كمال يلدوديترويتلأيام معدودة حل الكاتب يوسف أبو الفوز ضيفا في الاتحاد الديمقراطي العراقي في مدينة ديترويت، التي التقته بحفاوة من مثقفيها وضيوفها مساء الجمعة الماضي في أمسية قدم فيها الشاعر إسماعيل محمد إسماعيل نبذة عن الكاتب ومن ثم دعاه للحديث عن تجربته الأدبية والصحفية وعن هموم الثقافة العراقية الآن .
ابتدأً الضيف كلامه بتوجيه الشكر لزملاء الاتحاد والحضور الكريم على الحفاوة والمحبة التي قوبل فيها والتي أشعرته انه بين أهله وأصدقائه، وأشاد بنشاطات الاتحاد الديمقراطي ، واستذكر موقف الاتحاد في التضامن مع السجناء العراقيين في استونيا عام 1993 ، حيث كان الكاتب واحدا منهم ، ثم عرج للحديث عن أهم المراحل في حياته ابتداءً بالبيت الذي نشأ فيه ، في مدينة السماوة ، اذ سمع وتعلم الف باء الوطن والوطنية ، وعرف عن السجون والملاحقات وهو لمـّا يزل يافعا ، وعن وفرة الكتب والحوارات الجادة في البيت وموقف والده وأخوته الأكبر سناً مروراً بموقف والدته التضامني مع الابن الشقي "يوسف"، ثم مـر على المدرسة المتوسطة وكيف ان مدرس اللغة العربية الأستاذ "عبد الأمير عبد الوهاب" كان له الفضل في اكتشاف موهبة الطالب " يوسف" ، ذي الثلاثة عشر عاما، في كتابة القصة القصيرة في درس الإنشاء وما ترتب عليها من التزامات لاحقة في كتابة المقالات والقصص والنشرات المدرسية ، وأشاد بالمدرسين والاصدقاء من مثقفي المدينة الذين قدموا له التوجيهات وأرشدوه بشكل مبكر لدراسة التراث وكلاسيكيات الأدب العربي والعالمي . في منتصف السبعينيات ، من القرن المنصرم ، وفي جامعة البصرة /كلية الإدارة والاقتصاد ، بدأت تجربة "يوسف " تتركز في الكتابة ، والصحافة والعمل السياسي وصولا حتى بدء النظام بحملة التنكيل بالشيوعيين والوطنيين أوائل عام 1978 مما اضطره لترك الكلية والاختفاء لفترة سنة ونصف بين عدة محافظات عراقية ، حتى انتهى الأمر به إلى السفر الى الكويت عبر الصحراء السعودية مشيا على الأقدام ، وممارسة العمل الصحفي هناك لفترة في الصحافة الكويتية والكتابة باسماء مستعارة ، ومن ثم الانتقال الى اليمن الديمقراطي والعمل في سلك التدريس لمادة التأريخ ، وبعدها الالتحاق بحركة الأنصار في كردستان العراق لفترة ثماني ســنوات ، حيث هناك تجذرت أكثر اهتماماته بكتابة القصة ، ومنحته تجربة الأنصار بصعوباتها وغنى مفرداتها، أبعاداً جديدة في الكتابة ، ومن ثم بدأت مرحلة البحث عن ملجأ آمن عبر المرور بروسيا ، ثم السجن لمدة عام في استونيا ، حيث اختاره السجناء من العراق ليكون ممثلا لهم ، ليساهم في تنظيم حياتهم والعمل لإطلاق سراحهم ، حتى اســتقر فيه المقام مطلع 1995 في " فنلندا" التي قبلته ضمن مجموعة من اللاجئين الذين كانوا ضحايا مافيات تهريب اللاجئين .لم تثنه كل هذه المحطات الصعبة من الكتابة عن تجربته وتدوين ملاحظاته ، ولا عن تحريره عشرات المقالات الصحفية ، والتي أسست لاســـمه المستعار " يوسف ابو الفوز" الذي كانت له حكاية طريفة ، انتهت بتبنيه هذه الكنية التي صارت له اسما حملته إصداراته وكتاباته ونشاطاته .في بداية مشواره الإعلامي والثقافي ، أشار إلى انه كان مشتتا شيئا ما ، أذ كتب الشعر والقصة وكتب للمسرح والمقالات السياسية ، وعمل مراسلا لصحيفة " طريق الشعب" ، لكنه في خضم ذلك اهتدى الى الاستقرار في كتابة القصة وقرر الدراسة والبحث في هذا اللون من الكتابة ، ليكون مبدعا فيه لاحقا .ويقول "ابو الفوز" ان هذا المحطات المتنوعة والمتقلبة قد وفرت له أيضاً فرصة التعرف على ثقافات متنوعة ويخص منها ثقافة الشعب الكردي ، والروســي والشعب الفنلندي ، وهو لهذا قرأ آدابهم وثقافاتهم بلغات تلك البلدان الأصلية ، وعن منفاه الأخير "فنلندا" ،فقد وفـّر له حالة من الاستقرار النسبي ، ومجالاً واسعاً من الحرية بعيدا عن الاملاءات .اما فيما يخص هموم الثقافة العراقية، فأبو الفوز يشير الى أنها محكومة بتطورات الوضع السياسي في العراق ، وان حالة البؤس الذي وصلت اليه ابتدات منذ ايام النظام الديكتاتوري البائد حينما انقض على الثقافة والمثقفين ، ثم جاء الاحتلال وما تسبب عنه ، ثم أكملت حكومات المحاصصة الإجهاض عليها ، بعدم توفير المؤسسات والاطر الصحيحة التي تستوعبهم ، ناهيك عن نظرة الريبة والشك الى هذه الجمهرة من المثقفين ، اذ ان هدف الحاكم ، والكثير من السياسيين هو تحويل المثقف الى بوق دعاية تابع لهم . اما المصيبة الأكبر فتتمثل بهجرة آلاف المثقفين وانحسار عطائهم ناهيك عن عملهم بشكل غير جماعي مما يؤثر سلبا على حجم تأثيرهم على مجمل الاحداث . وأشار الضيف "يوسف" الى ظاهرتين خطرتين ، الأولى كانت في قيام العديد من رموز النظام البائد بخلع "الزيتوني" وارتداء عباءة الدين والديمقراطية ، والثانية كانت في عدم جرأة الكثير ممن اجبرهم النظام على تلطيخ ســـمعتهم ، من الاعتذار للشعب عما قاموا به من اساءات للثقافة العراقية ، واليوم صار بعضهم في واجهة العمل والنشا
تجربة ابو الفوز.. فـي ضيافة الاتحاد الديمقراطي فـي ديترويت
نشر في: 3 سبتمبر, 2010: 04:56 م