اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > نعم، لا، ربّما

نعم، لا، ربّما

نشر في: 23 مارس, 2024: 10:34 م

شعر: أديب كمال الدين

الذين يقولون: إنَّ أصلَ الحرفِ نقطة،

يفهمون في الأبجديّةِ فقط ولا يفهمون في الحُبّ.

ذلك أنّ أصلَ الحُبِّ نقطة،

أعني نقطة الباء.

*

في الكتابِ الذي أعدتُ كتابةَ مسودّته للمرّةِ الألف،

كتبتُ إهداءً قلتُ فيه الكثيرَ لكنّي نسيتُه.

النّسيانُ داءٌ عظيمٌ يصيبُ العشّاقَ والمجانين والمنفيين.

أعراضُه كتابةُ الشِّعرِ وطَرْق بابِ الحرفِ دونَ جدوى.

أحياناً،

وهذا سرّ أرجو أن لا يصدّقه أحد،

يطرقون بابَ الموت.

ليسَ مُهمّاً مَن هم الذين يطرقون بابَ الموت.

المُهمّ أنّني أسمعُ طَرْقَ البابِ الآن

لكنّني لن أفتحَ الباب

إلى أن أنتهي من كتابةِ هذه القصيدة.

*

انتقلتُ كثيراً من مدينةٍ إلى أُخرى،

أعني من قصيدةٍ إلى أُخرى.

كنتُ أنتقلُ بالباصِ أو الطائرةِ أو الحلم

بعينين تفيضان بالدمع،

وهذه عادةٌ سيئةٌ دونَ شكّ

لمَن يعاني مِن مصاعب في النومِ أو في السّرير.

مَن قال: إنَّ الحياةَ حلمٌ؟

لا أعرفُ، لكنّه لم يكنْ كذّاباً أبداً.

*

معَ أنَّ القصيدةَ غير مُرقّمة

فإنّني أحاولُ أن أضعَ الرقمَ الصحيحَ لها حتّى أتوازن

أي حتّى لا أتحوّل إلى حرفٍ طائر أو نقطةٍ تائهة.

*

ماتَ الشَّاعرُ الكُحوليّ

وكانَ يسقطُ من السّريرِ أثناءَ النوم.

أنا مثلهُ أسقطُ من السّريرِ أثناءَ النوم

معَ أنّني لا أشربُ الخمرَ أبداً.

هل في هذا ما يدعو إلى الضحك؟ ربّما.

*

بدأ الشَّاعرُ الكحوليُّ يقفزُ على السّريرِ من الفرح

وأنا أقرأُ له قصيدةً عن الجمرِ والخمر

لكنّه قالَ لي

وأنا أحاولُ عبثاً تمشيطَ شَعْري أمامَ المرآة:

ابْقَ هكذا يا صديقي، أنتَ تحاولُ والشَّعْر يرفض.

انتهى حوارُ الشِّعرِ والشَّعْرِ حينَ سقطتْ قذيفةٌ بيننا،

فذهبَ هو إلى أقصى النُّقطة ليموتَ وحيداً

وأنا ذهبتُ إلى أقصى الحرف

لأموتَ وحيداً أيضاً.

ولم يكنْ في موتنا فرْقٌ سوى فرْق التوقيت.

*

هذا كتابٌ عن الحُبّ

لكنّه غير مخصصٍ للعُشّاق.

العُشّاقُ الآن يشاهدون أفلاماً من الدرجةِ العاشرة

ليمارسوا فنَ القُبْلة.

في زمني كانَ الحرفُ هو السبيل إلى ذلك،

ولذا كانَ الحرفُ مُصاباً

بداءِ العاطفةِ المُلتهبةِ وبأغنياتِ السذاجة.

أنفقتُ أربعين عاماً

لأخلّصَ الحرفَ من العاطفةِ والسذاجة

حتّى تحوّلَ إلى صخر.

هل أنا صخرٌ؟ لا أظن.

*

الأنبياءُ كانوا عُشّاقاً أيضاً،

عُشّاقاً بعيونٍ زادها الكحلُ جمالاً.

كانوا يعشقون الحقيقةَ ويكتبون رسائلهم إلى الله

فيتقبّلها منهم بقبولٍ حَسَنٍ.

الآن أنا أعيشُ في زمنٍ لا أنبياء فيه.

إنّما فيه قِرَدة من كلِّ نوعٍ

تلوكُ الحروفَ والنقاط،

وترقصُ على المسارح،

وتلعبُ بالملايين،

وتطلقُ النّارَ بسرعةِ البرق

على كلِّ مَن يخالفها الرأي

حتّى لو كانَ على نوعِ الرقصةِ فقط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram