ثائر صالح
ولد موتسارت في 27 كانون الثاني 1756 وتوفي في 5 كانون الأول 1791، وغدا معجزة زمانه ثم اسطورة في تاريخ الموسيقى. وأُطلق لقب موتسارت على عدد من الموسيقيين لسبب أو آخر،
مثلاً اعتبروا أطفالاً معجزة مثل موتسارت، أو على الأغلب بسبب حياتهم القصيرة مثل موتسارت أو ولادتهم أو موتهم في نفس العام. منهم موتسارت الأسود وهو شيفالييه دو سنت - جورج (1745 - 1799)، أو موتسارت السويدي وهو يوسف مارتن كراوس (1756 - 1792)، أو موتسارت الإسباني وهو خوان كريستوموتو آرّيغا (1806 - 1826)، أو موتسارت الانكليزي وهو توماس لنلي الإبن (1756 - 1778).
واليوم اقدم لكم شبيه موتسارت الكامل، فقد ولد ومات في نفس السنوات، تماماً مثل موتسارت. الفارق الوحيد هو أنه - امرأة! أقدم لكم موسيقية غير معروفة لدينا، هي فرانچيسكا لوبرون (ولدت باسم فرانتسيسكا دوروتيا دانتسي) التي ولدت في مانهايم بألمانيا يوم 24 آذار 1756 وتوفيت في 14 أيار 1791. لا يذكر هذا الأمر أحد، ونشعر في هذا استمرار النظرة الاستعلائية الذكورية تجاه المرأة حتى في يومنا هذا رغم الزعيق حول المساواة وحقوق المرأة، مثلما تتشدق حناجر الدول "المتحضرة" بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتصمت عندما يصل الأمر الابادة الجماعية في غزة بل تبررها.
كانت فرانسيسكا لوبرون مغنية سوپرانو ماهرة بحث عنها كبار مؤلفي الأوبرا لتؤدي الأدوار الأساسية والصعبة في أعمالهم، من بينهم أنتونيو سالييري الذي اتهمه زوراً الكاتب المسرحي الأمريكي بيتر شافر في مسرحيته أماديوس (1979) بقتل موتسارت، وهي المسرحية التي استند إليها ميلوش فورمان مخرج فيلم أماديوس (1984). كانت لوبرون تمتلك ثقافة ثقافة موسيقية وعامة راقيتين، وهي مؤلفة موسيقية في نفس الوقت، فقد ألفت 12 سوناتا للبيانو والكمان طبعتها بجزأين في لندن (1779 - 1781).
أبوها عازف چلو إيطالي معروف عمل في أوركسترا بلاط مانهايم الشهيرة بكونها أفضل أوركسترا في أوروبا وقتها. لديها أخ أصغر منها هو فرانتس إغناتس دانتسي (1763 - 1826) عازف چلو ومؤلف معروف، لهما أخ آخر هو يوهان بابتيست وكان عازف على الكمان. بدأت حياتها الفنية في السابعة عشرة في دار أوبرا مانهايم، وظهرت على مسرح الملك في لندن في الحادية والعشرين لتغني أعمال يوهان كريستيان باخ وأخرين.
تزوجت في سنة 1778 من عازف الأوبو الماهر وعضو أوركسترا مانهايم لودفيغ أوغوست لوبرون (1752 - 1790)، وكانت المغنية الرئيسية في حفل تدشين دار أوبرا لا سكالا في ميلانو في صيف ذلك العام عندما غنّت في أوبرا سالييري. جذبت الأنظار في باريس بعدها بعام عندما غنّت الجزء المنفرد في عمل من شكل سيمفونيا كونشرتانته بتركيب نصوصٍ عليه كتبتها بالإيطالية.
سوناتات الكمان والبيانو التي كتبتها تحمل روحية عصر الروكوكو، فهي مكتوبة بلغة العصر الكلاسيكي عصر هايدن وموتسارت، متوازنة موسيقياً، لا نشعر فيها أي تكلّف أو تصنّع، سلسة وعذبة.