علي حسين
هل نحن شعب لا يجيد فنّ الضحك، ولماذا ترانا نُدشِّن كلّ صباح من أيامنا، بحثاً عن حزنٍ مبرَّر، لنجد أنفسنا حزانى بلا سبب، لم نحتمل وجود ساخرين كبار من أمثال " ميخائيل تيسي " الذي أصدر أول صحيفة فكاهية أسماها " كنّاس الشوارع " أراد من خلالها انتقاد العادات والنواقص في الناس والمجتمع،
فاختار لها المكنسة التي لم تجلب له في النهاية سوى المصائب بعد أن وجد نفسه ذات ليلة محاصراً بالعصي والسكاكين ليقرر على إثرها رمي المكنسة في نهر دجلة، وأصابت بعد ذلك الكآبة اثنين من أكبر المضحكين، وهما نوري ثابت " حبزبوز " الذي مات معوزاً، وسليم البصري " الحاج راضي" الذي اقتصّت منه الكآبة وضيق الحال لتنتهي حياته وهو لا يملك ثمن علبة سجائر. وبعد أكثر من ربع قرن على رحيله يطارده صناع مسلسل " أبجد هوس ".
لقد ارتضينا أن نبكي ونشكو وأن نبقى على هذه الحال، لا نغيّرها حتى يغيّر الله ما في نفوسنا، ولأننا نعيش في ظلّ ساسة ومسؤولين يريدون لنا أن نستمر في النواح والبكاء ، فالفرح مهنة أصحاب المستقبل ، ونحن نريد أن نؤسس لثقافة الماضي ..
في خضم أخبار البحث عن خبر مفرح بدلا من البحث رئيس لمجلس النواب ترضى عليه دول الجوار ، ووسط أخبار الغلاء التي تطارد المواطن البسيط ، ثمة أفعال وأخبار تبدو غريبة في أحيان كثيرة، من هذه الأخبار ، القرار الذي اتخذته المحكمة الاتحادية بمطاردة المحتوى الهابط ، ومعه بالتأكيد واتمنى ان اكون على خطأ ، مطاردة أي مواطن مشاغب تسول له نفسه الاقتراب من قلاع المسؤولين .
بالتأكيد سأجد بعض القراء الأعزاء يتهمونني بانعدام الضمير؟، وأنني كاتب بطران أجلس وراء الكيبورد وأحاول بكل برود أن أدافع عن الرذيلة وكان عليَ أن أناقش نظرية حمد الموسوي في كيف تصبح مليارديراً بأموال الدولة .
قد نعطي رجال القانون في العراق العذر في حملتهم ضد ما يسمى "المحتوى الهابط"، لكننا ايها السادة في هذه البلاد لا زلنا نعيش الصمت المريب على المحتوى الطائفي الذي تبثه الكثير من الفضائيات ومعها ضيوف بالبرامج مهمتهم تمزيق هذا الوطن وإشعال الفتنة فيه، دون أن يتعرض لهم أحد أو أن يسأل من يقف وراءهم؟، فوجدنا مَن يعتبر المحتوى التحريضي حق يكفله القانون والدستور، مثلما لا يزال يحمي نواباً وسياسيين نهبوا مئات المليارات من أموال الشعب.
منذ ما يقارب العشرين عاماً من الوقائع والأحداث ، لا يزال يراد منا ان نبقى "الشعب المطيع" وأن نعيش معهم في مجتمع مغلق، مؤسسات دولة تخاف من مواقع التواصل الاجتماعي ، فيما المواطن وحيداً في الشارع ينتظر من يؤمّن له حياته وحاجياته وينشر الأمل والتسامح.