بسام عبد الرزاق
اقام بيت المدى في شارع المتنبي، أمس الأول الجمعة، وبالتعاون مع معهد غوته الالماني، جلسة استذكار للفنان العراقي الكبير وقارئ المقام يوسف عمر، استعرضت فيها المداخلات سيرة الراحل الفنية وبداياته واهم المراحل التي خاضها فضلا عن تأثره بالفنان الكبير محمد القبنجي، فيما رافقت الجلسة تقديم بعض اغنياته للجمهور الحاضر.
مقدم الجلسة الباحث رفعت عبد الرزاق، تحدث عن حياة الراحل، مبينا ان "يوسف عمر من مواليد بغداد عام 1918 في محلة جديد حسن باشا، عاش وترعرع في بغداد ثم بدأ في فترة مبكرة من حياته بأداء المقام العراقي واصبح من اشهر المقرئين ويعد عند الكثيرين الاسم الثاني بعد الاستاذ محمد القبنجي".
واشار الى ان "له تسجيلات كثيرة وقد ابدع في جميع المقامات العراقية وكانت وفاته عام 1986 وهو يستحق الحديث عنه في كل وقت وكل مكان".
من جانبه قال د.عبد الله المشهداني، ان "يوسف عمر عشق المقام وخدمه بدرجة لن ينالها غيره، اذ تربع على عرش اداء المقام العراقي لأربعين سنة بعد ان ابتعد مطرب العراق الاول محمد القبنجي، والذي اكتفى بما يطلب منه رسميا من الدولة او حضور بعض المناسبات للعائلات من اصدقائه المقربين فبقيت الساحة للمرحوم يوسف عمر طيلة تلك الفترة". واضاف، ان "عائلة يوسف عمر قدمت من كركوك الى بغداد بعد زواج اخته الكبرى من السيد محمد علي الدباغ وكان ابنه يحيى صحفي في امانة بغداد، وولد في هذا البيت عام 1917 ومنهم من ذكر انه في العام 1918، ودخل مدرسة الحيدرية عام 1927 ثم انتقل الى مدرسة الرصافة، وفيها شارك في المناسبات الدينية والوطنية لوجود احد المعلمين الاستاذ عبد الله حلمي عمر، وكان مهتما بنشاطات الحركة الكشفية والفنية، واستطاع اكتشاف حلاوة صوت يوسف عمر واعتمد عليه في اداء الاناشيد والبستات". وتابع، انه "في هذه الفترة شغف يوسف عمر باسطوانات محمد القبنجي لان السيد محمد علي الدباغ كان يمتلك جهاز الغرامافون واسطوانات القبنجي وفي عقد الثلاثينيات كان يوسف عمر يشارك في افراح واتراح الاهالي ويؤدي ما يناسب تلك الاحتفالية ومجانا واشتهر داخل منطقته وما جاورها وعرف بحلاوة الصوت وحسن الاداء".
واشار الى انه "في شبابه صادف وان اتهم بكونه تسبب بمقتل احد الاشخاص في منطقة الفضل التي كان يرتادها دائما لتعلم المقام العراقي فسجن لمدة 15 عاما، ورب ضارة نافعة فقد التقى في السجن ببعض الشخصيات التي تعرف فنون اداء المقام العراقي جيدا ومنهم غالب الخشالي وجهاد الديو". وأكمل المشهداني، بانه "عندما خرج من السجن عام 1948 اتصل بالمرحوم مجيد رشيد وكان يعمل حارسا في الثانوية المركزية ويأتون اهل المقام للاستفادة منهم، فذهب اليه يوسف عمر وطلب منه ان يقدمه الى لجنة الاختبار في اذاعة بغداد، وساعده ايضا زوج اخته محمد علي الدباغ كونه كان صديقا لرئيس لجنة الاختبار سلمان موشي، وفعلا نجح بالاختبار حيث قدم مقام الرست بشكل رائع جدا فوافقت اللجنة على مروره وادائه في الاذاعة".وبين انه "مع مطلع الخمسينيات بدأ مشوار يوسف عمر الحقيقي، بانتشار مدرسة الوضوح التي اسسها محمد القبنجي، فهذه المدرسة نهض بها يوسف عمر في الخمسينيات وسطع نجمه وادى اجمل المقامات التي مازالت عالقة في اذهان المستمعين خصوصا مع الفرقة الموسيقية الحديثة بقيادة الاستاذ جميل بشير"، مبينا انه "عام 1954 سجل يوسف عمر 18 اسطوانة لشركة جقمقجي وكانت من اجمل الاسطوانات التي سجلها ولعل من اهم اسباب حلاوة صوت يوسف عمر وحسن ادائه كثرة استماعه للمطربين والمطربات العرب، وكثرة الاستماع يؤدي الى حسن الاداء والتمكن من النغم".
بدوره قال الناقد الموسيقي، حيدر شاكر ان "المقام بدأ من حضارات العراق وتحديدا من حضارة بلاد سومر، من خلال رقم طيني يمثل امرأة تحمل طفلا بين يديها والى جانبها آلة تشبه العود وهناك كتابة مسمارية وحين فسروها وجدوا انها اغنية الام "دللول" وحددوا انه نغم "عشتو" ونسميه حاليا بعجم عشيران". واوضح، ان "المقام قديم وهو في تطور من قرن الى اخر، وظهرت اسماء كثيرة والحديث عن يوسف عمر هو حديث عن القرن العشرين ومدارسه، وكل قارئ مقام كان له طريقة اداء مختلفة وربما كان هناك تجديد حتى في قراءة المقام والرائد في هذا الموضوع هو الفنان الراحل محمد القبنجي ويوسف عمر تأثر بتلك المدرسة".
ونوه الى انه "على الرغم من عدم اكماله الدراسة لكنه اعتمد على ثقافته الذاتية وكان مستمعا جيدا للغناء العربي، وكانت للمقاهي البغدادية العريقة مساهمة في تنمية ذائقته وثقافته الموسيقية".
والى جانب الكلمات التي قدمت في الجلسة، قدم الاستاذ في معهد الدراسات الموسيقية، صباح هاشم، العديد من اغنيات الفنان الراحل يوسف عمر.