TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > فلسطينيان.. أحبا العراق وأبدعا فيه

فلسطينيان.. أحبا العراق وأبدعا فيه

نشر في: 26 فبراير, 2024: 11:25 م

د. قاسم حسين صالح

والفلسطنيان هما (الدكتور علي كمال و جبرا ابراهيم جبرا) هاجرا الى العراق وخدماها.. علما وثقافة لأكثر من أربعين سنة. والمفارقة ان كليهما ولدا متقاربين (علي 1918 وجبرا 1919) وتوفيا متقاربين (علي 1996 وجبرا 1994) بعمرين متقاربين ايضا! (78 و 75) سنة.

سنخصص هذه الحلقة للتعريف بجبرا فنقول انه ولد في بيت لحم بفلسطين(28 آب 1919) وتلقى علومه الابتدائية في "مدرسة السريان الأرثوذكس"،ثم انتقل مع عائلته سنة 1932 إلى مدينة القدس، حيث تابع دراسته في "المدرسة الرشيدية"،ودرس فيها اللغة العربية، انتقل بعدها إلى "الكلية العربية" ودرس فيها قرابة أربع سنوات.

وفي عام 1939أوفدته دائرة المعارف الفلسطينية في بعثة إلى إنكلترا، ودرس لبضعة أشهر في جامعة أكستر، ومنها انتقل إلى جامعة كامبردج لدراسة الأدب الإنكليزي، ونال فيها سنة 1943 شهادة بكالوريوس في الأدب الإنكليزي،وعاد إلى القدس ليعُيّن أستاذاً للأدب الإنكليزي في "الكلية الرشيدية"،ويترأس "نادي الفنون" (The Art club) الذي أسسه في "جمعية الشبان المسيحية في القدس" وتابع دراسته بالمراسلة ونال شهادة الماجستير في الأدب الإنكليزي من جامعة كامبردج سنة 1948.

هجرته الى العراق

في العام 1948 نسفت القوات الصهيونية عدداً من المنازل في حي "البقعة" العربي بالقدس الذي كان يسكنه فلجأ مع والدته وأخوته إلى بيت لحم ومنها هاجر بنفس السنة الى بغداد، وتم تعينه أستاذاً محاضراً في "الكلية التوجيهية"، ثم في "كلية الآداب والعلوم" التي أُنشئت في العام 1949. وأسس في العام نفسه مع زميل بريطاني له قسم الأدب الإنكليزي في هذه الكلية، وكان يحاضر في " دار المعلمين العالية"، وفيها تعرف على الآنسة لميعة (ابنة الزعيم العراقي جعفر باشا العسكري) التي كانت تحاضر معه بنفس الدار لتصبح شريكة حياته عام 1952،وليصبح هو مسلما!

عقل متعدد المواهب

في العام 1951، شارك جبرا مع النحات والرسام العراقي جواد سليم في تأسيس "جمعية بغداد للفن الحديث". وبعد عودته من زمالة في في النقد الأدبي بجامعة هارفرد عام 1954، عيُّن في دائرة العلاقات العامة في شركة نفط العراق (IPC) ثم مديراً لدائرة مواصلات الإدارة والمستخدمين، ثم دائرة المنشورات في الشركة نفسها. واستمر في إعطاء المحاضرات في "كلية الآداب والعلوم" بجامعة بغداد حتى سنة 1964، لينقل في سنة تاميم النفط العراقي(1972) إلى شركة النفط الوطنية العراقية رئيساً لمكتب الإعلام والنشر والترجمة، وفيها أنشأ مجلة "النفط والعالم"،و ترأس بين سنتي 1980 و1983 هيئة تحرير مجلة "فنون عربية"، التي أصدرتها "دار واسط" في لندن، و "رابطة نقاد الفن في العراق" لتكون محطته الأخيرة.. مستشاراً ثقافياً في وزارة الثقافة والإعلام عام 1977، حتى تاريخ تقاعده عام 1984.

ليس هذا فقط بل ان جبرا كتب القصة، والرواية، والشعر، والمقالة، والمسرحية، وانشغل بالنقد الأدبي، وأتقن الرسم، وأبدع في الترجمة عن الإنكليزية في حقول الرواية والشعر والمسرحية والنقد بشكل خاص. وتُعد ترجماته لبعض أعمال وليام شكسبير من أروع الترجمات إلى العربية وأدقها، وقد تُرجم عدد من كتاباته إلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية.

اللقاء بجبرا

في ثمانينات القرن الماضي، كانت تصدر مجلة عراقية رصينة يكتب فيها النخبة من العراقيين والعرب هي (فنون عربية). وكنت يومها جالسا بمكتب سكرترير تحرير المجلة الشاعر بلند الحيدري (توفي في لندن عام 1996)..وجاء جبرا فقال له بلند: كنت قد سألتني عن كاتب المقالين (الأبداع في الفن عند فرويد وأثره في السريالية، وغوغان..تحليل سيكولوجي لشخصيته واعماله).. أعرفك به..استاذ قاسم.

كانت من اروع لحظات حياة شبابي ان يصافحني جبرا الكبير..وكان له تاثير كبير في ان تصدر لي وزارة الثقافة اول كتاب لي بعنوان (الأبداع في الفن) الذي تعددت طبعاته وما يزال مطلوبا بعد اربعين سنة على صدوره.

جبرا ابراهيم جبرا.. العقل الأستثنائي في تعدد المواهب.. عشق العراق ومات فيه(12 كانون اول 1994)..ودفن فيه بقبر مجهول يفترض فيه ان يكون مزارا للمثقفين.. وتلك مهمة وزارة الثقافة، فهل ستستجيب؟!.

الشكر والتقدير لمؤسسة المدى التي استذكرته في امسية جميلة من امسيات معرض العراق الدولي للكتاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. أ.د. امين عبد الحسين ملك/كندا

    زوجه جبرا السيده لميعه ليست ابنه جعفر باشا العسكري بل ابنه اللواء محمد برقي العسكري شقيق الفريق بكر صدقي العسكري. راجع لطفا صفحه 110 من كتاب شارع الاميرات للاستاد جبرا. وشكرا علئ المقاله الشيقه عن المبدع الجميل وعاشق بغداد جبرا ابراهيم جبرا.

  2. د.سجاد حنتوش

    بوركت استاذ لهذا الاستذكار لتلك القامات الثقافية

يحدث الآن

تعطيل الدوام غداً في ذكرى النصر على داعش

الخطوط العراقية: 1523 رحلة و214 ألف مسافر خلال تشرين الثاني

العدل: تأهيل 3000 حدث خلال عامين وتحديث مناهج التدريب وفق سوق العمل

إيران تكشف لغمًا جوّيًا يصطاد الطائرات المسيّرة من السماء

هيئة الرصد تسجل 8 هزات أرضية في العراق والمناطق المجاورة خلال أسبوع

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram