عبدالله السكوتي واصل هذه الحكاية ان احدى العشائر، انتفضت على الحكومة العثمانية، فسارت اليهم سرايا عديدة من الجيش، وحاصرتهم في قلعة يتحصنون بها، ويسمونها (باهيزه)، ولما ضاق الحصار على القبيلة، اقترح بعضهم إجراء مفاوضات مع قائد الجيش العثماني،
تمهيدا للاستسلام، ورفض البعض منهم هذا الاقتراح، لتستمر المناقشات حامية جدا، ثم نهض احدهم، وامسك بندقيته بيمناه، ورفعها وهوّس:(شرناهه وعيّت باهيزه)، يعني أننا استشرنا القلعة باهيزة، في أمر الاستسلام، فعيّت اي رفضت وابت، فبعثت هذه (الهوسه) الحماسة في قلوب الجميع، فاتفقوا على الاستمرار في المقاومة، وتحملوا الحصار، حتى ملّ الجيش العثماني البقاء، وفكّ حصارهم. هذه قبيلة واحدة استثارت هممها (هوسة)، قالها فرد منهم، فاقنع الجميع بالثبات والمقاومة، فماذا جرى كي تتحكم عصابات القاعدة ومن سار على نهجها بمنايانا ومصائرنا، احدهم قال: ان الناس كانت تتبع سجاياها وغرائزها بالدفاع عن انفسها وارضها، ونحن الآن تحولنا الى نظريات الشك والتشكيك، حتى لم نعد نميز العدو من الصديق، وهذا بسبب التشويش الاعلامي الذي يوجه بحسب افكار المشرفين عليه، ليصبح رمضان شهر المسلسلات التي تسقط الجميع دون اشارة الى الارهاب والقاعدة. من المؤكد انه من غير الممكن ان نعود الى قبائل وعشائر تحصن نفسها بالقلاع، او بالحواجز الطبيعية، لقد سكنّا المدن وطلبنا من القانون حمايتنا بعد ان اغرانا هو بالمدنية والتحضر، لكن اجدادنا لم يحسبوا حساب هذه السنوات العجاف التي تسلطت بها القاعدة على رقابنا، دون ان نمنح فرصة الدفاع عن انفسنا تحت اعتبارات عديدة، منها اننا غير مسلحين، ونحن طلبة وموظفون، ونحن نجنح للسلام بعد ان خضنا الحروب المتعددة وتعبنا، ومنها اننا نريد ان نبني الانسان، ولكن للاسف نصطدم دوما بمعاول الجماعات المتخلفة. ما ارقني وجعلني ارثي البعض قبل موتهم، تحذيرات القاعدة التي وقتتها في نهاية شهر رمضان المبارك، وتأييد القوات الامنية من ان هناك عددا من السيارات المفخخة تريد ان تنشر الحزن والموت، متزامنة مع حلول العيد، ما يعني ان النظام الاستخباري بدأ يعمل بصورة صحيحة، ومن المؤكد ان حلقة اخرى مفقودة في متابعة الاهداف من قبل القوات الامنية. ان القاعدة تتمثل التاريخ ثانية على نظريات الخوارج، الذين نادوا لاحكم الا لله، وكأن الانسان الذي ورث الارض غير مؤهل لممارسة الحكم فيها، وجينات هؤلاء الوراثية تجبرهم على القتل والموت، انهم ابناء الصحراء المنبوذون والذين قاوموا نشوء الدولة والمدينة بمنطق السبايا التي تحمل من بلد الى آخر، ليترنم الشعراء بالانتصار الذي يستطيعون به قطع رؤوس الاسرى بحضرة الخليفة ومن ثم، يتندر احدهم على الآخر بانه لم يستطع قطع رأس العلج، فيدافع عن نفسه ان السيف نبا وليس الساعد. انه عداء للحضارة، ولو اتيح المجال لهؤلاء لدمروا كل شيء، باسم العودة الى الجذور والحكم بشرعهم الذي لايؤيده دين او مذهب، سوى العقليات الشريرة التي يستحضرونها، لتكون منهاجهم نحو التبشير بدين الدماء والقتل والترميل، انهم يصادرون الحياة بلا مبرر، ويا لسذاجة البعض حين يقارن بين انسحاب اميركا، ونشاط القاعدة الاخير، في حين ان ايديولوجية القاعدة لايمكن ان تؤمن بالشراكة مع احد الا اذا تحالف معها على التخلف والانحطاط.
هواء فـي شبك :(شرناهه او عيّت باهيزه)
نشر في: 31 أغسطس, 2010: 09:16 م