إعداد /علي جابرأكد العديد من الدراسات أن انخفاض معدل سكر الدم أثناء الصوم، يرافقه الهدوء والسكينة ما يشعر الصائم بالطمأنينة والابتعاد عن القلق والغضب وسرعة الاستثارة، لكن فيما يفترض ان يتسم خلق الصائم بالصبر والتريث والتحكم بالأعصاب والمزاج، يلحظ زيادة في العصبية عند بعض الصائمين.
بشأن هذا الموضوع، أشار الدكتور احمد فاضل رحيم أختصاصي امراض نفسية ، إلى ان الصيام الحقيقي فقط هو الذي يعمل على تحسين الصحة النفسية والبدنية وليس صيام التجويع. وفسر قائلا:يفترض بالصيام التعبدي الحقيقي ان يرافقه تحسن في الصحة النفسية عموما، فانشغال الناس بالعبادات والصيام عن الإيذاء والفتنة وأي قول أو عمل خبيث وقراءة القرآن مع الإحساس بالكلمة، يبعث على الطمأنينة والراحة، بيد أن ما يلحظ من زيادة في توتر البعض هو نتاج لشعورهم بالجوع فقط، من دون إحساس بالجو الديني أو بفضيلة الصيام. حيث يرتبط الصيام لديهم بالإحساس بالتقييد والامتناع عن تناول الطعام فقط.صيام المصابين بالأمراض النفسية يلزم الصيام على المسلم العاقل ومن تمكنه صحته من القيام به من دون أذى، لذا لا يلزم به من فقد عقله أو يعاني من الذهان، في حين يسمح بصيام من يعاني من الأمراض العصابية وبعض حالات الفصام المستقرة التي تكون متبصرة لحالتها. ويقصد بالحالات العصابية، حالات القلق والخوف والوسواس القهري والهستيريا .فللصيام الحقيقي تأثير مهدئ ومخفف من التوتر والخوف، وهو الهدف ذاته الذي تقوم به العقاقير التي يتناولها المصابون بهذه الحالات، كما ان للصوم اثرا ايجابيا في تقوية الإرادة ومنح الأمل، وهو ما يعد نقطة ضعف لدى المرضى النفسيين. القلق المرضي يقل في رمضانيمكن للقلق ان يتحول إلى حالة مرضية إذا زاد عن معدله الطبيعي، ليصبح خوفا يتملك الإنسان، سواء نتج عن شيء ما أو من لا شيء. وفي حالة خوفه من شيء، فقد يكون الشيء مؤقتا أو ذكرى سابقة لحادثة مؤلمة أو لصدمة. والصيام لهذه الحالة مفيد، لكونه يذكر المؤمن بالقضاء والقدر وبأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ويزيد من قوة صبره وتحمله. أما لو كان الخوف من اللاشيء كالخوف من المستقبل والمجهول، فالصيام مفيد هنا أيضا، لكونه يعطي نوعا من عمق الإيمان وعدم الخوف من اللاشيء. وللتوضيح، فالشخص يصوم لأنه يؤمن بوجود الله عز وجل، وهو لم يره، فيقوم بالعبادات نتيجة لإيمانه ولشعوره بوجوده، ما يعزز طمأنينة قلبه ويقلل من خشيته من المجهول ويهدىء من روعه. والوسواس القهريالوسواس هو عبارة عن استحواذ فكرة أو عمل على الشخص بما يسبب تكرار ممارسته أو التفكير به بشكل لا يمكن التحكم به، بل يجد نفسه مغصوبا على الاستمرار. ومن أكثر أنواعه شيوعا: تكرار غسل اليدين أو الجسم أو إمساك السكين أو أي شيء آخر، وتكرار الفعل ذاته مرات عدة في اليوم نتيجة لشكوك الشخص في اتساخ اليدين أو الجسم أو التفكير بالسكين. وعليه، فإن الصوم يفيد في شغل الشخص عن الوسواس بالتفرغ لأداء أعمال رمضان ما يعمل على تخفيف الأعراض.ويضيف الدكتور احمد فاضل: ــــ لا يغفل هنا التذكير بان الصيام عبارة عن تمرين ذهني وجسدي على التحكم بالنفس والابتعاد عن الوسواس والانشغال بالصيام لمدة تزيد على 13 ساعة (زهاء 15 ساعة حاليا).اضطراب ما بعد الصدمةهذا الاضطراب من أنواع القلق، وهو عبارة عن استرجاع الشخص للمشاعر التي أحس بها خلال صدمة في حياته، مما يسبب له القلق الشديد، وأحيانا قد يصل إلى حد حدوث نوبات الهلع، ويتطلب علاجه تناول عقاقير تعمل على تهدئة التوتر والخوف مع تعزيز شعوره بالاطمئنان والأمان واتزانه العقلي والذهني، وهو ما يمكنه الحصول عليه في شهر الصيام. فالخشوع والارتباط الاجتماعي وصلة الأرحام والجو الديني العام عوامل تسهم في تهدئة روعه وتوتره، كما تساعد على الاعتراف بالذنوب ومسامحة النفس وتقبل الصدمات والحوادث على كونها قضاءً وقدراً. ويرافق الانشغال بأعمال الصيام وبما يحيطه بها من أجواء روحانية مريحة، انخفاض في معدل التوتر والتفكير بما حدث وما سيحدث.يشغل المكتئبين الصيام مفيد للمصابين بحالة الاكتئاب، فهو يشغل مساحة المكتئب بالقيام بأعمال كثيرة، ما يفقده الإحساس بالفراغ والوحدة والكآبة ويسبب انحسار الأعراض، بل ان جو رمضان الاجتماعي والروحاني مفيد جدا لهذه الحالات، حيث يسهم في زيادة معدل ثقتهم في النفس وطمأنينة القلوب والشعور بالامل. ومن المعروف أن الاكتئاب ترافقه أفكار تشاؤمية ولوم للنفس والتفكير بأفكار سلبية وبالأخطاء والذنوب، أما الصيام فيعمل على تحسين النظرة للحياة والواقع، والاستغفار والتسامح مع النفس ومع الآخرين. والحمد لله، فالناحية الايجابية والإيمانية هي سبب انخفاض حالات الانتحار في العالم العربي مقارنة بالعالم الغربي. فتأكد الشخص من ان إزهاق النفس يعد جريمة ونوعا من الكفر يحد من إقدامه على الانتحار، إلا إذا وصل إلى مرحلة نوبة الاكتئاب الشديدة، بحيث تتغلب الأفكار المرضية على الأفكار العقلية.من أعراض الاكتئاب المرضياذا لاحظت ظهور مجموعة من الأعراض التالية في نفسك أو أحد المحيطين بك، فمن الوارد أنك امام حالة من الاكتئاب المرضي التي تتطلب الاستشارة الطبية والعلاج. وعلى الرغم من عدم تقبل البعض للطب
الصيام الحقيقي يحسِّن الصحة النفسية
نشر في: 4 سبتمبر, 2010: 06:17 م