TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: (لا تكول شباط راح، شباط خاتل بالمراح)

هواء فـي شبك: (لا تكول شباط راح، شباط خاتل بالمراح)

نشر في: 1 سبتمبر, 2010: 08:33 م

 عبدالله السكوتيحصل في احدى السنين، ان جو شهر شباط كان معتدلا، واستمر هذا الاعتدال بعد دخول شهر آذار، ما شجع احد الفلاحين لاخراج بقرته الحلوبة والتي يعتز بها من داخل سقيفتها، ليتركها تنام في العراء وفي ساحة المراح وهومكان لمبيت الغنم ، ومن المصادفة ان حصل برد شديد في تلك الليلة فماتت البقرة، فحزن الفلاح حزنا شديدا لفقدها، وفي اليوم التالي لموتها حضر صاحبها مجلس القرية،
 وتناولوا حديث البرد، فقال احدهم: ان البرد ذهب بذهاب شهر شباط، فتأثر صاحب البقرة وردّ عليه بحرقة:(لاتكول شباط راح، شباط نايم بالمراح). هذا الفلاح الساذج يعلم ان شباط لايمكن ان يذهب، هكذا لله في الله، وهو الشهر الذي كان يخشاه الفلاحون لانه يأتي على ماشيتهم وحيواناتهم، وهو يعلم ان هذا الشهر لايمكن ان يغادر بلا مآس، ولا مصائب، ولو صادف وغادر بلا خسائر، فانه سوف يوصي آذار ليأخذ ماكان يأخذه في سني برده ومصادراته ومصائبه، ولطالما اعدّ الفلاحون لشهر شباط العدة، نتيجة لبرده القارس، فقد كان الفلاحون يسمون شباط تسميات عديدة، منها (الجله)، (وجويريد)، وكذلك برد العجوز، وبرد الازرك، كل مواسم البرد هذه كانت تعود الى شهر شباط، وربما خلّف شباط العديد من مجالس العزاء، لانه كان يقضي على كبار السن، وحين تنتشر خيم العزاء، كنا نقول انها (كصة هذا العام). ماذكرني بشباط وما يترك خلفه، رحيل القوات الاميركية من العراق بعد ان اتى بهم هاتف، اراد منهم ان يجعلوا العراق، انموذجا شرق اوسطيا فريدا في المنطقة، ولذا سيغادرون بعد ان ركزوا الرماح في مكانها، وصارت بغداد 2010، بغداد الثلاثينيات، واصبحت ثقافة القتل ثقافة اساسية في هذا البلد، مع تجذر ثقافة اخرى هي ثقافة السلب والنهب، بعد ان نجحت تجربة الحواسم، وصار اللصوص من اسياد الناس، اتمنى ان تعيد اميركا الى العراق ليله الجميل الذي اختفى، وعقلياته التي غادرت وتأخذ معها العديد من السرطانات التي تريد ابقاءها ذكرى لدينا، آلاف الهكتارات من الاراضي الزراعية اختفت، وصارت الانهار فقيرة، (وصرنا تالي مثل هذا الما رضا ابجزة ورضا ابجزه وخروف)، تخلصنا من اجرام صدام ووقعنا بين براثن ابن لادن والعصابات التي خرجت من معطفه بغض النظر عن الانتماءات، ليتهم يأخذون القاعدة معهم، وليتهم، وليتهم،وليتهم. هناك العديد من الاماني ليتهم ينظرون ويسمعون، لنعود بديمقراطية حقيقية خالية من الدكتاتوريات الناشئة، والتي تتوزع على عدد محافظات الوطن، ليت ان شباط يرحل حقيقة، ويأخذ معه برده القارس ومصائبه الكثيرة، كي نحافظ على بقرتنا الحلوب والتي لم تحلب قنطارا واحدا لاهل الدار، لاننا ما برحنا نبكي ابقارنا ونعوّل على السنين الاتية بدون مفاجآت، وليس كما يقول شاعر الابوذيّه: (وين المطر منك وين سحابك دروح او انسه ودك وانسحابك تكول انسحب هسّه وانسحابك اجه لمن طبك دهري عليّه)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram