علي حسين
كنت أنوي أن أخصص عمود اليوم للحديث عن الصين وهي تحتفل هذا العام بمرور 75 عاماً على تأسيس جمهوريتها الشعبية التي قادها ماوتسي تونغ، الصين التي مرت بمنعطفات وخلافات وصراعات تقدم كل يوم دروساً جديدة للعالم،
فقد تمكنت من توجيه أكثر من مليار إنسان نحو ستراتيجية اقتصادية ودولية أذهلت الجميع، لم تعد الشيوعية إلزاماً في الصين ، فمارست التطوير وتعديل المسارات، حتى وصل الأمر أنه يندر وجود منزل في العالم لا توجد فيه قطعة صنعت في الصين.. أدرك الزعماء الصينيون أن التنمية هي فرصتهم الوحيدة، فتبنوا مبدأ العمل المتواصل ريثما يلحقون بركب العالم المتقدم ، فيما لا نزال نحن نعتقد نحن سكان بلاد الرافدين أن طريق التنمية يمر عبر قانون المنع واصدار قوانين تحسب على الناس انفاسهم ، فقد اكتشفنا ان الفن يريد أن يبعدنا عن الصناعة والزراعة والتطور . منذ أيام ونحن نقرأ بيانات يحذر فيها أصحابها من المساس بتقاليد المجتمع العراقي ، فنحن نعيش عصر الازدهار والتنمية الذي تتآمر عليه المسلسلات التلفزيونية.
ما حدث خلال الأيام الماضية يثبت للمواطن العراقي أن مجلس النواب لا يضع الخطط لبناء مؤسسات الدولة ، وأن القضاء للأسف ترك نور زهير يتمتع بمليارات صفقة القرن ، وقرر أن يلاحق الست وهيبة ، وإلا ماذا نسمي ماجرى أيها السادة ؟ !.
دعوني أسأل ، ما هي الرسالة التي نريد أن نقولها للمواطن العراقي الذي ينتظر تنمية حقيقية ومساكن توقف توغل غسيل الأموال في العراق ومستشفيات تليق بالبشر ، ومدارس لا تستخدم الكارتونة كجهاز تكييف ، ومعامل تقضي على بطالة الشباب ، وزراعة لا تجعلنا نستورد حتى البصل ، وتعليم لا يخضع للمحاصصة ، وإلا أيها السادة فأن كل ما يجري ما هو إلا محاولة للضحك على عقول الناس .
ماذا سيقول المواطن الذي لا يملك ثمن عشاء لأطفاله ويسكن في بيوت من الصفيح في الوقت الذي تحول فيه العديد من النواب السابقين إلى أصحاب ثروات وفضائيات وشركات في دول الجوار وقصور وشقق في بيروت ودبي ولندن ، ولم يطاردهم القضاء منذ سنوات مثلما أسرع في الحكم على مسلسل تلفزيوني .
يفقد البعض في لحظات النشوة الخطابية الصلة بالواقع، ونراه يحاول جاهدا أن يمنع الناس عن السمع والنظر.. ويصر على أن يطبق على مستمعيه طريقة تفكيره ثم ينظر إلى نفسه فيقرر أن يطبق على المستمعين طريقة لباسه، تتذكرون خير الله طلفاح قائد حملة "إنما الأمم الأخلاق" ، في الوقت الذي كان فيه يسرق الأخضر واليابس .
إن مطاردة مسلسل تلفزيوني تفضح للأسف كل ما كان مخفياً من شعارات عن الديمقراطية وحق المواطن العراقي بالخدمات ومحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.