يوسف أبو الفوز 1-2في مجلة "رسالة العراق" الشهرية ، التي كانت تصدر في لندن ، قبل سقوط النظام الديكتاتوري ، وفي العدد 35 تشرين الثاني 1997 ، كتبت ساخرا ، بأني مكتشف "مكرمة" مجهولة من مكرمات الديكتاتور العراقي صدام حسين،
الا وهي دخول العراقيين مادة في السينما الغربية ، بحيث صرنا نسمع هناك كلمات عراقية كنا نعتقدها حكرا على شعب "الشكو ماكو" ! لكن الامر بات يتعدى السخرية بكثير، أذ صار واقعا يترسخ ويتوضح يوما بعد اخر ، فقد راحت تتسع هذه الموضوعة كميا ، لتكون الشخصية العراقية ، وأحداث العراق عموما ، طرفا بارزا في أحداث وثيمات الدراما الغربية ، سينما وتلفزيون ، خصوصا الأمريكية، وتتسع مساحتها وتتغير نوعيتها ارتباطا بالكادر الفني للعمل ، بدءاً بكاتب النص ومرورا بالمنتج وصولا إلى المخرج ، وان جدية وسطحية التناول هنا ترتبط بالموقف الفكري لفريق العمل من القضايا المطروحة والتي يحملها العمل الفني . هكذا شاهدنا في العقدين الاخيرين أعمالاً درامية أمريكية حاولت ان تنصف شيئا مما يتعلق بالعراق وشخصية العراقي ، وعموما شخصية الإنسان العربي والمسلم، وهذا الأمر لم يأت بشكل مفاجئ بقرار سياسي من جهة ما عليا ، وأنما تطلب سنين طويلة ليترسخ و يتوضح ارتباطا بمتغيرات العوامل السياسية والاجتماعية والفكرية ، وأساسا التطورات والتغيرات في هوليوود ذاتها ، فالرأسمال الصهيوني والفكر اليميني والعنصري ظل لفترة طويلة ، وبحماية من مؤسسات الدولة وبدعم سياسي رسمي وشبه رسمي ، مسيطرا على ما ينتج ويخرج من ستوديوهات هوليوود الى شاشات العالم، وبالتالي ولسنوات طويلة ظلت الدراما الامريكية تتعامل مع الشرق عموما، والعراق بشكل خاص ، من خلال أجواء الف ليلة وليلة والاساطير البابلية والسومرية ، وتقدم عنه صورة نمطية تتسم بالتخلف والجهل والشر، وفي البال أفلام مثل "حرامي بغداد"، ابتداءً من نسخة المخرج الأمريكي "راؤول والش" (1887ـ 1980) ، المعروف باخراجه أفلاماً لصالح اسرائيل !! ، واخرج نسخته من " لص بغداد " عام 1924 ، وما تبع ذلك من نسخ أخرى لمخرجين آخرين سواء للتلفزيون او للسينما ، وفيلم "التعويذة" لوليم فرايدكن (مواليد 1935) اخرجه عام 1973 ، ويذكر ان مشاهد من هذا الفيلم صورت في مدينة الحضر الاثارية التي تبعد حوالي 70 كم جنوب غربي مدينة الموصل ، هذا اذا لم ننس الصورة الكاريكاتيرية للعربي وحريمه وجماله ـ بكسر الجيم ـ وأموال النفط وليالي السلاطين والامراء الباذخة التهتك ، وفي البال ايضا تلك الاعلانات المعروفة في اسفافها عن العرب والمسلمين والعراقي من ضمنهم بالطبع . في العقود الاخيرة ، وفي هوليوود وعموم ستوديوهات الغرب ، كُسر ـ بضم الكاف ـ احتكار الإنتاج من قبل الشركات التقليدية المعروفة ، الخاضعة للفكر الصهيوني او الفكر اليميني والاستعماري ، الرسمي وشبه الرسمي ، الذي يستهين بشعوب ما عرف بالعالم الثالث ، وظهر منتجون مستقلون ، وأسس العديد من المخرجين شركات انتاج فنية خاصة بهم ، وأنتجوا أفلاما نجحت تجاريا ، وصاروا يتحكمون بالمواضيع الفكرية التي يتناولونها ، واختيار فريق العمل الذي ينسجمون معه ، وبدأت الأفكار الليبرالية والموضوعية تتسلل الى الدراما الامريكية . صارت العديد من الاعمال الفنية تتعامل مع الاوضاع العالمية بروح مختلفة ، يسودها البحث الموضوعي المحايد في الاحداث السياسية والتأريخية ، وبدأ تناول موضوعات مثل الاسلام والعرب يتم من زوايا فيها إنصاف كبير بعيدا عن الصورة النمطية والموقف المتشدد والمنحاز مسبقا ضد الاسلام والعرب ، وبرزت روح السعي للتحلي بالموضوعية ، وفهم الصراعات بعيدا عن منطق الوصفات الجاهزة التي ترسخت عميقا في ذهنية الثقافة الغربية التي اتسمت بالاستعلاء على الشعوب خلال فترات الاستعمار ونهب خيرات الشعوب ، والمرتبطة بالموقف الرسمي الحكومي او موقف المؤسسات الرأسمالية . وبالرغم من احداث 11 أيلول/ سبتمبر في 2001 ، التي وعند قطاع معين من العاملين في وسائل الاعلام والاوساط السياسية والدراما ربطت بشكل مباشر ما بين الارهاب والاسلام، وارتباطا بذلك وعلى أساسه تم أنتاج افلام ، نجح بعضها تجاريا ، حاولت مواصلة تكريس صورة المسلم الشرير والاساءة الى نضالات الشعوب ، خصوصا القضية الفلسطينية ، والتي سادت في العديد من افلام ما قبل احداث 11 سبتمبر ، امثال فلم "اكاذيب حقيقية " 1995 من اخراج الشهير جيمس كاميرون، الذي اساء في فلمه هذا كثيرا للقضية الفلسطينية . وظهرت بعد احداث سبتمبر افلام اخرى مشابهة مثل فيلم "قمة كل المخاوف" اخراج فيل ادلن روبنسن 2002 ، وفيلم "تاجر الحجارة" عام 2006 للمخرج الايطالي رينزو مارتينيللي وأنتاج امريكي ، وغيرها من الافلام ، الا انه وكما اسلفنا فأن هناك فهما اخر بدأ يظهر ويتعزز ويربط الارهاب بالتطرف الديني ويحاول ان يقدم صورة معقولة للاسلام والمسلمين ، وبدأت شخصية المسلم تلعب دورا محوريا أيجابيا في العديد من الاعمال الدر
الشخصية العراقية فـي الدراما الامريكية.. مسلسل الضياع نموذجاً
نشر في: 1 سبتمبر, 2010: 05:39 م