TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من يحاسبهم ؟

العمود الثامن: من يحاسبهم ؟

نشر في: 24 مارس, 2024: 11:36 م

 علي حسين

منذ أن قررت النائبة عالية نصيف استخدام الأحذية بدلاً من الكلمات في مخاطبة زملائها داخل جلسة البرلمان ، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون ، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق للمنفعة وتبادل المنافع ومعارك جانبية هدفها السيطرة على مؤسسات الدولة .

هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك لتكتب في النهاية شهادة وفاة للديمقراطية الحقيقية ، ولتضعنا في قوائم الفشل ، عروض ملت منها الناس، لأنها تحولت شيئاً فشيئاً من مباراة في السياسة إلى مقاطع كوميدية رخيصة في صالات عرض من الدرجة الثالثة، ليتحول مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكاناً للخدمة الناس وتنمية قدرات البلد وتشريع القوانين التي تساهم في ارتقاء البلد إلى سوق للمنفعة والحصول على المكاسب ، مما أدى إلى غياب القضايا التي تهم الشعب ليحل محلها صراع من أجل الاستحواذ على ما تبقى من امتيازات، مضحكات ديمقراطية أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت من خطاب طائفي مقيت إلى مرحلة الشتائم واللكمات والركلات.

هل هناك ما هو أسوأ.. نعم، سأخبر جنابك أن البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه 325 ، هناك أكثر من مئة نائب لا يدخلون قبته ، لكنهم يتمتعون بالامتيازات والحمايات والرواتب المليونية ومعها المقاولات والعقود ، وإذا كنت من هواة تتبع أخبار مجلس النواب العراقي فيمكنك إحصاء عدد الحضور منذ انعقاد جلسته الأولى وحتى كتابة هذه السطور وستجد أن البرلمان لم يدخله 300 نائب في يوم من الأيام ، بل أن الرقم لا يصل حتى للمئتين في كثير من الجلسات.

الإحصائيات التي أمامكم : معارك الساسة ضد الناس ، وعنف الناس في ما بينهم ، وصلافة البعض ممن يعتقدون أن بناء النظام يتم بطريقة خطف الكراسي والتسلل إلى مؤسسات الدولة بشعارات كاذبة، ولهذا نجد أن أخبار العنف والخراب التي تتصدَّر نشرات الأنباء، هي نتيجة طبيعية للسياسة الجاهلة أو لنسميها السياسة الخبيثة.

وأتمنى وأنت تتابع معي سجلات حضور النواب ، أن تتابع الفضائيات وتستمع للخطب النارية التي يلقيها بعض النواب عن الحرص على مؤسسات الدولة ، ومحاربة الفساد ، والإصلاح ، والسيادة وستجد أننا نعيش مهزلة ديمقراطية من الطراز الأول.

في الديمقراطيات الحقيقية يتجاوز الإعلام حدود المحرمات السياسية، وعندما يخطئ السياسي أو المسؤول تصبح كل أفعاله تحت رحمة الصحف والفضائيات . وتصدر عن المسؤول عدة تقارير تتابع نشاطه ونجاحاته وإخفاقاته .

تدمر الصحافة في بلدان الديمقراطية مستقبل النائب والمسؤول والسياسي ، عندما يرتكب خطأ صغيراً.. فيما نحن لا نزال نصر أن نغلق أبواب الحقيقة أمام الناس .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram