TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عمّاذا يقاتل جنودنا في طوزخورماتو؟

عمّاذا يقاتل جنودنا في طوزخورماتو؟

نشر في: 26 نوفمبر, 2012: 08:00 م

برغم حذري الشديد ومشيي المتأني للغاية لم أستطع أن أقطع مسافة الثلاثين متراً من الباب الرئيس لكراج النهضة إلى محطة الانتظار الخاصة بسيارات كركوك والسليمانية وأربيل من دون أن يتسخ حذائي على نحو تراجيدي ويتبلل بنطلوني في اليوم التالي ليوم مطير في بغداد.

الكراج، كما العاصمة كلها، كان يوم الجمعة الماضي، وهو يوم سفرنا إلى أربيل، الزميل سرمد الطائي وأنا، في حال لا تسرّ حتى العدو، فمطر أول الشتاء حوّل بغداد إلى مستنقع اختلط فيه الطين بالقمامة الطافية والمياه الآسنة الراكدة التي لا تجد منفذاً لتتصرف.

ونحن في الانتظار قال سرمد: لو يجيء هادي العامري (وزير النقل) إلى هنا ماذا سيقول لنفسه وهو يتذكر الكراجات الفسيحة المرتبة والنظيفة في طهران التي عاش فيها ردحا طويلاً من الزمن؟ بماذا إيران أحسن منا ليكون أهم كراج في البلاد بهذه الحال البائسة؟

ولم تكن الطريق من النهضة إلى حدود العاصمة أفضل حالاً من الكراج أو شارع الشيخ عمر.

في المقابل وفي يوم العودة من أربيل (الأحد) كان المطر ينهمر بغزارة لافتة .. بعض الشوارع تحولت جزئياً إلى جداول يتدفق فيها الماء بقوة وسرعة لكنه لم ينحبس بفضل شبكة التصريف، بيد أن احدهم لم يعجبه أن يتجمع الماء في ذرة الهطول المطري فعلق قائلاً: انه الفساد الذي يجعل شبكة التصريف لا تبتلع المطر في الحال.

مع المطر أصبحت أربيل أنظف وألوانها أكثر إشراقاً بخلاف بغداد التي يكون المطر بلاء عليها كما بلاء الجفاف.

في الطريق من أربيل إلى مصيف صلاح الدين كان سرمد الطائي يسأل السائق باندهاش واضح وهو يلتفت يمنة ويسرة ويشير إلى المباني والمشاريع ومخططات المشاريع: ما هذه؟ مشاريع؟ يجيب السائق بإيجاب متحدثاً عن معامل وفنادق ومجمعات تسويقية. ويعود سرمد ليسأل نفسه هذه المرة: "لعد شبينا؟ ليش ما نصير مثلهم؟ وين تروح المئة مليار دولار سنويا؟".

قلت لسرمد: هل تعرف أن الكرد عندما ثاروا على الحكومات العراقية لم يكن لديهم أي شيء.. لا شيء غير الجبل وبيوت الحجر.. اخترعوا البيشمركة الذين استبسلوا من أجل الحصول على الاعتراف بقوميتهم. الآن لديهم أسباب أكثر قوة للاستبسال. هذا النعيم الذي تفصح عنه الأبنية والمشاريع والشوارع النظيفة والمولات والأمن سيكون دافعاً قوياً لهم للتضحية. ولكن السؤال: عماذا سيقاتل ويدافع الجنود الذين أرسلتهم حكومتنا الى تخوم كردستان ورأينا بعضهم مع دباباتهم في الطريق على مشارف طوزخورماتو؟ أعن بحيرات الطين المخلوط بالقمامة الطافية والمياه الآسنة التي تجتاح مدننا وقت المطر؟ أم عن الكهرباء المقطوعة؟ أم عن الفساد المالي والإداري؟ أم عن البطالة؟ أم عن الحصة التموينية البائسة التي استكثرتها الحكومة علينا؟ أم  سوء الخدمات العامة وبخاصة الصحة والتعليم؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. البياتي

    الاخ ابو فرح المحترم ..لاتظلموا السيد هادي العامري فلقد وقع عقد تطوير كراج النهضة مع شركة امارتتيه واستلم عمولة مقدراها مليارين من الدنانير العراقيه دفع نصف المبلغ له مقدما أي مليار دينار عراقي..علما ان طريقة الاحالة بطريقة الدعوة المباشرة في العراق يجب ا

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram