د. فالح الحمراني
يشتبه العديد من السياسيين ودوائر الخبراء بروسيا في أن أوكرانيا متورطة في الهجوم الإرهابي الذي وقع في 22 آذار في قاعة كروكوس سيتي في ضواحي موسكو. من جانبها تلقى الدوائر السياسية والإعلامية الغربية المسؤولية على تنظيم داعش / خرسان في أفغانستان. وفي الوقت نفسه، يزعم ميخائيل بودولياك، مستشار رئيس مكتب رئيس أوكرانيا، أن كييف ليست متورطة في الهجوم الإرهابي على كروكوس.
ووقع الهجوم الإرهابي على قاعة كروكوس سيتي في القريب من موسكو في 22 آذار، قبل بداية الحفل الموسيقي لفرقة بيكنيك، الذي كان من المفترض أن يبدأ في الساعة الثامنة مساء بتوقيت موسكو. وفتح المهاجمون النار على المشاهدين، أعقبتها انفجارات ثم نشب حريق ودمر الطوابق العليا من المبنى بشكل شبه كامل. وأعلن رسميا عن مقتل 133 شخصا وإصابة كما أصيب أكثر من 120 شخصا خلال الحادث. وفتحت لجنة التحقيق قضية جنائية بتهمة الهجوم الإرهابي. وتم اعتقال الإرهابيين الأربعة الذين نفذوا إطلاق النار على كروكوس في منطقة بريانسك المحادة لأوكرانيا.
وتمحورت اعترافات المشتبه بهم بتنفيذ العملية الأولية، حول انهم نفذوها لقاء مبلغ مالي، وحصلوا على السلاح من مخبأ سري، كما امضوا فترة تدريب، وقدموا لموسكو بطرق مختلفة وعاشوا في سكن في شمال العاصمة. وقال أحد المشتبه بهم في الهجوم الإرهابي إن منظم الجريمة وعده ب 500 ألف روبل مقابل مشاركته في إطلاق النار على الناس. وقال الرجل إنه كان يستعد للجريمة منذ شهر، واقترح عليه أحد "مساعدي واعظ" يتواصل معه عبر قناة تيليجرام أن ينضم إلى الإرهابيين، وفي الوقت نفسه أفاد المعتقل بأنه لم يستلم كامل المبلغ، بل تم تحويل جزء فقط من المبلغ إلى بطاقته المصرفية.
وفيما سارع الغرب ولا سيما الولايات المتحدة الى الترويج بحماسة الى وقوف فرع داعش في خرسان الأفغانية وراء العمل الإجرامي المروع والتأكيد على عدم تورط أوكرانيا، أجمعت غالب الدوائر الروسية على وجود الكثير من الدلائل التي تبرهن على ضلوع الجانب الأوكراني فيه. ولم تستبعد أن أوكرانيا وأجهزة غربية قامت باستخدام عناصر سواء تنتمي لداعش أو لغيرها في تنفيذ العملية المجرمة. ويشار من بين أمور أخرى الى إن داعش وغيرها من المنظمات الجهادية لا تدفع الأموال لمنفذي عملياتها الإرهابية التي تصفها بالاستشهادية، ومن المستبعد برأيهم أن تتطاول منظمة إسلامية مهما كان اتجاهها في الوقت الحاضر على روسيا التي تدين إسرائيل في حربها على غزة وتدعوا الى وقف اطلاق دائم هناك وتكثيف المساعدات الإنسانية والمباشرة في خطوات عملية لإقامة دولة فلسطين.
وضمن هذا السياق تقول الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا " إن نظام كييف يقوم على مدى السنوات الماضية بتنفيذ أنشطة إرهابية مكثفة ومنهجية ضد المواطنين الروس، تمثلت بالقصف منهجي للمناطق السكنية، بما في ذلك رياض الأطفال والمدارس والمؤسسات الصحية؛ والهجمات على مرافق البنية التحتية المدنية الهامة، بما في ذلك النقل والطاقة؛ وبمحاولات اغتيال الشخصيات الاجتماعية والصحفيين".
وأفاد مركز العلاقات العامة التابع لجهاز الأمن الفيدرالي أن المشتبه بهم في الهجوم الإرهابي أجروا اتصالات مع الجانب الأوكراني ووفقا لمسؤولين أمنيين، إن الإرهابيين خططوا خططوا لعبور الحدود بين روسيا وأوكرانيا. وأفاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ألقى كلمة يوم السبت 23 آذار، أن المعتقلين بتهم الإرهاب حاولوا الفرار واتجهوا نحو أوكرانيا، حيث تم إعداد نافذة لهم لعبور الحدود.
وأشارت رئيسة تحرير روسيا اليوم مارجريتا سيمونيان إلى أن المشتبه بهم في الهجوم الإرهابي على قاعة الحفلات الموسيقية كروكوس سيتي لم يصلوا إلى مسافة 100 كيلومتر من الحدود مع أوكرانيا. "لم يصل الغول إلى الحدود الأوكرانية على بعد 100 كيلومتر... من الواضح بالفعل أن كل شيء كان مدبراً من قبل الإخوة الأعداء، ثم السؤال: هل انفصل الكلب الذي يرتدي القميص المطرز عن السلسلة، أم أنه أُعطي مثل هذا الأمر؟ وكتبت الصحفية عبر قناة تيليجرام: "على أية حال، المدرب هو المسؤول".
وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف إن "لإرهابيين لا يفهمون إلا الإرهاب الانتقامي" ويرى أنه من الضروري مواجهة القوة "بالإعدام الشامل للإرهابيين وقمع عائلاتهم". وأضاف: إذا ثبت أن هؤلاء إرهابيون تابعون لنظام كييف، فمن المستحيل التعامل معهم ومع ملهميهم الأيديولوجيين بشكل مختلف، ويجب العثور عليهم جميعا وتدميرهم بلا رحمة كإرهابيين. وشدد ميدفيديف على أن "هذا يشمل المسؤولين في الدولة الذين ارتكبوا مثل هذه الفظائع".
ووصف نائب مجلس الدوما بيوتر تولستوي الحادث بأنه "هجوم إرهابي وحشي ومخطط له بشكل جيد" وهو واثق من أن ما حدث لا يمكن اعتباره خارج سياق العملية العسكرية الخاصة. و"يتم بذل كل شيء وسيتم القيام به لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب العادل، ولا يمكن النظر إلى هذا الهجوم الإرهابي خارج سياق المنطقة العسكرية الشمالية، الحرب مع الغرب الجماعي من أجل المستقبل السلمي لأطفالنا. وكما كتب تولستوي في قناته على تيليجرام: "هذا اليوم الرهيب لن يؤدي إلا إلى إجبارنا على الاتحاد بشكل أقوى للقتال حتى النصر".
وقال النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما للدفاع، أليكسي جورافليف، إن أوكرانيا قد تكون متورطة في الهجوم الإرهابي على قاعة مدينة كروكوس. وعلق قائلاً: "نحن بالتأكيد بحاجة إلى التحقق من كيفية ملاحظة الإجراءات الأمنية في المبنى، ولكن بالنظر إلى مقتل أحد الحراس، فإننا بحاجة ماسة إلى تعزيزها في معظم المناسبات العامة".
ويعتقد الناشط الاجتماعي أليكسي جافريلوف أن تورط الجانب الأوكراني في الهجوم الإرهابي في كروكوس ينبغي اعتباره أحد الفرضيات الأكثر ترجيحا."يجب اعتبار تورط الجانب الأوكراني (ثم الأمريكي البريطاني) في الهجوم الإرهابي على قاعة مدينة كروكوس أحد أكثر الروايات المحتملة، على أية حال، من الواضح أن الهجوم الإرهابي كان يتم الإعداد له من الخارج.
ويعتقد العديد من الروس على الإنترنت أيضاً أن أجهزة الاستخبارات الأوكرانية قد تكون متورطة في المأساة " ويؤكدون من الواضح أن العملية لا تصب في مصلحة المتطرفين من الشرق الأوسطو لم يتبق سوى مرشح واحد"."و سواء كان الأوكرانيون أم لا، يجب إجراء تحقيق شامل في هذا الأمر. ما هي الخطوات التالية؟ نحن بحاجة إلى أسماء، وشركاء، وما إلى ذلك، وليس مجرد دولة مجردة".