حازم مبيضين مع انسحاب القوات الاميركية المقاتلة من العراق, تثور المخاوف عند الكثيرين, من أن يؤدي ذلك إلى انهيارات أمنية كبيرة ومؤلمة, متجاهلين أن العمليات القتالية منوطة منذ عام بالقوات العراقية, التي كانت تستعين بالأميركيين في بعض الحالات,
وقد نفذ الجيش العراقي مؤخراً عمليات واسعة جدا بقدرته الذاتية, وبإسناد محدود من القوات المتعددة الجنسيات والاميركيين، ومنذ أربعة أشهر وإلى اليوم فان معظم العمليات نفذتها القوات العراقية, بدعم محدود في مجالي التدريب والتنسيق الاستخباراتي, ومتجاهلين أيضاً أن خمسين ألفاً من الجنود الاميركيين الذين ظلوا في العراق, سيقدمون خبراتهم وجهودهم في محاربة الارهاب, الذي يروج البعض لعودته بسوء نية, وبما يؤشر إلى أمنياتهم السوداء, ويفضح شر نفوسهم, متجاهلين الاتفاقية الامنية المعقودة بين البلدين.الارهابيون يحاولون منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر, وقبل أن يكتمل الانسحاب الاميركي تصعيد عملياتهم, لكن جيش العراق وقواته الامنية لايقفون مكتوفي الايدي, وإذا كان البعض يظن بأن الانسحاب سيتيح لدول إقليمية التدخل واحتواء الفراغ الامني، أو يهجس بإمكانية نزول مسلحين منفلتين للسيطرة على الشارع, فهو واهم, لان تلك الهواجس لا تجد لها صدى عند الناس, وان كان البعض عن هوى, يشك في إمكانية وجهوزية المؤسسة العسكرية, في ظل عدم تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية, فانه ينطلق من وهم أن عدم سيطرته على مقدرات البلاد سيخل بالمعادلة الامنية لصالح قوى الارهاب الظلامية. القوات الاميركية ستظل موجودة في العراق أو على حدوده, أو تكون في قواعدها المنتشرة في العراق والكويت وتركيا وقطر والامارات, وهي لم تحارب وتفقد آلافا من الجنود لتترك بلاد الرافدين فريسة فراغ أمني, ولن تترك المنطقة قبل ضمان بناء دولة مستقرة، تحقيقاً لاستراتيجية ابتدأت خطواتها الاولى باسقاط نظام صدام, وهي غير مرتبطة بهذا الرئيس أو ذاك, وانما بمصالح واشنطن, أما المخاوف التي يروج لها البعض فانها ليست أكثر من تعبير عن رغبات لتبرير عودة الفوضى لتتسيد الشارع, لتسويغ استمرار بعض القوى المسلحة الحامية لبعض الذين لاقيمة لهم ولا قدرة بغير تلك الحماية. القوات المقاتلة لن تنسحب من الديوانية, لضمان السيطرة التامة على الفرات الاوسط, تحسباً لاي طارئ، خصوصاً وأن لدى الاميركيين معلومات حول أنشطة المسلحين المرتبطين باجندات بعض دول الجوار, وهم بالتأكيد لا يريدون أن تسوء الامور في الفرات الاوسط أو الجنوب, بعد ضمانهم للاستقرار في إقليم كردستان, وهم يعلمون أن انسحابهم الكامل قد يشجع الميليشيات على العودة إلى الشارع، وفي هذه الخطوة ما يؤكد أن الانسحاب يتم تحت شرط حفظ الامن, والثقة أن القوات العراقية قادرة على ذلك, وبذلك فان المخاوف الصادرة عن البعض ليست تعبيراً عن حالة الحرص على أمن البلاد والعباد, بقدر ما هي تعبير عن مخاوف من فقدان زمام الامور الذي تعتقده مربوطاً بيدها.القاعدة وبقايا الصداميين ينشطون ويغيرون أساليب عملياتهم الارهابية على أمل إثبات الوجود, وهو ما يرتب على القوات العراقية تغيير استراتيجيتها لمواجهة مخططاتهم. والمؤكد أنه ليس هناك أمام القوات العراقية غير التصدي للارهابيين, ومنعهم من تنفيذ خططهم الجهنمية التي تستهدف المواطنين العراقيين الابرياء, ولسنا سذجاً لنتعامى عن ازدياد عمليات الارهاب هذه الايام, لكننا على ثقة أنها إلى زوال, ما دام العراقيون يؤمنون بحقهم في بناء وطنهم مجدداً على أسس الديمقراطية والتعددية والمساواة والعدالة.
نقطة ضوء :الانسحاب والإرهاب
نشر في: 31 أغسطس, 2010: 07:57 م