وائل نعمة وقف يترنح يمينا ويسارا حين فتحت أبواب "الباص "، لم يستطع ان يجد مدخل السيارة بسهولة،على ما يبدو انه تناول جرعات مضاعفة من المخدرات او شيئاً من هذا القبيل، الملفت في الأمر انه قبل ان يصعد سحب نفساً طويلاً من السيجارة كأنه لن يراها مرة أخرى واخرج الدخان بشكل كثيف وعلى الرغم من انه شبه مخدر الا انه رماها على الأرض ومن ثم صعد الى "الباص ".
ظل هذا المشهد بمخيلتي وتذكرت والسيارة تسير بين الأشجار البيضاء التي غطتها الثلوج مشكلة التدخين في "الكيا " والامكان العامة في بلادنا، سيما في الصيف مع ارتفاع درجات الحر ارة وحشر الركاب في سيارات النقل الصغيرة حيث يبادر احدهم بإشعال "سيجارة " دون ان يعير اي اهتمام للراكبين، حتى لو علت الأصوات ضده فاكثر ما يفعله ان يخرج "السيجارة " من النافذة، لكن الدخان بالتأكيد لن يكون في الخارج فقط! والحال ينسحب على الدوائر الحكومية والمستشفيات والعيادات الخاصة والمحال التجارية، وقارنتها مع الرجل الذي لم يدخل الى "الباص " الا بعد ان تخلص من السيجارة، ربما كان الأمر بسبب اللوحة التي كتبت باللغة الروسية في وسط السيارة "ممنوع التدخين غرامة 300 روبل " بما يساوي 10 دولارات، لكن هناك الكثير من الأماكن لا توجد فيها علامات تحذير من التدخين ولا توجد إشارة إلى غرامات مالية ولا رقيب او شرطي ورغم ذلك لا يجرؤ احد على إشعال "سيجارة ".rnأرقام مخيفة في العراق وحسب تقارير من منظمة الصحة العالمية تشير الى ان العراقيين يستهلكون مليار علبة "سجائر" سنويا، تبلغ حصة كل فرد منها 1200 "سيجارة"، وتشير الأرقام والإحصائيات في التقرير السنوي الصادر عن المنظمة ان هناك ملياراً وثلثمائة مليون مدخن في العالم يتوفى منهم ما يقرب من خمسة ملايين سنوياً، 70% منهم في الدول النامية، ما يجعل من ظاهرة التدخين مشكلة عالمية تتفاقم يومياً.كما ان العراق كان من الدول الأوائل التي اهتمت بضرورة تنظيم ظاهرة التدخين والحد من انتشارها حيث بدأت منذ العام 1939 بإصدار قانون" انحصار التبغ" وهو قانون ينظم عمليات بيع وشراء وطرق زراعة التبغ في العراق، لكن هذا القانون و التنظيمات الأخرى التي ظهرت لم تستطع ان تسيطر على اتساع دائرة التدخين وانتشارها بين الأوساط المختلفة حتى دخل في حلقتها المراهقون والأطفال.وزارة الصحة من جانبها أعدت مجموعة من التدابير للحفاظ على طلاب المدارس بالخصوص من الانجرار الى التدخين وعقدت ندوات وأشركت معلمين ومدرسين في دورات تثقيفية وتوعوية لأجل التقليل من هذه الظاهرة.وبما ان التدخين أصبح ظاهرة خطيرة على صحة الإنسان بالنسبة للمدخن ولغير المدخن أيضاً وتنطوي على سلوكيات اجتماعية غير مرغوبة في مجتمعنا سيما فيما يتعلق بالأطفال والمراهقين , لذا يدعو الكثير من الأطباء والاختصاصيين وحتى المواطنين المتضررين الى محاصرة المدخن لهم في سيارات النقل وفي الأماكن المغلقة مع ضرورة حظر التدخين في الأماكن العامة.rnمنع الاستيراد والتثقيف يشير عدد من الاقتصاديين الى ان عدم وجود ضريبة في العراق خاصة على السجائر الداخلة الى البلد تزيد من عشوائية البيع والتدخين حيث يقول " محمد عرفان " باحث اقتصادي " هناك الكثير من الأنواع الرخيصة والرديئة من السجائر التي تسبب الأمراض والأضرار الصحية أكثر من الأنواع المعروفة، حيث تباع العلبة بـ 500 دينار او اقل من ذلك، في المقابل تباع في الدول الأخرى بأسعار مرتفعة قد لا تقل عن الـ 15 دولاراً "، ويجد الباحث ان فرض الضرائب ورفع سعر السجائر سيؤدي ولو بشيء بسيط الى الحد من انتشار التدخين خصوصا عند الأطفال والمراهقين الذين سيجدون صعوبة بالحصول على الأموال الكافية لاقتناء علبة سجائر." حارث اللامي "، ناشط في حقوق الإنسان، يقول " ان القوانين الشكلية لحظر التدخين لا تمنع العراقي من تعاطيها ولايتم ذلك الا بالتضييق عليه بمنع الاستيراد والاكتفاء بالصناعة المحلية للسجائر، ويجب توفير قاعدة إعلامية ودعائية كبيرة للحد من التدخين وفرض الغرامة على مخالفي التعليمات،على ان نضمن التزام المراقبين قبل مطبقي القانون، وذلك يتطلب سنوات من الإعداد والجهد للوصول إلى النتائج المرجوة ونحتاج الى الخطوة الأولى التي تبدأ بمنع الاستيراد." رفض وقبول حظر التدخين يقول (حيدر كاظم) 18 عاما، انه بدأ التدخين في سن مبكرة و كان يمارسه بشكل سري، وبسبب رفضه ترك التدخين بعد ان اعتاد عليه يقف بالضد من نظام حظر التدخين، حيث يقول "انا لا استطيع التدخين ألا في الأماكن المغلقة وسيارات النقل العام لأني لا استطيع ان افعل ذلك في البيت لأنهم يرفضون وبشدة ".في المقابل شاب آخر في بداية العشرينيات يؤكد ضرورة حظر التدخين في الجامعات ومؤسسات الدولة كما الحال في الجامعات العالمية، ويقول أيضاً " حين نحث الطلاب في الجامعات مثلا على الإقلاع عن التدخين واحترام الآخر من غير المدخنين في المقابل يجب ان نمنع الأساتذة من&nb
منظمة الصحة العالمية: العراقيون يستهلكون مليار علبة "سجائر " سنوياً
نشر في: 1 سبتمبر, 2010: 05:43 م