اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مغادرة المستقبل

مغادرة المستقبل

نشر في: 1 سبتمبر, 2010: 06:12 م

. مهدي صالح دوّايلقد حظي (المستقبل) بالاهتمام الاستثنائي في تطلعات الإنسان بمختلف مواقعه ، لما يمثله من آفاق رحبة للآمال والطموحات والتغيير والتطوّر ورسم السياسات وتقييم التجارب. وتعد غيبيات هذا الزمن جزءاً مهماً من حياة البشر،
د إذ يتفانى الناس يوميا لكسب هذا الزمن المجهول ، فقد جاء في الموروث الديني والثقافي ما يبرر استكشاف المستقبل حفاظا على مكاسب الحاضر، وديمومة الحياة على الوجه الأكمل .rnوتاريخياً استحوذ المفسرون والعرّافة والمنجمون على فن قراءة المستقبل بما أملت عليهم عقولهم الباطنية من مواهب وقدرات، إلى أن تطوّرت وسائل الدخول إلى الزمن القادم بتطور الوسائل الحسيّة وغير الحسية للتنبؤ، نتيجة للطفرات التكنولوجية التي قام بها الإنسان في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية، وما بعد الصناعة حاليا ، حتى أصبحت هنالك أقسام ومراكز أبحاث متخصصة بعلم المستقبليات، إذ إن فلسفة التخطيط تقوم على حسن التدبير لكسب المستقبل ، كما أن موازنات الدول باتت تعتمد كليا على تقديرات المخططين وتوقعاتهم .من هنا تنبثق إشكالية كسب المستقبل في العراق ، و لاسيما أن موروثه عبر أزمنة (التاريخ السحيق والمتوسط والحديث)، قد أفصح عن تفنن أهله بأساليب التخطيط والاستعداد المبكر للمفاجآت الآتية، فالسبق الحضاري الذي تحقق في العراق لا يمكن أن يتم لولا وجود الرؤية الثاقبة للمستقبل ، وباعتقادنا أن انتكاسات العراق السياسية والاقتصادية كانت بفعل قصور الرؤية البعيدة الأمد ، والاعتماد المفرط على القرارات الآنية. من هنا تقع على عاتق النخب السياسية والتشريعية والأكاديمية مسؤولية النهوض بواقع التخطيط العلمي انطلاقا من المبررات الآتية :1ـ إن عالم اليوم يميل نحو التكتلات السياسية والاقتصادية لتجاوز حالة عدم التجانس في مؤهلات الدول ، لذا ينبغي تكثيف الجهود التخطيطية لضمان دور محوري للعراق يتجاوز الإطار المحلي،  ويليق بدوره الحضاري عبر الزمن، فإغفال هذا الجانب قد يبقي التجربة العراقية أسيرة التأثيرات الخارجية، ويبعدها عن مزايا المستقبل بآماده المتعددة .2ـ إن إشكالية العراق الاقتصادية لا تكمن بضعف مقوماته المادية والبشرية ، وإنما في استثمار تلك المقومات وإدارتها والتخطيط السليم لوضعها في الميدان، وهنا تكمن خطورة المشكلة ،  فالإبقاء على النزعة ( الريعية – الاستهلاكية) قد يعطل من فرص الإبداع والتفوّق ، مما يحتم التخطيط لإيجاد منافذ جديدة لإطلاق مكامن القوة لهذا البلد .3ـ إن تحديد الأهداف مسألة في غاية الأهمية لكسب المستقبل ، إذ  تـُبنى عليها سياسات وآليات معقدة ، وتعبر عن مدى مصداقية السلطات التنفيذية والتشريعية تجاه الشعب، ومن هذا المنظور ينبغي أن يكون دخول المستقبل مبنياً على معطيات علمية وواقعية لتجنب الانحرافات والفشل، وان تتجاوز عملية تحديد الأهداف الاستحقاقات السياسية الآنية، وعدها من الثوابت الوطنية الأساسية.وتأسيساً على ما سبق واستثماراً لفعالية التعداد العام للسكان ، ينبغي التعامل بايجابية قصوى مع المؤشرات السكانية والاقتصادية ، لإعادة قراءة الاقتصاد العراقي من جديد بهدف الاستشراف العلمي للمستقبل، إذ أن كشف الحقائق سيسهل على المختصين التعامل بموضوعية مع نقاط الضعف والقوة التي يمر بها اقتصاد هذا البلد، إضافة إلى الحاجة الملحة لعودة الاهتمام الدولي بأداء الاقتصاد العراقي من خلال إدراج مؤشراته المتنوعة ضمن التقارير الدولية، لاسيما تقرير التنمية البشرية - الذي يشكل مسحاً دولياً سنوياً تتفانى الدول نحو مواقع الصدارة فيه   لأهميته الاعتبارية في عودة الثقة بالاقتصاد العراقي ، وأهميته الاقتصادية في تركيز الاهتمام على  جوانب الضعف والقوة لإيجاد الحلول المناسبة.    إن امتلاك العراق أطراً مؤسسية للتخطيط ، يضاف إليها تنوع تجربته وقدمها في هذا المجال ، قادر على توظيف الإمكانات المتاحة لرسم سياساته المستقبلية بثقة عالية ، ويتناغم مع هذا الدور ، إقرار التشريعات  التي أتاحت للمحافظات صلاحيات رسم سياساتها المحلية، مما يحتم إيجاد تقنيات جديدة قادرة على استيعاب تلك المتغيرات ، فالتجارب السابقة للتخطيط المركزي لم تأخذ مداها الجغرافي والبشري بالشكل المطلوب، في حين مازالت التجربة الجديدة في مرحلة مبكرة لا ترقى إلى الدور الكبير الموكل إليها ، ومع وجود جملة تحديات حقيقية إلا أن هنالك المزيد من الخيارات لتفعيل أنشطة التخطيط العلمي الايجابي منها إمكانية  زج المخرجات الأكاديمية المتخصصة في رسم السياسات المستقبلية ، عن طريق طرح خطط محلية واتحادية تأخذ بالحسبان خصوصية المحافظات المادية والبشرية، وتسهيل إجراءات تأسيس المكاتب الاستشارية المتخصصة، والاطلاع التأهيلي المباشر على التجارب العالمية في مجالات التخطيط والمستقبليات، وتسبق ذلك إشاعة ثقافة التخطيط العلمي عن طريق قنوات التلقي المتنوعة، إذ إن جملة الإجراءات السابقة تدخل في صلب قضية الاستثمار في العراق على مستوييه المحلي والأجنبي ، فبدون مستلزمات التخطيط ، تبقى البرامج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram