ترجمة / حامد أحمد
تناول تقرير لمركز دراسات LSE البريطاني موضوع قوة تمثيل المرأة في البرلمان العراقي ومدى دفاع عضوات البرلمان عن حقوق المرأة وذلك رغم زيادة مقاعد كوتا النساء في انتخابات 2021 بنسبة 14% عن المعدل المضمون 25% وفوزهن بـ 95 مقعدا، مؤكدا تراجع نطاق قوة المطالبة بحقوق المرأة لارتباط مرشحات بأجندات سياسية وحزبية.
وأشار التقرير الى ان كوتا النساء أدخلت في العام 2005 كوسيلة لضمان تمثيل المرأة في البرلمان العراقي. ومنذ ذلك الوقت شكلت هذه الكوتا فائدة لأحزاب سياسية ليس لديها أعضاء من نساء ضمن صفوفها اكثر من فائدتها للنساء انفسهن.
وربما باستثناء قسم من الأحزاب الكردية، فان العنصر النسوي استمر بكونه اكثر او اقل غيابا ضمن اعضاء الأحزاب السياسية في العراق. وحتى ان ذلك ثبت أكثر في أحزاب ما بعد عام 2019، حيث انه رغم المساهمة الكبيرة للمرأة في احتجاجات تشرين ، فان تلك الأحزاب عانت من غياب العنصر النسوي في صفوفها.
ولكن بدلا من ذلك، يذكر التقرير، فانه خلال الانتخابات تختار الأحزاب السياسية مرشحات نساء من اوساطهم العائلية والاجتماعية اللائي لديهن اتباع كثر في مناطقهم او محافظاتهم للمنافسة على مقعد برلماني مما يسمح ذلك لأحزابهن بان يكسبوا مقاعد مضمونة باقل أصوات من خلال منفذ الكوتا.
ويذكر التقرير ان هؤلاء المرشحات غالبا ما يفتقرن الى أية خبرة سياسية ويتم زجهن في البرلمان بدون أي تدريب مسبق ، وهي عملية ينتقدها نشطاء مجتمع مدني واصفين إياها بعملية نقل مرشحة بشكل مباشر، من البيت الى البرلمان ، مؤكدين بان ارتباط خبرة المرشحة الاجتماعية والعشائرية بسياسيين متمرسين من الرجال انما يدل ذلك بان هناك احتمالا كبيرا ان يكون توجه تلك العضوات من النساء مرتبطا بتوجه احزابهن ، وبالتالي فانه على الرغم من وجودهن داخل قبة البرلمان فانه من غير المحتمل ان يكن مدافعات عن حقوق المرأة بدون دعم وتوجيه من احزابهن.
تشير التحليلات الأولية لمعلومات انتخابية معلنة انه للمرة الأولى شهدت انتخابات عام 2021 دخول خمس نساء مستقلات عضوات في البرلمان في حين لم تكن هناك مرشحات مستقلات في أية انتخابات سابقة. ويشير ذلك أيضا الى ان عدد عضوات البرلمان من خارج صفوف الأحزاب السياسية المهيمنة لما بعد عام 2003 ، او ما يمكن تسميتها بأحزاب المعارضة ، قد بدأ بالازدياد على نحو ثابت. وهذا يدل على ان جيلا جديدا من عضوات برلمان بدأن يدخلن معتركا سياسيا ليس بالضرورة ان يكون من ضمن مواقفهن في فضاء الأحزاب السياسية المهيمنة.
لحد ما ان هذه الزيادة في اعداد عضوات البرلمان المستقلات هو ناجم عن التغييرات التي طرأت على قانون الانتخابات في عام 2021 مع ادخال نظام يفضل فيه مرشحون مستقلون اكثر من مرشحي أحزاب سياسية. وقبيل انتخابات عام 2023 لمجالس المحافظات تم تغيير قانون الانتخابات رجوعا الى نظام سانت ليغو أي نظام 1,7 ، الذي وصفته مدافعات عن حقوق المرأة بانه من غير المحتمل ان يسمح لمرشحات من النساء الفوز بمقاعد خارج الحصة المحددة في الكوتا.
بالإضافة الى ذلك فان إمكانية عضوة البرلمان المستقلة للعمل بمفردها يكون محدودا جدا لأنه حال دخولهن قبة البرلمان سيجدن انفسهن انهن بحاجة لحماية اجتماعية وسياسية ، وفي مثل هكذا حالة ينتهي الامر بكثير منهن للانضمام الى كتل سياسية او حتى الانتماء لأحزاب سياسية. ولهذا فإنهن غير قادرات على استخدام مواقفهن المعارضة في الدفع نحو سياسات مناصرة للمرأة داخل البرلمان.
من جانب آخر ، يذكر التقرير ، بان العدد المحدود من النساء في صفوف الأحزاب السياسية يعني أيضا انهن غائبات على نحو كبير عن المناصب القيادية. ولحد ما تنبثق هذه المشكلة من الأحزاب نفسها التي تستمر بإقصاء النساء من مناصب مهمة. على سبيل المثال انه من بين 400 عضو للأمانة العامة لحزب الدعوة هناك 12 عنصرا نسائيا فقط. وما يزيد على ذلك انه غالبا ما يتم استبعاد النساء من اجتماعات مهمة للحزب التي غالبا ما تحدث في أوقات المساء ويكون عندها من غير المقبول ان تشارك فيها عضوات نساء.
غياب القيادات النسوية للأحزاب نفسها مضاف لذلك غياب حصة الكوتا الوزارية انما يعني ذلك تراجعا في معدل مناصب وزارية نسائية التي كانت اعلاها عقب انتخابات حزيران 2005 بواقع 6 مناصب وزارية نسائية . ولكن في دورات انتخابية لاحقة بدأ هذه العدد بالتناقص على نحو متعاقب. ومن خلال اجراء تحليل لمناصب وزارية ودرجات عالية في وزارات شغلتها عناصر نسوية ما بين 2005 و2021 فان 16 من بين 19 وزارة تسنمت فيها أعضاء نساء مناصب حكومية عالية ، وحالة واحدة تم فيها اشغال وزارة سيادية من عنصر نسوي وهي وزارة المالية الحالية.
ويخلص التقرير الى انه في الوقت الذي تم فيه استحداث كوتا النساء لضمان تمثيل المرأة في البرلمان وشغل مناصب ، فان دورها القيادي ما يزال ضعيفا وغائبا وان ما تطمح له من فرض سياسات تدعم حقوق المرأة ما يزال محدودا ، ولأجل مواجهة هذه التحديات ، يوصي التقرير ، بانه يتوجب على الأحزاب السياسية ان تبدأ بتسخير واستثمار وتطوير قدرات المرأة على نحو فاعل وتدريبهن لضمان فعالية تمثيلهن في المناصب القيادية.
• عن مركز LSE للدراسات