اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > قانون الذكاء الاصطناعي: في أوروبا، سيكون الذكاء الاصطناعي أخلاقياً

قانون الذكاء الاصطناعي: في أوروبا، سيكون الذكاء الاصطناعي أخلاقياً

نشر في: 10 مارس, 2024: 10:54 م

ويليام ليترون

ترجمة: عدوية الهلالي

في يوم الجمعة الموافق 2 شباط، وافقت الدول الأعضاء بالإجماع على قانون الذكاء الاصطناعي، بعد إجراء طويل وحافل بالأحداث باعتباره أول إطار تشريعي دولي وملزم بشأن الذكاء الاصطناعي، ويحظى النص باهتمام كبير.

لقد جلب تسويق الذكاء الاصطناعي نصيبه من المخاوف، خاصة فيما يتعلق بانتهاكات الحقوق الأساسية، وبالتالي، فإن السباق محتدم لتنظيم الذكاء الاصطناعي، والذي قد تؤدي نتيجته إلى تعديل بعض توازنات القوى. في بعض الأحيان يتعرض الاتحاد الأوروبي للانتقاد بسبب نهجه التنظيمي الذي لا يفضي إلى الابتكار، وهو عازم على أن يكون قدوة من خلال قانون الذكاء الاصطناعي. فهل يمكن للنص، الذي لم يتم تحديد بعض طرق تنفيذه بعد، أن يثبت نفسه كمرجع فقط؟

للذكاء الاصطناعي جانب استراتيجي من الدرجة الأولى فقد أصبحت التكنولوجيا موضوعاً لمنافسة دولية محمومة تمس قضاياها مسائل اقتصادية وعسكرية واجتماعية، وما يترتب على ذلك من عواقب بطبيعة الحال فيما يتصل بالقوة والسيادة. وفي مثل هذا السياق، فإن الدولة التي تفوت فرصة الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي ستجد نفسها في صعوبة كبيرة.وسرعان ما أصبحت مسألة تنظيم الذكاء الاصطناعي مصدر قلق كبير للدول. ولسبب وجيه: إن المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وخاصة فيما يتعلق بالخصوصية، وفقدان الوظائف، وتركيز قوة الحوسبة والاستيلاء على البحوث، كبيرة. مخاوف ترددت مؤخراً بين المشاركين في نسخة 2024 من المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

وفي الواقع، على الرغم من أن الأنظمة القائمة، مثل القواعد المتعلقة بحماية حقوق النشر، أو حماية المستهلك، أو أمن البيانات الشخصية تتعلق بالذكاء الاصطناعي، إلا أنه لا يوجد حتى الآن إطار قانوني محدد للتكنولوجيا في القانون الدولي. علاوة على ذلك، لا تزال هناك شكوك كثيرة حول كيفية تطبيق القواعد ذات الصلة الموجودة بالفعل في الممارسة العملية. وفي مواجهة حالة الطوارئ، شرعت العديد من الدول في توضيح أنظمتها الخاصة، مع قيام بعضها باستكشاف جدوى إطار تنظيمي مخصص للتكنولوجيا على وجه التحديد.

وعلى الصعيدين المحلي والدولي، تتوالى المبادرات لتحديد الخطوط العريضة للإطار القانوني للذكاء الاصطناعي. وفي هذا السياق يعتزم الاتحاد الأوروبي تعزيز رؤيته للتنظيم المبني على قواعد ملزمة تتمحور حول حماية الحقوق الأساسية

وتحدد الخطة المنسقة في مجال الذكاء الاصطناعي، التي نُشرت عام 2018، وتم تحديثها عام 2021، الاتجاهات الرئيسية لنهج الاتحاد الأوروبي. ويهدف هذا إلى جعل الاتحاد الأوروبي رائد الذكاء الاصطناعي "القانوني" و"الأخلاقي" و"القوي" في العالم، وإدخال مفهوم "الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة". ويعد قانون الذكاء الاصطناعي الشهير، الذي اقترحته المفوضية الأوروبية في نيسان 2021، خطوة حاسمة نحو تحقيق هذا الهدف.

ويصنف قانون الذكاء الاصطناعي أنظمة الذكاء الاصطناعي بحسب المخاطر المرتبطة باستخدامها. وبالتالي، فإن مدى الالتزامات المفروضة على مقدمي حلول الذكاء الاصطناعي يتناسب مع خطر انتهاك الحقوق الأساسية. ونظراً لطبيعته العامة، فإن النهج الأوروبي يختلف عن أغلب النهج القائم، والذي ظل حتى الآن قطاعياً.

ومن بين المحاور الرئيسية للنص حظر استخدامات معينة مثل استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض التلاعب الجماعي، وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تسمح بالائتمان الاجتماعي. ويتم إيلاء اهتمام خاص لما يسمى بالنماذج "الأساسية"، وخاصة النماذج القوية التي يمكن أن تخدم عددًا كبيرًا من التطبيقات. واعتماداً على حجمها، يمكن اعتبار هذه النماذج "عالية المخاطر"، وهو تصنيف يترجم إلى التزامات محددة فيما يتعلق بالشفافية والأمن والإشراف البشري.

وكانت بعض الدول الأعضاء، بما في ذلك فرنسا، مترددة بشكل خاص تجاه الأحكام المتعلقة بالنماذج الأساسية، حيث اعتبرتها عقبة محتملة أمام تطوير الذكاء الاصطناعي في أوروبا. ولا بد من القول إن الاتحاد الأوروبي يتضاءل بالمقارنة مع العملاقين: الولايات المتحدة والصين. ويمثل أكبر مستثمريها في الذكاء الاصطناعي، فرنسا وألمانيا، عُشر الاستثمارات الصينية فقط. ورغم التوصل إلى حل وسط، فمن الواضح أن مرحلة التنفيذ ستكون حاسمة في الحكم على حسن نية الموقعين.

وللوهلة الأولى، يبدو أن قانون الذكاء الاصطناعي لا يفي بالمتطلبات المطلوبة. ومع ذلك، لا ينبغي لنا أن نختصر الحديث في عبارة مبتذلة مفادها أن التنظيم يضر بالابتكار.

إن خطة تنظيم الذكاء الاصطناعي ليست حالة شاذة، كما يتضح من عدد كبير من المبادرات الجارية. ومن ناحية أخرى، يتميز قانون الذكاء الاصطناعي بطموحه.ومثله كمثل اللائحة العامة لحماية البيانات، ينبع قانون الذكاء الاصطناعي من رغبة الاتحاد الأوروبي في تقديم بديل للنموذجين الأميركي والصيني. وهكذا، في وقت حيث يتم تقديم الثقافات التكنولوجية والتنظيمية الصينية والأميركية بانتظام على أنها متطرفة، يبدو النموذج الذي يدعو إليه الاتحاد الأوروبي وكأنه طريق ثالث. كما دعت العديد من منظمات الصناعة الإبداعية الدول الأعضاء إلى الموافقة على النص في اليوم السابق للتصويت، في حين ألقى إحجام باريس بظلال من الشك على اعتماده. وهذه الدعوة ليست تافهة، وهي تضم أصوات العديد من الحقوقيين والمنظمات المستقلة.

ونظراً للمخاوف، فمن الواضح أن فكرة الذكاء الاصطناعي الأخلاقي الذي يحترم الحقوق الأساسية هي فكرة قابلة للبيع، وستكون وسيلة لكسب ولاء المستهلك. لاحظ أيضًا أن ثماني شركات رقمية متعددة الجنسيات التزمت مؤخرًا باتباع توصيات اليونسكو بشأن الذكاء الاصطناعي الأخلاقي. ومن الناحية القانونية، يهدف قانون الذكاء الاصطناعي إلى تطبيقه على الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة دون الحاجة إلى تحويله إلى قانون محلي. وسيكون للنص تأثيرات تتجاوز الحدود الإقليمية، مما يعني أن بعض الموردين الأجانب قد يظلون خاضعين لأحكام اللائحة إذا كان المقصود من حلولهم استخدامها في الاتحاد.

ومن الناحية السياسية، يعد قانون الذكاء الاصطناعي أيضا مؤشرا على الوحدة الأوروبية، في وقت حيث يكافح مشروع اتفاقية الذكاء الاصطناعي الذي أعده مجلس أوروبا (الذي يضم عددا أكبر من الدول) من أجل المضي قدما. إن اختيار تركيز تنظيم الذكاء الاصطناعي على حماية حقوق الإنسان أمر جدير بالثناء، وهو ما يميز الاتحاد عن الجهات الفاعلة الأخرى. ولا شك أن ذلك سيدفع البعض إلى التشريع في هذا الاتجاه. ومع ذلك، لا يزال هناك غموض بشأن تطبيقه. وبالتالي، لكي يصبح قانون الذكاء الاصطناعي مرجعاً، يجب على الاتحاد الأوروبي وأعضائه أن يتبنى بشكل كامل الرؤية التي وقعوا عليها. وسيتضمن هذا قبل كل شيء عدم التنازل عن الكثير من الأراضي للصناعيين أثناء تنفيذه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram