 ذي قار / حسين العامل

اعربت مؤسسات حقوقية ومنظمات مجتمعية في ذي قار عن قلقها من تزايد جرائم قتل النساء، فيما عزت ذلك الى العنف الاسري والخلافات الشخصية والاسرية والاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي وكذلك الى ارتكاب جرائم تحت عنوان غسل العار.

وعن العنف وجرائم القتل التي تستهدف النساء قال مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في ذي قار داخل عبد الحسين المشرفاوي لـ(المدى) ان "جرائم قتل النساء تشكل مصدر قلق لكل المهتمين بحقوق الانسان ولاسيما مع اتساع رقعة العنف ضد النساء". واضاف: "نعمل على ان تتمكن المرأة من ممارسة حقوقها الشرعية والدستورية بصورة كاملة".

ويجد المشرفاوي أن "جرائم قتل النساء قسم منه يعود الى العنف الاسري والخلافات الشخصية والاسرية وكذلك الى ارتكاب جرائم تحت عنوان غسل العار وهذه لا تحصل فقط في محافظة ذي قار وانما في عموم البلاد"، مستدركا "غير ان معدلات هذه الجرائم مرتفعة في المحافظات الجنوبية".ولفت الى، ان "بعض الجرائم ضد النساء تحصل نتيجة الاستخدام الخاطئ للمواقع الالكترونية كاستدراج النساء عبر تلك المواقع وتوريطهن من قبل زميلات لهن او من قبل اشخاص محتالين بأعمال لا تنسجم مع اخلاقيات البيئة الجنوبية"، عازيا احد اسباب انسياق البعض من النساء وراء مغريات الاستدراج "للعوز المادي او الرغبة بالحصول على المزيد من المكاسب المادية".

وأشار المشرفاوي الى، ان "مثل هكذا افعال تنعكس سلبا على وضع المرأة وسمعة اسرتها وهو ما سيدفع اسرتها لارتكاب الجريمة في الكثير من الحالات المماثلة".

وأوضح ان "مظاهر هذه الحالات تدفع بالمجتمع الى التشدد والتضييق على حرية المرأة في مجال استخدام الانترنت من قبل الزوج او العائلة تحسبا من الوقوع في الخطأ". واستيقظت محافظة ذي قار يوم الرابع والعشرين من شباط الماضي على خبرين يتعلقان بمقتل امرأتين في اماكن متفرقة من المحافظة، اذ أفاد مصدر أمني في محافظة ذي قار بالعثور على جثة امرأة تبلغ من العمر 30 عاما مصابة بعدة إطلاقات نارية داخل بناية مدرسة قيد الإنشاء في قضاء كرمة بني سعيد (40 كم جنوب الناصرية)، فيما افاد مصدر رسمي اخر بالعثور على امرأة مقتولة رميا بالرصاص وبقربها طفلة رضيعة على قيد الحياة في منطقة سيد ذهب (5 كم غرب مدينة الناصرية)، فيما عزت اوساط مجتمعية ارتكاب الجريمة الاخيرة الى خلافات اسرية ناجمة عن زواج الضحية بالسر من الجاني .

ومن جانبها قالت رئيسة منظمة أور لثقافة المرأة والطفل منى صاحب الهلالي في حديث مع (المدى)، ان "واقع المرأة العراقية مازال دون مستوى الطموح وذلك لجملة من التحديات المجتمعية والاقتصادية والسياسية والتشريعية"، مبينة ان "التحديات السياسية والتشريعية تتمثل بالمماطلة والتسويف في تشريع قانون حماية الاسرة الذي من شأنه ان يحد من العنف الاسري ويحمي افراد الاسرة من مخاطر العنف وجرائم القتل".

وترى الهلالي ان "ارتفاع الجرائم التي ترتكب بحق المرأة العراقية اخذ يتزايد سنويا"، داعية الى "الحد من العنف ومساعدة المرأة على استرداد حقوقها بطرق قانونية".وشددت رئيس منظمة أور لثقافة المرأة والطفل، على "اهمية تبني المؤسسات الحكومية برامج وخطط فاعلة لتحسين واقع المرأة العراقية وانقاذها من مخاطر التحديات التي تواجهها بصورة يومية".وتحدثت الهلالي، عن "تحديات اخرى تواجه المرأة من بينها زواج القاصرات والزواج القسري وجرائم الابتزاز الإلكتروني التي اخذت بالتنامي من دون معالجة حقيقية للحد منها".

من جانبه، قال رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية حقي كريم هادي في حديث لـ(المدى) إن "المشاكل الاجتماعية في الاسرة العراقية في ذي قار تعود لجملة من الاسباب من بينها الزواج المبكر والعنف الاسري والزواج في السر"، داعيا الى "تفعيل دور القضاء وسلطة القانون للحد من جرائم قتل النساء والعنف الاسري".

لافتا الى ان "التدخل العشائري ومحاولات ارغام الضحية على التنازل عن الجاني وفق اعراف الفصل العشائري كثيرا ما يهضم حقوق المرأة اذ يُمكن الجاني من الافلات من العقاب الذي يستحقه"، منوها الى ان "اي تدخل مجتمعي لإنقاذ الجاني من القصاص لا يصب في تحقيق العدالة".

وعن جرائم غسل العار التي يحاول الجناة تسجيلها كحالات انتحار لغرض الافلات من العقاب قال رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية ان "هكذا جرائم غالبا ما ترتكب في ظل تواطؤ اسري ومجتمعي غير ان اجراءات التحقيق في القضية ان كانت تدار من خلال محقق نزيه ومحترف سرعان ما تكشف الحقيقة".

وكشف هادي عن حيلة مجتمعية لقتل النساء قائلا ان "جرائم غسل العار ترتكب احيانا على يد طفل تورطه الاسرة بذلك لغرض الحصول على عقوبة مخففة أو بذريعة ان الطفل كان يعبث بالسلاح او يقوم بتنظيفه وانطلقت منه اطلاقة قاتلة اودت بحياة الضحية".

وشدد هادي على ان "يعاقب مرتكب جريمة غسل العار والمحرض على ارتكاب الجريمة وفق عقوبة القتل العمد"، واردف "لقد دعونا لذلك في احد المؤتمرات المحلية وواجهتنا زوبعة من الاعتراضات العشائرية في حينها".

وكانت مؤسسات حكومية ومجتمعية في ذي قار، قد ابدت قلقها من مجمل التحديات والتي تواجه المرأة، وفيما اشارت الى ارتفاع معدلات البطالة والطلاق وزواج القاصرات وحالات العنف ضد النساء، حذرت من التسويف في تشريع قانون حماية الاسرة ومن الالتفاف السياسي على القوانين التي تنصف المرأة.

ومع حلول عيد المرأة العالمي في الثامن من آذار 2024 أعرب عدد من الناشطين والناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة عن قلقهم من ارتفاع معدلات العنف الاسري وزواج القاصرات والزواج القسري والطلاق وجرائم الابتزاز الالكتروني، محذرين في الوقت ذاته من تداعيات التغير المناخي والجفاف على واقع المرأة في الريف والاهوار.