TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كوميديا رئاسة مجلس النواب

العمود الثامن: كوميديا رئاسة مجلس النواب

نشر في: 12 مارس, 2024: 10:56 م

 علي حسين

يعود الكولومبي غابريل غارسيا ماركيز إلى الواجهة التي لم يغب عنها رغم رحيله قبل عشرة أعوام ، هذه المرة ينتظر القراء عبر العالم رواية جديدة لكاتبهم المفضل بعنوان " نلتقي في آب " ، حيث نعيش من جديد مع عالم الواقعية السحريّة. ولكن أليس الواقع الذي نعيش فيه اليوم أغرب من السحر والخيال معا؟ وما هو أغرب من أن يُصرّ قادة الإطار التنسيقي أن يكون رئيس البرلمان القادم تابعاً لهم ، لا ممثلاً للشعب ، في مقابل هذا الإصرار على تحويل منصب رئيس السلطة التشريعية إلى ديكور مهمته أن يقول نعم ونعم ونعم .

عندما كتب ماركيز النسخة الأولى من روايته الشهيرة مئة عام من العزلة التي كانت بأكثر من 800 صفحة رفضها الناشر وهو يوبّخه: من يقرأ كلّ هذا الكوم من الورق؟ فأعاد ماركيز كتابتها وهذه المرة بـ600 صفحة فرفضها الناشر مصرّاً على أن لاتتجاوز الأربع مئة. ولم يكن يدري أنّ هذه الصفحات الأربع مئة ستأخذه إلى المجد.

ظلّ نموذج السياسي المتسامح يشغل ماركيز طوال حياته، وهو يقول لكاتب سيرته " لقد تعلّمت أنّ الإنسان عليه أن يساعد الآخرين على الوقوف مرفوعي الرأس إلى جانبه.. الإنسان الذي يصرّ على أن ينظر إليه الآخرون مطأطئي الرؤوس لايستحقّ صفة الإنسانية " .

منذ قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية محمد الحلبوسي ، ونحن نعيش مسرحية اختيار رئيس للبرلمان ، وجدنا من ينادي بأن يُلغى هذا المنصب ، فيما وجدنا آخرين يصرون على أن من حق الإطار التنسيقي الاحتفاظ بكرسي رئاسة البرلمان .

للاسف في كل مرة تتحول الانتخابات من منافسة على العمل الخدمي إلى صراع على البقاء. وبدل أن تقرر مثل هذه الانتخابات مدى تطور ثقافة الحكم وقدرة المواطن على الاختيار، فإنها ستقرر مدى استمرار زعامة فلان ، ومدى أهمية علان .

لا نعرف إن كان السياسيون يضحكون علينا أم لا. لكن الأكيد أن هذا التهافت للحصول على كرسي البرلمان ، لا علاقة له بالديمقراطية ، ولا بأهم ما فيها، أي العمل من أجل خدمة المواطن.

للأسف اليوم معظم الذين يجلسون على كراسي مجلس النواب، ينظرون إلى الشعب، كمجموعة من التابعين، أنت مواطن صالح، ما دمت تهتف للطائفة وتنتخب ” عقال الرأس “، وتمنح صوتك لمثيري الطائفية، وتهتف باسمهم طوال الوقت، وتبتلع خطبهم الملوثة بالجهل والكراهية.

في كل دول العالم، الانتخابات مهمته اصلاح احوال البلاد ، ، فالتصويت في الانتخابات يهدف الى التطوير وليس الى التدوير . وبالتالي فان الاصرار على ان تستمر الوجوه القديمة في تنغيص حياة الشعب وسلب ثرواته ، نوع من الكوميديا السياسية التي لا يريد لها البعض أن تنتهي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram