اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > من يهيمن على الآخر: اللغة أم الكتّاب الناطقون بها؟ .. الكتاب الناطقون باللغة الفرنسية..على مفترق طرق اللغات.!

من يهيمن على الآخر: اللغة أم الكتّاب الناطقون بها؟ .. الكتاب الناطقون باللغة الفرنسية..على مفترق طرق اللغات.!

نشر في: 21 فبراير, 2024: 12:09 ص

ترجمة: عدوية الهلالي

يبدو تحديد جوهر الأدب الناطق بالفرنسية بسيطًا للوهلة الأولى، إنه بالفعل أي أدب تم إنتاجه بالفرنسية، ولكن خارج الأراضي الفرنسية.

وبالتالي، يتم ايجاد الآداب باللغة الفرنسية في إفريقيا والمغرب العربي وجزر الهند الغربية أو حتى كيبيك وبلجيكا أو سويسرا الناطقة بالفرنسية.

ومع ذلك، فإن وضع الكتاب الناطقين بالفرنسية أكثر تعقيدًا، ويثير اختلافات أخرى غير التحول الجغرافي الوحيد إذ يقع الكتاب الناطقون بالفرنسية بالفعل على مفترق طرق اللغات. وتواجه جميع البلدان الناطقة بالفرنسية حالة حيرة، حيث يوجد تعايش بين عدة لغات، بما في ذلك الفرنسية. وهكذا تنافس الفرنسية في الجزائر اللغة العربية. وفي البلدان الأفريقية، هناك لغات أو لهجات مختلفة بالإضافة إلى الفرنسية كما في جزر الهند الغربية، حيث يتنافس الفرنسيون مع الكريول أي الأشخاص المولودين محليًا من آباء أجانب.

لذلك يجب على الكاتب الناطق بالفرنسية أن يختار من بين تعدد اللغات التي يواجهها. تقول الكاتبة الجزائرية الناطقة بالفرنسية آسيا جبار: "في التاسعة عشرة من عمري، شعرت أن لدي ثنائية اللغة وكأنني عرجاء مع وجود كلتا ساقي".

"لدينا لغتان هنا إذن بالنسبة لأدباء الفرانكفونية، واحدة جيدة لكننا ربما نستخدمها بشكل سيئ لأنها ليست لغتنا؛ والأخرى التي من المفترض أن تكون مليئة بالأخطاء ولكننا نستخدمها بشكل جيد لأنها لغتنا " كما تقول آسيا جبار.

وما يجعل الكاتب الناطق بالفرنسية رمزا أدبيا هو حقيقة اختيار الكلمة الصحيحة، وخلق لغة قادرة على ترجمة المشاعر فهو يتحدث بلغته الخاصة. ويكتب بلغة أجنبية. ويعيش الكاتب الناطق بالفرنسية هذا الوضع بطريقة أكثر تأثيراً، حيث ينبغي عليه الاختيار بين ثلاث حالات مختلفة: لغة الحياة اليومية – ولغة مزدوجة – ولغة الولادة. لذلك يمكننا تطوير نهج للأدب الناطق بالفرنسية يعتمد على التفكير في اللغة.وفي الواقع، يضع هذا الأدب الرومانسي موضوعًا للعلاقة الإشكالية مع اللغة، والتي تصبح أحيانًا القوة الدافعة الرئيسية للكتابة.وهناك العديد من المواقف المحتملة عند مواجهة وجود عدة لغات.

ففي البلدان التي استعمرتها فرنسا، تكون العلاقة باللغة الفرنسية أحيانًا مصدرًا للتفكير في الجانب الأخلاقي للثقافة لأنها رمز لشعب خضع لتجارب دموية. وهكذا، يستكشف بعض الكتاب أحيانًا في كتاباتهم وعي الناس ببربرية ورفض اللغة الفرنسية المرتبطة بها.

وتقول آسيا جبار: "أدركت، منذ لحظة معينة، أن اللغة الفرنسية هي لغتي التي أفكر بها، وبها يمكن أن يكون لدي أصدقاء، وأن أتواصل مع الآخرين، ولكن بمجرد ظهورالعاطفة والرغبة، تصبح هذه اللغة منبوذة في داخلي ".

لكن غالبية الكتاب يذهبون إلى ما وراء هذه اللغة إذ يصبح الإبداع الأدبي وسيلة للتوفيق بين اللغتين. وبالتالي، فإن أحد عناصرالأدب الناطق بالفرنسية يهدف إلى الجمع بين لغتين معًا حتى لا يتم إنشاء تسلسل هرمي بينهما. ويعكس العمل الأدبي التعايش، في حياة المؤلفين، لعدة لغات: وفي مواجهة استحالة اختيار لغة دون أخرى، يخترع البعض لغة جديدة، وهي لغة الولادة، مما يسمح بالتوفيق بين جانبين من نفس الشخص أو نفس الثقافة.

يقول الشاعر الكندي الناطق بالفرنسية من الكيبك جاستون ميرون: " أحيانًا أجد نفسي، مثل شخص منبوذ، في مدى لغتي واتساعها ". لذلك فإن وضع الناطق بالفرنسية هو في نفس الوقت مرادف للخسارة، والهدر، ولكن أيضًا وقبل كل شيء يتوافق مع الاختراع، والإبداع، وتنشيط الخيال.

لقد كان ظهور الأدب الناطق بالفرنسية حديثاً نسبياً في تاريخ الفن: إنه أدب شاب، ولكن يمكننا من خلاله تحديد مراحل مختلفة، بالإضافة إلى التوزيع الجغرافي البسيط (الذي يسمح بتصنيف محتمل آخر).حيث يتبع هذا التطور العلاقة التي حافظ عليها الكتاب مع اللغة الفرنسية.

وفي هذه الحالة، يتم فهم اللغة الفرنسية كلغة نبيلة يتم تقليدها أو تبنيها على حساب اللغة الأخرى كما هو الحال لدى الكتاب الافارقة، فاللغة الفرنسية هي بالنسبة لمعظم البلدان الناطقة بالفرنسية لغة المستعمر وتعتبر أحيانًا لغة الثقافة التي تجعل من الممكن الوصول إلى العالمية (وفقًا للشاعر السنغالي سنغور) فهو يقول: " يجب أن نحارب التعديلات عندما لا تنسجم مع الخصائص الأساسية للفرنسية"

و"اللغة الفرنسية هي في نفس الوقت قوة دافعة للإنكار والتجمع" كما يرى الروائي الجزائري كاتب ياسين الذي ينصح أحد ابطال رواياته ابنه، في خطاب يشوبه ندم مريرقائلا: "اترك العربية الآن. لا أريدك، مثلي، في الأوقات العادية، كان بإمكاني أن أكون مدرس الأدب الخاص بك، وكانت والدتك ستفعل الباقي. لكن إلى أين يمكن أن يقود هذا التعليم؟ اللغة الفرنسية هي المهيمنة. عليك أن تهيمن عليها، وتترك وراءك كل ما غرسناه فيك في طفولتك الأكثر رقة. ولكن بمجرد أن تتقن اللغة الفرنسية، يمكنك العودة معنا بأمان إلى نقطة البداية ".

بينما يقول الشاعر الافريقي تشيكايا يو تام سي من الكونغو: "اللغة الفرنسية تستعمرني وأنا أستعمرها بدوري، مما ينتج عنه في النهاية لغة أخرى". ويؤدي هذا إلى تطوير شاعرية أصلية يمكن توجيهها بطرق مختلفة والتأكيد إما على الخلق اللفظي (إنشاء مصطلحات جديدة تجمع بين الفرنسية واللغة الأخرى - أو ببساطة دمج المصطلحات غير الفرنسية في النص الفرنسي)، أو محاولة العثور في اللغة الفرنسية على "ظل اللغة المفقودة"، من خلال أصوات اللغة الأصلية وهنا يصبح عدم الراحة في ثنائية اللغة مصدرًا للخصوبة الأدبية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram