اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > (رسالة في تقشير الفاصولياء).. عندما تتحول الأمور اليومية إلى موضوعات وجودية

(رسالة في تقشير الفاصولياء).. عندما تتحول الأمور اليومية إلى موضوعات وجودية

نشر في: 24 مارس, 2024: 10:58 م

علاء المفرجي

‏"جاء السيد ليشتري الفاصولياء؟ الي أنا بالذات؟ يمكن للسيد شراء الفاصولياء من كل دكان لكن فليتفضل السيد بالدخول هل يخاف السيد من الكلاب؟ على السيد الا يخاف منها أنها تتشمم السيد لا غير،

يجب أن تشم كل شخص يأتي للمرة الأولى" هكذا تبدأ الرواية لتتسارع أحداثها متطورة بشكل تلقائي وطبيعي في (مكان صغير قرية أو بلدة ما في بولندا) يعيش شخص لتكون صفته مضيفا يعمل بواباً حارساً ‏في مجمع بيوت للسياحة الصيفية في أواخر الصيف يحل عليه ضيف غامض يريد أن يشتري الفاصولياء لكن المضيف لديه فاصولياء غير مقشرة أو مصفاة؛ يجلس الشخصان لتقشر الفاصولياء معا ويبدآن بالتحدث في هذا المونولوج المعنون إلى الضيف الغريب أثناء تقشير الفاصولياء وفي غضون يوم واحد يروي حياته العصيبة أثناء الحرب العالمية الثانية مرورا بفترة شبابه وهواياته وسنوات الدراسة ثم السفر بحثاً عن الكسب المادي في الغربة ثم عودته إلى وطنه وبهذا يقدم فاتورة حساب لحياته بالكامل إنها حكاية رجل عجوز يتذكر بمسافة فلسفية آمال وإخفاقات حياته.

تعتمد رواية (رسالة في تقشير الفاصولياء) الصادرة عن المدى لكاتبها البولندي فيسواف ميشيليفسكي بترجمة رائعة للشاعر هاتف الجنابي، على مونولوج الشخصية الرئيسية، والذي ينقطع من وقت لآخر بمداخلات مستمعه. لم تكشف أي من الشخصيات عن اسمها. تجري المحادثة أثناء قصف الفاصوليا. يتحدث البطل عن حتمية مصير الإنسان.

تحتوي الرواية على العديد من الأقوال المأثورة التي تم التعبير عنها بطريقة بسيطة ودقيقة للغاية، على سبيل المثال: "العالم كما وصفه الله، وليس كما يراه الإنسان". تصريحات الراوي تكاد تكون لها طابع الاعتراف. وعلى الرغم من ذلك، يظل غامضًا وغير قابل للاختراق. في الأساس، لا يستطيع أن يشكو من حياته الخاصة. إنه عازف ساكسفون موهوب، ومن خلال العزف في فرقة شعر بالإنجاز الفني وكان أداءه المالي جيدًا.

تظهر مهارات الكتابة غير العادية التي يتمتع بها فيسواف ميشيليفسكي في "دراسة حول تقشير الفاصوليا". في الكتاب، تتحول الأمور اليومية العادية بشكل غير محسوس إلى موضوعات وجودية متعالية.

إن وجود الوافد الجديد الغامض يخلق حالة من القلق. إنه يذكر الراوي بشخص مألوف لم يراه منذ فترة طويلة ويعيد إليه ذكريات الطفولة المؤلمة. نجا الراوي من تهدئة القرية بالاختباء في مخبأ. وذكر الوافد الجديد والده الذي كان جنديا ألمانيا وقاد القرية إلى النار. لقد أنقذ حياة صبي واحد لأنه ذكره بابنه.

في مونولوج موجه إلى الوافد الجديد الغامض، يقوم الراوي بتقييم حياته بأكملها. إلى أي مدى أثر على مصيره، وإلى أي مدى تشكلت تجارب الطفولة المؤلمة والتقلبات والمنعطفات في التاريخ البولندي؟ رواية ميشيليفسكي هي نوع من التأمل في دور القدر والصدفة في حياة الإنسان.

الرواية التي يمكنك العودة إليه عدة مرات. إنه مليئة بالأفكار، مما يثير تفكيرًا أعمق في الحياة.. (رسالة في تقشير الفاصولياء) مناسبة للتأملات الفلسفية. لها بعد ميتافيزيقي وخالد. إنها طقوس تجري خلالها محادثات حول الحياة وزوالها ومعناها. إنها حلقة وصل بين الأجيال، ومناسبة لتذكر الأشخاص الذين رحلوا منذ فترة طويلة. وهذا الفعل البسيط هو عنصر من عناصر حياة الشخصية الرئيسية وراوي الرواية؛ نشاط يعطي النظام والمعنى للوجود.

تأخذ ثيمة الرواية شكل مونولوج. يوجه الشخصية الرئيسية كلامه إلى المستمع الذي لا يتحدث في الرواية. لقد دعته إلى تقشير الفاصوليا وأخبرته بحياتها كلها. ومع ذلك، هذه ليست مجرد قصة عادية. أوصاف الأحداث من حياة البطل هي تأملات مثيرة للاهتمام حول الإنسان ومكانته في العالم والحرية...

فيسواف ميشيليفسكي كاتب بولندي، حائز مرتين على جائزة "نايكي" الأدبية (1997، 2007). يوصف بأنه "المبدع الذي، مستمدًا من مصادر تجربة الفلاحين وخطابه الحي، يدرج إبداعاته في دائرة القوانين والحقائق العالمية حول العالم والوجود الإنساني".

حصل على لقب دكتور فخري في جامعة أوبول، ظهر لأول مرة في عام 1955 بمراجعة لرواية إي دي جريف "الليل هو نوري". عمل في الأعوام 1955-1976 في جمعية النشر الشعبية التعاونية في وارسو كمحرر مساعد، ومحرر، ورئيس مكتب تحرير الأدب المعاصر، ونائب رئيس التحرير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram