TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فــــارزة :أسطوانةُ بايدن

فــــارزة :أسطوانةُ بايدن

نشر في: 3 سبتمبر, 2010: 09:35 م

 علي عبد السادةالسياسةُ لعبةُ أصواتٍ أيضا. تتحركُ بوصلتُها على خارطةِ أزماتنا مع انخفاضِ هذا الصوت أو ارتفاع ذاك. لكن ما تُصدرهُ أسطوانةُ جو بايدن، هذه الأيام، بدأ يُصدعُ الرأس.قد يكون المسؤولُ الامريكي الرفيع، في زياراته لبغداد،
يُشجعُ على الإسراعِ بحلِ عُقدةِ الحكومة، وربما يهمسُ في أُذنِ بعضِ الفرقاء بتعويذتهِ للحل، وأحياناً يذهبُ إلى ما هو أبعد من ذلك: فلانٌ يتحالفُ معَ فلان ليكسبَ فريقُهما ثقةَ البرلمانِ بمرشحِ الحكومة. وقد يكون الحائرُ بمصفوفةِ التحالفات العراقية لم يفعلْ شيئاً من كُلِ ذاك. وفي النهايةِ تكونُ "حسبة" كواليسِ الزيارةِ من نسجِ رأي عام ما زالَ يُخفقُ في مسكِ وجهة الأمور في عراقٍ يبحث عن حكومة.لكن استحواذ "حقيبة" بايدن على مشهد الحكومة يعودُ، في ما يعود، إلى فعلنا السياسي المُترهلِ؛ التفاوض بدم بارد، بينما يتصاعدُ التذمرُ في الشارعِ، يخلقُ الفراغات والفجوات في جدار العملية السياسية:" بايدن سيضغط .. بايدن سيباركُ تَحالفاً بعينهِ .. بايدن سيُشكلُ الحكومة"!.يا ترى كم مقعدا حصل عليه بايدن في انتخاباتنا؟ أن يعبر دور الرجل في الأزمة حدوده الطبيعية فهذا من جراء إخفاقنا في إنهائها.البيت الأبيض، وكما يُفصح أداء ضيفِهم في بغداد، كان يأملُ في أن يتضمنَ خطابُ الرئيس أوباما جملةً تَقول في يومِ الانسحاب:" تَركنا العراقَ ولديهِ حكومةً منتخبةً". وكانت رغبةً سياسيةً مشحونةً بالعاطفة من قبله، وهي عاطفة تتجلى في أن يكون الرئيس أوباما منتشياً أكثر وهو يعلن، في خطابٍ رسمي، رمزيةَ الانسحاب. وقد لا يهتمُ الاميركيون لشخص رئيس الحكومة، المهمُ بالنسبةِ إليهم هو انه موجود وإن تجربةَ انتخابات السابع من آذار انتهت على خير، ذلك سيجعل من وعد الانسحاب خبرا ممتازا للبيت الأبيض.لكن من قالَ إن ذلكَ يُبررُ لبعضِ النخبِ السياسيةِ رهن إرادتها بحزمة مقترحات اميركية؟ في ما لو صح مثلُ هذا الافتراض.في كلِ مرةٍ تهبطُ فيها طائرة بايدن في بغداد، تُبذلُ قصصٌ وتأويلات تفترضُ علمها بما يحمله لأزمة حكومتنا، وتستثمرُ هذه الفوضى في إطلاقِ بالوناتِ اختبار لعّلها تكسبُ جولةً في المفاوضات. وما أن يغادر حتى ينجلي الغبار:"ما زالت في العراق قوى تحب طبخ عمليتها السياسية على نارٍ محلية".صحيحٌ أن الاميركيين أرادوا وضعَ حدٍ لعملياتهم القتالية هنا. لكنهم، أيضا، لا يحبون الرحيل المخيب، لهذا، ولغيره، يتصاعد صوت اسطوانة بايدن، وعلى لسان غيره، كلما حل ضيفاً على البلاد.دولتنا الفتية التائهة في مخاض الولادة يُرهقها كثيراً التداخلُ في الأصوات، أنه يشبه التداخلَ في الأفكار، الخوفُ كلُ الخوف من أن تضيعَ فكرة العراق، وصوتهُ الأصلي.مرةً أخرى، فالعراقيون الحالمون بالديمقراطية حياةً وتقاليد، يكرهون، دون غيرهم من الذين يرفعونها شعارا للدعاية، أسطوانات الخارج "المشخوطة". إنهم، ومنذُ زمنٍ تصاعدت فيه أصوات متناقضة ومختلفة، ينتظرون أسطوانة عراقيةً تُصدر صوتاً محلياً صافياً لا تشوشهُ الأنغام المستوردة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram