة الداخل. وقد أثبت الرجل، ومن خلفه "اخوان" مصر، قدرة اكبر من التي كان يتمتع بها نظام مبارك على احتواء "حماس" والتنظيمات المسلحة في قطاع غزة.

في كل الأحوال فان"الإخوان المسلمين" يجددون التأكيد بهذه المعارك القانونية والسياسية المتلاحقة والمتعجلة رغبتهم العارمة في الاستيلاء على سلطة مطلقة. فمرسي الذي يمتلك اليوم، بغياب دستور وبرلمان، السلطتين التنفيذية والتشريعية، يضع بهذا الاعلان السلطة القضائية تحت جناحيه، ويمهد لدستور "الحاكم بأمر الله" حسب تعبير محمد البرادعي. ولكنه فتح بذلك المجال أمام معركة "الدور الثاني" من الربيع العربي التي بدأت بالفعل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram