اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > في المرض الهولندي... بين الرعاية والبطالة

في المرض الهولندي... بين الرعاية والبطالة

نشر في: 4 مارس, 2024: 10:52 م

ثامر الهيمص

الظواهر التي شهدها الاقتصاد الهولندي ابان اكتشاف الغاز بكميات كبيرة في الستينات من القرن /العشرين/. ادى هذا الاكتشاف الى ارتفاع كبير في سعر الصرف الحقيقي للعملة الهولندية مقابل العملات الاخرى.

وسبب هذا الارتفاع لا يرجع الى ارتفاع سعر الصرف الاسمي وانما يرجع الى الزيادة في الاجور الاسمية مقارنة بالدول المجاورة مثل المانيا. والنتيجة كانت انخفاضا واضحا في صناعاتها التصديرية التي واجهت معاناة شديدة من المنافسة الدولية, وقد ادى ذلك الى انخفاض في نشاط القطاع الصناعي بشكل عام. (د. عبد الرزاق الفارس /الحكومة والفقراء والانفاق العام /ص38 / مركز دراسات الوحدة العربية /1997).

هذه الظاهرة باتت نموذجا لهيمنة القطاع المزدهر كما سمي في الادبيات الاقتصادية, وعندنا النفط باحاديته وريعيته كفاعل اقتصادي يتقدم بشكل غير متوازن مع القطاعات الثلاثة وعلاقته بهما محدودة جدا لكون غالبه يباع للخارج لتقبضه الحكومة كمورد وحيد تقريبا لها, قياسا لدور الموارد الاخرى من ضرائب او مصالح حكومية. وهكذا ارتفعت كلفة الانتاج الزراعي والصناعي كما هو المرض الهولندي, ولكن باضافة تخلف البنية التحتية في الكهرباء والطرق والجسور كعامل مساعد لعدم انسيابية العمل الصناعي والزراعي وهكذا الخدمات لارتفاع كلفة الكهرباء واخواتها, اضافة لغياب الحماية الكمركية والدعم في اسعار المواد الخام في الصناعة والبذور والاسمدة والتسويق في الزراعة والعلف الحيواني والبيطرة, ممارفع الكلف عاليا امام المستورد خصوصا الذي لم تشمله السيطرة النوعية المغيبة, ناهيك عن سياسة الاغراق الاقليمية خصوصا’ وهذه طبيعة الامور مع من لا يعرف تدابيره.

والان وبعد الشروع بنظام المرشات الزراعية كرمز وبداية نوعية لزراعة حديثة تنم عن نهضة سواء من قبل الحكومة بالدفع بوسائلها التقليدية من سلف او استيراد او دعم بانواعه ليصل الى اداراة العتبات المقدسة لما تقوم به من مشاريع تدعو للتفاؤل مرورا بالنشاط في القطاع الخاص رغم تعثر السلف والقروض سابقا من خلال المبادرة الزراعية وتسهيلاتها والبالغة قروضها اكثر من 50 ترليون دينار في العام 2023 غير انها لم تسهم في زيادة الانتاج المحلي الاجمالي. (جريدة الصباح ليوم 13/شباط /2024)

فمن نتائج ريعيتنا في النفط اجمالا سواء في هيمنة القطاع العام او الخاص ذو الطابع الاستيرادي, كان الحصاد لا نحسد عليه, ففي عام 2003 بلغ معدل البطالة, 8% وفي عام 2004 معدل 8072% ثم استمر بالانخفاض خلال السنوات الاحقة ليسجل عام 2012 اقل معدل للبطالة طيلة 20 عام بمعدل 7096% ثم بدأ بالارتفاع مرة اخرى ليسجل في عام 2018 معدل 13002% وفي عام 2020 معدل 15011%. (ابراهيم المشهداني / امراض الاقتصاد العراقي وسبل معالجتها /ص224/2023). هذه نتائج المرض الهولندي عندنا

هذا في عالم البطالة ونحن بين نظامي المركزية الشديدة والديمقراطية الناقصة.

وكرد فعل على عاهة المرض الهولندي’ لم يعالج هذا الداء على الطريقة الهولندية اذ اتجهت الحكومة للزراعة والصناعة بكل الوسائل لاعادة الاعتبار للناتج الوطني اي الاقتصاد الحقيقي في الزراعة والصناعة من ضبط الحدود الى منافسة انتاج الجيران حتى الدعم باشكاله لتعيد التوازن للبلد اقتصاديا وماليا ونقديا من معالجة سعر الصرف كانت البداية لتقف عملتها امام العملات المنافسة.

اما في عالم الرعاية فقد اتجهت حكومات ما بعد 2003 بامتداد نظام الحصار بالحفاظ على البطاقة التموينية كبرنامج ستراتيجي ويرتفع وينخفض حسب ايقاع اسعار النفط ليمتد الى سبعة ملايين عراقي مشمول بالرعاية الاجتماعية وسلبياتها بالفضائيين بالالاف, لتنظم لهم سلال غذائية مع استمرار نسبة ليست بسيطة تحوز عليها وتشكوا من مشاكل الوفيات والسفر التي لم تحسم. فهذا الاستيراد يعزز المرض الهولندي وتوسع الاستيراد رغم النهضة التي ذكرناها في المرشات وسعي العتبات بانتاج الزيوت والسكر واحتمال اعادة زراعة الرز بالمرشات وصولا لمعامل الالبان العراقية بدل(لبن جاسمية).

البديل المؤقت او المواكب للرعاية الاجتماعية البالغة اكثر من سبعة ملايين مستفيد, وفي تزايد سنوي مواكبا للبطالة المشمولة ايضا بالرعاية الاجتماعية علينا اولا ان نعيد للضرائب دورها التقليدي خصوصا ضرائب العدالة اي الدخل الذي يبلغ الان ارقاما خرافية عن مليارديرية ومليونيرية تضاهي كافة اثرياء المنطقة, وهذا البون الشاسع بين 13 مليون تحت خط الفقر, و مليون300الف طفل بحاجة لمساعدات انسانية. اذ كشفت منظمة اليونسيف في تقريرها الموسوم, الوضع الانساني في العراق للفترة الممتدة من 1 كانون الثاني الى 31 كانةن الاول 2023 الى انها تلقت 18% فقط من متطلبات تغطية النفقات الانسانية لعام 2023 مشيرة الى ان المبلغ المطلوب لتغطية النفقات كان بحدود 6/77مليون دولار لكن في نهاية اعام تلقت بحدود 38/3مليون دولار فقط. (جريدة المدى ليوم 22/شباط /2024). الا يستحق هؤلاء المساعدة من بلدهم وليس عبر اليونسيف؟ انها ضرائب الدخل المغيبة عمدا وليس مجرد اصابة بالزهايمر الهولندي.

فالتفاوت الطبقي كالصبر له حدود. اذا لم تقدم الحكومات اشكالا جديدة من للضرائب وطرقا لزيادة الحركة الاجتماعية, فنحن متجهون لمستويات تفاوت في الدخول لم نشهدها منذ القرن التاسع عشر – وربما لاظطراب سياسي. (توم باتلر –باودون /الاقتصاد / خلاصةاعظم الكتب /ص 228 / 2020). لذلك بات قانون الضمان الاجتماعي عاملا اساسيا لخلق اطمئنان لمستحقيه مما يحول دون ازدهار الشعبوية.

(فالشعبوية بادئا نمط تعبئة واحتجاج ضد المعاناة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية قبل ان تكون نظام حكم. بل ان مايزيد في صعوبة تحديدها وتعيينها هو ان حدة الازمة تنأى بالايديولوجيات وتبعد المعتقدات وتغيبها. (اشراف: برتران بادي ودومنيك فيدال /ترجمة نصير مروة / عودة الشعبويات /ص10/2019). فالضمان الاجتماعي عنصر استقرار يصلح اساسا لتجاوز الاستثناات المزمنة التي تتمأسس مع الايام وهنا الخطورة.

فالاستمرار في الاستيراد من قبل القطاع العام للغذاء والدواء لسد الحاجة المحلية بدون الالتفات للحلول الحقيقية باعادة الزراعة والصناعة اولا لنشاطهما مع خدماتها سنبقي نجهز سلال غذاء لتعاكس اي مشروع تنموي حقيقي بديل اذ ستتشكل شبكات مصالح امام المصلحة العامة المستقبلية للحد من جداول الفقر المتفاقمة, لتذهب عمليات التحكم بالوضع الامني هما مزمنا وكلف باهظة جدا امام تغول اشكال متعددة سيما وان الوضع الاقليمي والمشاريع المتقاطعة ستكون المناطق الهشة اجتماعيا وسياسيا ساحات مفتوحه لانواع التدخلات. فالبطالة لا يعالجها راتب الرعاية مادامت الارض هشة بعدم استقرار اجتماعي كما نلمس بالمهجرين والمهاجرين كنتائج لا زالت حية لوجود اسبابها ولم تستأصل

. سيما وان الدول المعنية بطريق الحرير بجزئه العراقي مستعدة للتعاون ولكي نتعاون متكافئين ينبغي مغادرة الاستثناات والترقيع المرهون بالموسم الانتخابي, والامل الان قائما حيث توضحت التحديات ونعم للمتحدين بارادة عراقية خالصة. ومن الله التوفيق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram