علي حسين
أمس مرت مئة عام على إنشاء أول مجلس نيابي عراقي ، وخرج علينا ساستنا الكرام ليعلنوا أننا أصحاب أفضل تجربة ديمقراطية على وجه الكرة الارضية ، وبشرنا رئيس الجمهورية ان انظار العام تتجه صوب بلاد الرافدين ، بدليل أننا لا نزال نصر أن لجنة النزاهة لا تليق إلا بنائب من حجم مثنى السامرائي .. قرن من الزمان كان فيه العراقيون يأملون أن يعيشوا بسلام وأمان ورخاء، لكن سني البرلمان العراقي تحولت إلى تراجيديا فجائية.
مئة عام كان فيها كبار العراق بتجاربهم العظيمة يسعون إلى فك رموز قوة العراق واستخلاص أفضل النتائج منها، في سنوات حشد الهمم والتضحية والاعتزاز بالكرامة والولاء للوطن.. هؤلاء الكبار الذين ربما لا يعرف الجيل الجديد حتى أسماءهم جيداً.. ولا يتذكر البعض وجوههم، يطلون علينا كلما تعرض البلد إلى محن وأهوال كي يذكرونا بأننا نستطيع أن نتكاتف ونهزم مشاكلنا حتى ولو بدت تافهة، كمشكلة اللامبالاة التي زحفت على نفوس العديد منا، أو بدت مستعصية كمشكلة تدهور مستوى التعليم والصحة والخدمات العامة. كلها مشاكل تراكمت علينا.. وأصبحنا نحوم حولها.. نتكلم.. نتعارك.. ونتاجر فيها ويكسب البعض منها ثروات طائلة.. بينما تعاني الأغلبية من الإهمال والفساد والرشوة.. هذه المشاكل كبيرها وصغيرها.. نملك نحن حلولها. الحل في أيدينا نحن.. لو تجمعت الهمم من جديد.. واستيقظت بداخلنا روح التحدي. هذه أعظم دروس تاريخ العراق وخلاصة تجارب محمد رضا الشبيبي وعبد المحسن السعدون وكامل الجادرجي وحسين جميل وروفائيل بطي وساسون حسقيل وجعفر العسكري وجعفر ابو التمن وتوفيق السويدي ومحمد حديد ومحمد أمين زكي وآخرين. لقد استغرقنا في برامج (الردح البرلماني ) وأصبحنا نشاهد وجوهاً غابت عنها ملامح الطيبة والتسامح ، وجوهاً تحب الخطب الزائفة والأكاذيب الملونة، حفظنا أصواتهم ووجوههم.. وضجرنا من تكرار أحاديثهم.. وآن الأوان أن ندير المؤشر صوب بناة العراق الحقيقيين.. ونسألهم كيف يمكن الخروج من المأزق الحالي؟ استعادة رموز العراق مهمة وطنية على الجميع المساهمة فيها ، إننا نحتاج إلى تعبئة معنوية تنتشلنا من حالات الإحباط واليأس.. وهو الدور الذي يجب أن تلعبه الصحافة ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ، وساستثني منظمات المجتمع المدني لأنها تحولت إلى دكاكين .
ربما سيسخر البعض مني ويقول: يارجل لماذا لا تتوقف عن متابعة يوميّات السياسة” ألا تشعر بالملل؟ ما الذي تريد أن تصل إليه، سؤال أراه وجيهاً مئة بالمئة، ومطلوب من ”جنابي” أن يكون جوابه أكثر وجاهة، فأنا ياسادتي الأعزّاء، مجرّد مواطن عراقي مغلوب على أمره، لا أجيد غير مهنة الكتابة، أبحث عن دولة قابلة للتطور في وطن قابل للحياة. لا يغرق في الخطابات الطائفية .