الموصل/سيف الدين العبيدي
رغم ما مرت به أم الربيعين من ظروف أمنية واجتماعية صعبة على مدار السنوات السابقة جعلتها تفقد الكثير من موروثها الشعبي الذي تتميز به لكنها تعاود اليوم احياء التراث بكافة انواعه واصبحت انظار أهالي المدينة وخاصة من فئة الشباب على إعادة ما اندثر من بعض التراث وانقاذ ما هو موجود.
وحين يأتي شهر رمضان يحمل معه الكثير من الطقوس والعادات والتقاليد المتوارثة فيه ومنها المسحراتي المعروف لدى أغلب الدول العربية وابرزها العراق وبالتحديد في العاصمة بغداد ومدينة الموصل، موروث اندثر لأكثر من عقدين من الزمن، يعاود الظهور مرة أخرى في ازقة الموصل القديمة وما تسمى باللهجة العامية "العوجات"، صوت المسحراتي مع طبله الذي يصدح في اذان النائمين لإيقاظهم على تناول السحور اعاد كبار السن الى ذكريات الزمن القديم وعرف الجيل الحالي عنه. ويقول غفران العامري وهو احد سكنة منطقة باب لكش في المدينة القديمة، خلال حديث لـ(المدى)، إن "إعادة ظاهرة "المسحرجي" وبدأت منذ شهر رمضان لعام ٢٠١٨ مرتديا الزي الموصلي القديم والقريب الى الزي الحلبي في سوريا ومع طبله الذي اشتراه من سوق شقلاوة في مدينة اربيل، بعد فترة علاج تلقاها في مستشفى غربي اربيل لمدة ٦ اشهر بعد إصابته في معارك التحرير في منطقة البطن والرجل اليمنى من جسده".
"سحور سحور.. اصحى يا نايم.. وحد الدايم" بهذه الكلمات التي يرددها العامري على مسامع الناس في الازقة لأجل ايقاظهم عند وقت السحور وفي بعض الأحيان يخرج معه الاطفال والبعض الاخر من الرجال عند سماعهم لصوت الطبل، يتلقونه عند الطريق يقدمون له التمر والماء كنوع من الكرم والضيافة.
ويبين العامري، أن "الفكرة جاءت بتشجيع من والدته في إعادة المسحراتي الى الموصل القديمة وبدأ ظهوره الاول في رمضان بعام ٢٠١٨ واخذ يجول بين الازقة والقناطر ويسير فوق الانقاض والدمار الذي حل بالمنطقة التي تواجدت فيها عوائل قليلة جداً آنذاك، إلى ان عادت الحياة إليها تدريجياً واصبحت اليوم في افضل حال".
ويتابع، أنه "رغم وجود الجوامع والمنبه في الهاتف لإيقاظ الناس لكنه اراد إعادة التراث و الموروث الشعبي، والناس استجابت لما يفعله وشجعته اكثر وخاصة من كبار السن، الذين يعودون الى ذكريات زمانهم عندما يسمعون صوت الطبل يعودون، وكذلك أراد العامري ان يعرف الاطفال والجيل الحالي من هو "المسحرجي".
ويكمل المسحراتي، أنه "في قديم الزمان كان البعض من "المسحرجية" يتخذونها كمهنة لهم ويأخذون مكافأت من اهالي المنطقة في ليلة عيد الفطر وحتى الفقير كان يقدم "للمسحرجي" مواد غذائية او ما شابه، لكنه منذ ٧ سنوات وهو يقدم هذا العمل لوجه الله تعالى وبجهود ذاتية منه دون اي دعم من اجل الحفاظ على التراث".
ويؤكد العامري، أنه "من الواجب على الشباب ان يعيدوا موروثهم القديم خاصة بعدما اصيبت أم الربيعين من اندثار في تراثها، وانه يسعى الى جذب شبان اخرين يقدمون هذا النشاط معه خلال رمضان الحالي أو القادم من أجل زيادة أعداد المسحراتي وجعله يجول في جميع المناطق والاحياء في جانبي المدينة ولا يقتصر على الموصل القديمة فقط".