كأن الدرس الذي يقدمه الشعب المصري هذه الأيام، يثبت ان الامم الحية يمكنها ان تتغلب على خوفها وعلى آلة القمع والاستبداد، شباب ميدان التحرير الغاضبون ضد سراق الوطن وأحلام الناس، يثبتون لنا جميعا ان هناك بدائل للإحباط وهي العصيان وربما الثورة.
منذ ان تولى محمد مرسي رئاسة مصر، ظل نظامه الاخواني منشغلا بالأكاذيب، فيما الحريق يشتعل، والفساد يستشري، والة مبارك القمعية تستبدل ثوبها القديم بالآلات وأدوات جديدة، تريد السير بمصر عكس الزمن.
لقد بات واضحا أن حلم الشعوب العربية بالديمقراطية والممارسة السلمية لانتقال السلطة، الذي بدأ مع إسقاط تمثال صدام وهروب بن علي وعزل مبارك ومقتل القذافي، يريد له البعض من سلاطين هذا العصر، أن يجهض والى غير رجعه، كانت الشعوب تأمل أن تنهض في حياتها، في ظل انظمة تشرع قوانين تمنع سرقة المال العام، وتمنع اعادة ماكنة الاستبداد، تمنع تحويل مؤسسات الدولة إلى ملكية خاصة، والأهم قوانين تحترم عقول وإرادة الناس، لكنهم وجدوا بدلا من ذلك مسؤولين يتحدثون عن القضاء ودولة القانون، ولكنهم يخططون في الخفاء لإعلان دولة الفرعون الأوحد، وإقرار تشريعات تساند وتدعو إلى منطق الدولة التي مرجعيتها كل شيء إلا الدستور.
ومثلما خدعنا المالكي بحكاية المئة يوم التي لم تنته منذ شباط عام 2011، فان الفرعون المصري أراد استنساخ التجربة فادخل معه المصريين في متاهة الأيام التي لاتريد ان تنقضي.
ولعل المواقف الكوميديا في فيلم المالكي - مرسي " مئة يوم في خداع الشعب "، لا تعد ولا تحصى، وأولها أن المواطن نفسه وهو المعني بالأحداث لا يعرف حتى هذه اللحظة متى ستنتهي الأحداث، لأن أبطال الفيلم بارعون في اختراع القفشات والأحداث المثيرة وتأجيج الصراع الدرامي.
مرت مئات الأيام ولم نر ملامح عقد جديد بين المسؤول والشعب، ولا تغيير في بنية الأنظمة، ولا أدلة على أن العقل الذي تولى السلطة بعد التغيير يختلف في شيء عن في سنوات حكم جمهوريات الخوف؟، ولم يحدث في مئة يوم المالكي وبعدها مئة مرسي شيء اكبر من ازاحة مؤسسات الدولة، وتدعيم سلطة القائد الذي بيده كل شيء، الذي هو مركز الكون، والجميع يدور حوله بهتافات ترسخ صورته كمخلص ومنقذ للبلاد التي تعاني من عصور الجاهلية والكفر.
في مئة يوم وقبلها مئة أخرى وأخرى، عشنا ولا نزال مرحلة الإرهاب الفكري وخطف التغيير في العراق وسرقة الثورة في مصر، والسيطرة على مفاصل الدولة، ونسيان كل مطالب العدالة الاجتماعية؟
في مئوية "مرسي - المالكي" دارت مصانع السلطة والأحزاب لإنتاج مستبدين صغار يريدون ان يفرضوا سلطتهم باسم شرعية الانتخابات، انها فاشية الانطمة الجديدة التي تتستر بالدين لتضع الشعوب في معسكرات السمع والطاعة، انظمة تريد ان تجدد دماء الاستبداد من خلال اختراع مؤامرات خارجية، وتهيئة الجيوش لحروب أهلية، ولهذا لم يكن غريبا ان يلجأ مرسي ومن قبله المالكي إلى استخدام أساليب من المماطلة والمناورة وإشغال الناس في معارك جانبية، الغرض منها الاستمرار في عرض فيلم المئة يوم إلى ما لانهاية، بل ذهب الخيال ببعض المقربين إلى إيهام الناس بان هلال المئة يوم لم يبزغ بعد.
ست سنوات، وعراق المالكي محكوم بالفشل، وبدلا من أن يسعى رئيس الوزراء إلى إعلان مشروع كامل لتطوير بنية الدولة العراقية، نراهم مصرين على تدعيم التخلف والمحسوبية والانتهازية السياسية، وترسيخ دولة الطوائف بدلا من دولة المؤسسات.
وبالمقابل مرت أشهر ومرسي يراوغ في التحول من الدكتاتورية إلى الديمقراطية، لان جماعته يسعون إلى إنتاج دكتاتورية جديدة تقودها احزاب ومؤسسات تمعن في قهر الإنسان.
انها ادارات فقيرة الخيال تتآمر على إرادة الناس.. وعقليات نفد رصيدها من الحيل والألاعيب الشريرة، فصارت تكرر أعمالها الجهنمية بلا وعى، ودون إدراك لأن الناس فهمت اللعبة ولم تعد قابلة للخداع أكثر من ذلك.
في بغداد والقاهرة اكتشف الناس ان الوعد الخفي الذي روج له صناع فيلم المئة يوم لم يكن سوى سراب.
جميع التعليقات 1
عبدالله مسعود
انا لا اعتقد ان هناك وجه تشابه بين مرسي والمالكي ابداً الرجل جاء بانتخابات شارك فيها كل المصريون لم يفز باصوات العسركريين وباصوات السجناء المسروقة الرجل صادق وجاء معبرا عن مطالب الثورة والشعب المصري ثم ان الرجل لا زال يحكم بلدا خربه الفساد ويحارب من قبل ب