علي حسين
أمس احتفل المسرحيون في كل بقاع الأرض بيومهم العالمي ، فيما لا نزال نحن في هذه البلاد ننتظر الاحتفال بجلوس رئيس مجلس النواب على كرسيه ، طبعاً بعد أخذ موافقة طهران وأنقرة ، فنحن شعب يحترم " حق الجيرة " ولا بد للجار أن يتدخل في شؤون جاره .. وأعود للمسرح الذي تضيء خشباته حياة الناس بالأمل والفرح وفي مواجهة الصعاب ، وقد كان الكاتب النرويجي الحائز على نوبل للأدب " جون فوس " ، دقيقا حين اختار عنواناً لكلمة المسرح العالمي لهذا العام " الفن هو السلام " .
في كل حديث عن المسرح تعود صورة صاحب المسرحية الشهيرة "في انتظار غودو" الأيرلندي صموئيل بيكت إلى الواجهة ، فهذا الكاتب استطاع وبجدارة أن يقدم لنا شخصين بائسين في حالة ترقب وانتظار لبطل يودعانه أحلامهما.. ويتوقان إلى أن يكون في وجوده خلاص لهما من معاناتهما التي طالت.
بطلا المسرحية "فلاديمير" و"أستراغون" ينتظران "غودو" من دون أن يتأكدا من زمان ومكان اللقاء وكل ما لديهما بهذا الشأن مجرد تلميحات وتكهنات. "ماذا تريد أن تقول؟!.. هل أخطأنا المكان؟! - لم يقل قولاً حاسماً بأنه سوف يأتي - وإذا لم يأت؟!.. نرجع غداً؟!.. وإذا لم يأت غداً؟! نرجع بعد غد؟! "بل إنهما لا يذكران ما وعدهما به "غودو" وما طلبا منه.. هل وعدهما بالتغيير؟!.. بالحرية والعدالة والديمقراطية والرفاهية؟!.. هل طلبا منه وضعاً أفضل، حياة أجمل ؟ مستقبلاً مشرقاً ؟ هل وعدهما وعداً سيتحقق أم أنها مجرد وعود؟
ويتساءلان ، هل لابد من أن يبذلا جهداً خارقاً حتى يصبحا جديرين بزعامته.. ومن ثم يحظيان باهتمامه ورعايته.. لابد من أن يتوسلا.. ويهرعا بالتوقيعات والهتافات والتوسلات، كي يقبل في النهاية أن يكون هو القائد والزعيم، وتستمر هذه الدورة إلى ما لا نهاية و" غودو " غير معني بآلام وآمال المنتظرين.
يسعى معظم سياسيينا إلى تقمص دور" غودو" وأن يحددوا للناس ما الذي يجب أن تسير عليه، ووضع الأجندة الخاصة بالبلد، وتحديد الأولويات بحسب ما يعتقدون ، ولم يحدث إلا ما يريده الساسة فقط لاغير ، فيما يظل المواطن البسيط، مثل المسكينين" فلاديمير وأستراغون" سجناء احتياجاتهم الحياتية وأحلامهم.
" غودو" وجماعته لم يتعلموا سوى إعداد طبخات سياسية منتهية الصلاحية . ومن يراهم يتخيل أنهم جماعات جاءت لتعاقب العراقيين وتنتقم منهم.
أحدث الطبخات إعادة حنان الفتلاوي إلى واجهة الفضائيات ، وهي تخبرنا عن المنجزات التي قدمت خلال السنوات الماضية والتي لا نعرف ما لونها وما طعمها
أيها السادة المسرحية أصبحت مملة جداً، لأن العبث عندما يستمر ويصبح هو البطل الأوحد، سينصرف الجمهور ولن يبقى على الخشبة إلا ممثلين فاشلين.