حازم مبيضينمؤسف أن النواب العراقيين المنتخبين منذ أكثر من ستة أشهر, لم يقوموا بالواجبات التي انتخبهم الشعب لأدائها, وأولها التوافق على إسم رئيس الوزراء, ومؤسف أن الحالة الهلامية فرضت على نواب الأمة التغيب عن مبنى المجلس, وتهريب النصاب القانوني لعقد الجلسات, حتى باتت العلاقة مع مبنى المجلس النيابي, محل تنافس بين السياسيين, الذين يواظب بعضهم على الحضور,
لتأكيد جديتهم والتزامهم, في وقت يتطلع فيه العراقيون إلى إنهاء حالة الفراغ الدستوري, وحل أزمة تشكيل حكومة تعمل على ترسيخ الأمن والاستقرار, وتعنى بتحسين واقع الخدمات, وقبل كل ذلك إثبات النواب حرصهم على سيادة القانون, وضمان الالتزام بالدستور, الذي نتذكر كيف واجه العراقيون سطوة الإرهاب للتصويت عليه وإقراره. ندرك - ولو من بعيد - ما أكده الرئيس جلال طالباني, من أهمية التوصل إلى رؤية مشتركة لتشكيل حكومة تمثل مكونات المجتمع كافة, وتحقق تطلعات الشعب, بالرغم من حداثة المسيرة الديمقراطية, وكثرة العقبات التي تقف في طريق ترسيخها, مثلما ندرك أن من حق العراقيين, أن يطالبوا نوابهم والكتل السياسية الفاعلة, بأداء واجبهم الوطني, والنهوض بأعباء المسؤولية, والاتفاق على أسس ومقومات تشكيل السلطات كافة, لقطع الطريق على المتربصين بالعملية السياسية من الإرهابيين والعابثين بالأمن, ومنعهم من استغلال التلكؤ في استكمال الخطوات الدستورية, لإشاعة الفوضى, مستغلين أيضاً انسحاب القوات المقاتلة الأميركية, وندرك أيضاً أن شلل الحياة النيابية, ناجم عن التزام النواب بآراء قادة الكتل السياسية التي ينتمون إليها, لكن ما ندركه أكثر هو ضرورة التزامهم بتطلعات شعبهم الطامح الى الاستقرار والتنمية, والذي يتشبث بالامل في رؤيتهم يحققون ولو بعض شعارات حملتهم الانتخابية. مؤسف أن يكون ثلثا أعضاء المجلس النيابي خارج العراق, للاستجمام والهروب من صيف بغداد اللاهب, والتمتع بالكهرباء والماء النظيف, بعد جلستهم اليتيمة التي أدوا فيها اليمين الدستورية دون التزام بمضمونها وروحها, وبعد تحايلهم على النصوص, واعتبار تلك الجلسة مفتوحة لتعليق أعمال مجلسهم, بانتظار اتفاق قادة الكتل السياسية بشأن الرئاسات الثلاث, وهو ما يبدو بعيد المنال كلما طالت التجاذبات, واستمر العبث الخارجي بالساحة العراقية, والتزم الساسة بالأجندات الخارجية بدل التزامهم بمصلحة الوطن, ومؤسف أن تطغى الصراعات الحزبية والمصلحية والشخصية على عمل المجلس النيابي, الذي يقر الدستور أنه السلطة الأعلى في العراق, وأنه الرقيب على عمل السلطات كافة, والمؤتمن على تنفيذ بنود الدستور, ومنع العبث بها والتحايل على مضمونها.بالتوازي مع مواقف النواب الرخوة تجاه واجباتهم ومسؤولياتهم, يحتدم الصراع بين بعضهم خارج المجلس, فيرفض الجعفري والجلبي ترشيح عبد المهدي لرئاسة الحكومة, بينما رحبت بذلك كتلتا القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون مع اختلاف الأسباب الداعية لذلك, وفي حين وقفت المرجعية الشيعية ممثلة بآية الله السيستاني على مسافة واحدة من المتنافسين, إن لم نقل المتصارعين, فإن استمرار الأزمة دعاها للطلب جهاراً من السياسيين, مراجعة النفس وتشخيص الاخطاء, لأن التأخر في التوصل إلى تفاهمات مشتركة بشأن تشكيل الحكومة, قد تجاوز جميع الحدود المعقولة والمقبولة, والتذكير بفضلها على العملية السياسية من خلال التوجيهات, وسؤال السياسيين المعنيين إلى متى يستمر ذلك؟ ونحن مع المرجعية نسأل النواب والساسة إلى متى يستمر هذا, والى متى تظل مصلحة العراقيين غائبة عن صدارة اهتماماتهم, وإلى أي زمان يؤجل النواب أداء المهمات التي انتدبهم شعبهم لها أم أنهم سيكتفون بأداء اليمين وقبض الرواتب والتمتع بالامتيازات؟
نقطة ضوء: شلل المجلس النيابي
نشر في: 4 سبتمبر, 2010: 07:57 م