اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سينما > في فيلم وداعا طبرية .. لينا السويلم تحيي الذاكرة الفلسطينية

في فيلم وداعا طبرية .. لينا السويلم تحيي الذاكرة الفلسطينية

نشر في: 6 مارس, 2024: 11:46 م

ترجمة: عدوية الهلالي

" كيف نعطي صوتًا للكائنات التي لم تتمكن من سرد قصصها؟ ": هذه هي نقطة البداية لفيلم لينا سويلم الثاني،كما هو الحال مع فيلمها الأول "جزائرهم"، و في هذا الفيلم الوثائقي المؤثر،

ترسم المخرجة لينا سويلم صورة والدتها الممثلة الفلسطينية هيام عباس، وسلالة كاملة من النساء اللاتي تم إسكات اصواتهن. وهو فيلم وثائقي رقيق ومؤثر، تستكشف فيه المخرجة تاريخ المنفى والقمع الذي تعرض له أجدادها من جهة الأم، ويستحضرفيلم (باي باي طبرية) ذكرى عائلة أمها من خلال مزج الأرشيفات المكتوبة والصور التي التقطها والدها زين الدين سويلم والصور والشهادات الحالية.

كانت الممثلة هيام عباس، والدة المخرجة قد غادرت قريتها دير حنا في الجليل، لتعيش حلمها في أن تصبح ممثلة في باريس، في الثمانينيات، ونراها تعود إلى المسرح حيث قدمت دروسها الأولى مع فرقة الحكواتي الفلسطينية. ولكن أيضًا، وقبل كل شيء، في منزل العائلة هذا الذي يقع قبالة جبل التطويبات، حيث عاشت جزئيًا مع والدتها وجدتها بعد طردهما من طبريا خلال النكبة عام 1948..

وفي الفيلم نرى لينا السويلم مرة أخرى كطفلة تسبح في بحيرة طبرية أو تضحك مع جدتها، لتتبع خيط أربعة أجيال من النساء اللاتي مر تاريخهن في صمت إذ قامت المخرجة بتجميع أجزاء من القصص الفردية لإدراجها في مجموعة كاملة.وهي تشرح قائلة: "لم أرغب في تصوير العلاقة الحميمة مع والدتي، بل رحلتها كامرأة فلسطينية ضمن صف من النساء الفلسطينيات. وكان لا بد من إعادة تنشيط هذه الذكريات الفردية، التي لم تنتقل بشكل كامل، حتى تصبح راسخة في الذاكرة الجماعية. "

وهذه هي قوة هذا الفيلم الوثائقي، فهو مؤثر بقدر ما هو ضروري. وقد تم عرضه في ظل الأحداث المتوترة في غزة، وفي العديد من المهرجانات المخصصة لسينما العالم العربي، وكذلك في البندقية (إيطاليا) وتورونتو (كندا)، قبل أن يتم بثه على قناة آرتي، والآن بدأ عرضه في دور العرض. وتقول لينا السويلم عنه: "لقد لمس هذا الفيلم المشاهدين، حتى لو كانوا بعيدين عن المنطقة التي أصورها. إنهم يرون شكلاً من أشكال العالمية في قصة الاقتلاع والتهجيروفي قصة الحياة والعائلة هذه. "

ويروي فيلم "باي باي طبرية" قصة المنفى القسري والمنفى المختار بعد النكبة من خلال مسار هيام عباس. وقبل كل شيء، فهو يستحضر بدقة منطقة رمادية، نادرًا ما تتم مناقشتها، وهي منطقة الرحيل التي تظل رغم ذلك مفجعة. وتتساءل: "لو كان السياق السياسي مختلفاً، فهل كان هذا المنفى المختار قد حدث أخيراً؟". وتتابع المخرجة: "حتى عندما نختار الرحيل، فإننا نترك شيئًا وراءنا. ثم يطرح الفيلم السؤال حول كيفية العثور على مكانك، اليوم، في المجتمع، عندما تكون بين عوالم متعددة وبين عدة بلدان، وكيف تعيد اختراع نفسك على الهامش،".

وتضيف: "إن نقل هذه القصة في شكل فيلم يتيح لنا إعادة مناطق خيالية لهؤلاء النساء، حتى لو عانين من الطرد. كانت عمتي الكبرى على الجانب الآخر من الحدود، لكن طوال مدة الفيلم، كانوا جميعًا موجودين مع بعضهم البعض.

كانت لينا تقضي فصول الصيف عندما كانت طفلة مع عائلتها الفلسطينية، تسبح في بحيرة طبرية وتستمتع بالباذنجان المقلي مع الثوم الذي كانت تحبه جدتها. إنها قبل كل شيء صورة لسلالة من النساء القويات، العالقات في اضطرابات التاريخ، واللاتي أرادت استعادة مكانتهن في الذاكرة الجماعية.ومن خلال تتبع خيوط ماضي عائلتها، تصور الممثلة والمخرجة بطريقة حميمة آلام الخسارة والمنفى لشعب بأكمله في اللحظة التي تنشط فيها الأحداث في غزة.

ومن خلال هذا الفيلم الوثائقي، الذي تم عرضه في مهرجان البندقية السينمائي والذي توج بالفعل بالعديد من الجوائز، تسعى لينا سويلم أيضًا إلى تحقيق شكل من أشكال البحث عن الشخصية والهوية حيث كانت العائلة والسينما متشابكتين بشكل وثيق دائمًا.ولدت المخرجة في باريس لوالدين ممثلين، زين الدين السويلم وهيام عباس. وفي فيلمها السابق "جزائرهم"، صورت أجدادها من الأب وقت انفصالهما، بعد اثنين وستين عاما من الزواج، وشككت في صمتهما في رحلة هجرتهما. تقول: "مع جزائرهم، كانت هناك، حقًا، ضرورة حميمة، وهي العثور على مكاني في فرنسا،. لكن تاريخ الفلسطينيين كان مرفوضا وكأن جزءًا من كياني وواقعي لم يتم التعرف عليه. كان صنع هذا الفيلم مرة أخرى بمثابة الحفاظ على آثار قصة صمتت وهي معرضة لخطر الاختفاء.

والدتها هيام عباس،هي ممثلة رائعة ذات مسيرة دولية، نالت الإعجاب سواء في فيلم (اشجار الليمون) للمخرج إيران ريكليس أو كزوجة لوغان روي في المسلسل الأخير(الخلافة)، التي تكون بمثابة مرشدته في هذه الرحلة عبر الزمن والالتقاء بالعالم. اما النساء الأخريات في الأسرة. جدتها أم علي، التي طُردت من طبريا عام 1948 وانفصلت إلى الأبد عن ابنتها الكبرى حسنية، اللاجئة في سوريا. وسوف تستقر في نهاية المطاف في قرية دير حنا، ثم نعمت جدتها التي قامت بتربية عشرة أطفال بشجاعة بينما كانت تتابع مسيرتها المهنية كمعلمة لكن هيام اختارت الرحيل لأنها "كانت تختنق". وربما أيضاً هرباً من هذه المأساة. كان لا بد من تخليد هؤلاء النساء لأنهن يمثلن شعباً بأكمله، وهذا يرتبط بما ارتبطت به دائماً في عملي: "الكفاح ضد الظلم"كما تقول السويلم.وكل هذا الألم والتواضع، الذي انتقل من الأم إلى ابنتها منذ "النكبة الأصلية" عام 1948، نكبة الفلسطينيين، هو ما تصوره لينا سويلم في فيلم "وداعا طبرية". وتؤكد: "من الصعب أن نعيش مع هوية تعيدنا باستمرار إلى عام 1948 وتجعلنا نتساءل دائمًا عن مستقبلنا.. "..إنها لحظة "مؤلمة" يجب أن نعيشها، كما تعترف لينا سويلم، التي ترى في فيلمها أداة لإسماع صوت آخر في هذا الكابوس بأكمله. وتوافق هيام عباس على ذلك قائلة: "إنها للأسف قصة تكرر نفسها. لقد كان الكثير منا مشتتًا داخليًا ولم يعد يعرف ماذا يفكر"!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

أفضل عشرة أفلام هروب من السجن

النجم غالب جواد لـ (المدى) : الست وهيبة جعلتني حذراً باختياراتي

أفضل عشرة أفلام هروب من السجن

معاهد متخصصة فـي بغداد تستقبل عشرات الطامحين لتعلم اللغة

متى تخاف المرأة من الرجل؟

مقالات ذات صلة

حين تتستر الإيدلوجيا الثورية بقبعة راعي البقر!
سينما

حين تتستر الإيدلوجيا الثورية بقبعة راعي البقر!

يوسف أبو الفوزصدر للكاتب الروائي السوري، المبدع حنا مينا (1924- 2018)، الذي يعتبر كاتب الكفاح والتفاؤل الانسانيين، في بيروت، عن دار الآداب للنشر والتوزيع، عام 1978، كتاب بعنوان (ناظم حكمت: السجن… المرأة.. الحياة)، يورد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram