رمضان يطوينا بجناحه النوراني ويحلق بنا في فضاءات الرحمة والغفران فنستنبط منه العبر ونتعلم منه الصبر, فكل ايامه المضيئة مليئة بالفعاليات الاجتماعية والطقوس الدينية. ويحتفل العرب بقدوم رمضان حيث كانت الاحتفالات تبدا في ليلة النصف من شعبان وليلة النصف من رمضان والليالي الاخيرة منه، فكلمة (القرقيعان) او (القرقعون) او (القريقشون) او (الوحوي) والماجينا اسماء لطقس رمضاني واحد يتكرر بأسماء مختلفة بين الشعوب العربية..
تحتفل البلدان العربية في ليالي رمضان بطريقة تكاد تكون متفقاً عليها ففي البصرة والكويت وقطر وبعض مناطق الخليج الاخرى يكون القرقيعان في ليلة الرابع عشر والخامس عشر من رمضان حيث يخرج الفتية على اشكال مواكب يحملون اكياساً ويرددون اغنية كلماتها اشبه بالدعاء يطرقون الابواب وهم يرددون: قرقيعان وقرقيعان عادت عليكم صيام/ كل سنة وكل عام/ ثم يشرعون بالدعاء الى اهل البيت فرداً فرداً/ الله يخلي راعي البيت آمين/ الله يخلي حمودي آمين فتخرج ام البيت وتطلب منهم الاكثار بالدعاء قبل ان توزع عليهم الحلوى والمكسرات فيملأون اكياسهم ولا يتركون بيتاً الا ووقفوا على بابه ويجعلون الليل كرنفالاً جميلا.ً. اما في الامارات العربية المتحدة فإن كرنفالها هو ليلة النصف من شعبان والطريقة لا تختلف كثيراً عما ذكرنا وقد يردد الاطفال اهزوجة تختلف نظماً عما ذكرنا تقول بعض كلماتها: انطونه حق الله يرضى عليكم الله جدام بيتكم دله عسى الفقر ما يدله وهم ايضاً يحصلون على الحلوى بالطريقة نفسها والطريف ان هناك من لا يرد على الاطفال فيقومون بمعاكسته كما يقال في دولة الامارات: جدام بيتكم طاسه وعجوزكم محتاسه اما في بغداد فيطلقون على تلك الليلة (الماجينا) واهزوجتهم هي: ماجينا يا ماجينا حلي الكيس وانطينا انطونا الله ينطيكم بيت مكة يوديكم واذا طال عليهم الوقوف ولم يخرج اليهم صاحب الدار يصرخون بأعلى أصواتهم: يا أهل السطوح تنطونا لو نروح أما اهل الشام فإنهم يخرجون في الليالي الثلاث الاخيرة من رمضان مرددين اشعاراً شبيهة بالموشح: الصبح بدا من طلعته والليل دجى من وفرته فاق الرسل فضلاً وعلا هاذي السبل بدلالته وفي مصر فإن احتفالهم يبدأ من الليلة الاولى وينتهي في الليلة الاخيرة منه حيث يجول الاطفال في الشوارع وهم يوقدون الفوانيس في كل ليلة ويحملونها معهم ويرددون اغنيتهم التراثية: وحوي يوحوي اياحا وكمان وحوي اياحا وهكذا فإن المجال لا يسع ان نذكر كل البلاد وكانت هذه الطقوس عامة وشاملة الا انها بدأت تنحسر شيئاً فشيئاً وبدأ الاهتمام بها يتضاءل وربما اقتصرت على المناطق الشعبية في كل البلدان الا ان بعض الملحنين والكتاب اتفقوا على تخليد هذه الليالي بأغان هذبت كلماتها ووضعت لها الحاناً تردد في ليالي شهر رمضان الكريم فقد لحن الفنان الراحل احمد عبدالقادر في مصر اغنية (اليموي) وأداها بصوته مع مجموعة الاطفال ونحن نسمعها كل يوم من أغلب الاذاعات كما لحن الفنان الكبير الشيخ سيد مكاوي معظم التراثيات المصرية وللثلاثي المرح اغنية الفوانيس، وفي العراق فإن اغنية الماجينا التي لحنها الفنان سمير بغدادي تردد كل يوم كذلك كما يغني الاطفال اغنية (حق الليلة) من اذاعات الامارات العربية المتحدة. الاغاني الرمضانية ضمن الاحتفالات التي يشهدها شهر رمضان الكريم فقد اهتم الشعراء بصياغة ونظم كلمات وقصائد تمجد هذا الشهر الكريم، فقد وضعت الحان عديدة تتحدث عن فضائل هذا الشهر منها الشعبية ومنها الدينية ومنها الرمضانية، فعندما يفطر الصائم يردد دعاء محفوظاً ومعروفاً استخرجه الفنان الراحل روحي الخماش ولحنه لفرقة الانشاد العراقية من نغم اللامي ولا يزال يردد كل يوم بعد اذان المغرب.. تقول كلماته يا اله الكون إنا لك صمنا وعلى رزقك افطرنا وإنا لصيام الغد يا رب نوينا فتقبل صومنا يا رب منا وللمسحراتي وضع سيد مكاوي بالاشتراك مع الشاعر صلاح جاهين اكثر من ثلاثمئة لحن وقد غنى لرمضان كل المطربين الا ان هناك اغاني خالدة وبارزة كأغنية احمد عبدالقادر التي اشرنا اليها وأغنية الفنان الراحل محمد عبد المطلب (اهلاً رمضان). وقد وضعت ألحان تتحدث عن تحمل الصائم وشكواه واسرافه في الطعام كالمحاور الغنائية التي جمعت صباح مع فؤاد المهندس (الرجل ده حيجنني) كما تحدثت الاغاني عن المسبحة والسجادة التي ترافق الصائم طيلة ايام رمضان وذلك في اغنية (رمضان يا سبحة وسجادة, يا شمعة بالليل منقادة) وأغنية (سبحة رمضان ثلاثة وثلاثين حباية) للثلاثي المرح. وقد انتقلت الاغاني من اللون الشعبي الى قوالب غنائية رصينة تحمل الطابع الديني الرمضاني فقد لحن الفنان العراقي رضا علي اغنية تجاوز عمرها الخمسين عاماً ولكنها ما زالت فتية وهي من نغم الحجاز: يا عباد الله اطلبوا الغفران سبحوا لله في شهر رمضان وقد انتشرت الاغاني الرمضانية بانتشار الاذاعات العربية وكانت ترمز لفضائل الشهر استقبالاً واستبشاراً وتمجيداً ووداعاً. الأغاني الدينية من الواضح لدينا ان الاغاني الدينية اعتمدت في بدايتها القوالب التي وضعها قراء المدائح النبوية والتي كان معظمها يشبه الادوار والعقود الحلبية وقد أخذ الملحنون في بداية القرن الماضي الذي شهد انطلاقة الاغنية الدينية الملحنة والتي استقطبت الرواد بترانيمها وكونت لديهم فكرة بكيفية ادخال الموسيقى ووضع قوالب جديدة واسس لموسيقى الغناء الديني, اخذ الشيخ ابو ال
من تراث الشعوب العربية..أهازيج وطقطوقات وأغان رمضانية خالدة
نشر في: 4 سبتمبر, 2010: 07:52 م