هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم تركوا أثراً طيباً خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر وكافأتهم الجماهير بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي.
(المدى) تحاول الغور في مسيرة نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عـدة على اعتزالهم اللعب حتى أن قسماً منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
زاوية (نجوم في الذاكرة ) تستعرض في حلقتها 152 مسيرة لاعب وسط فريقي الجيش والنجف والمنتخبات الوطنية السابق محمد عبد الحسين الذي وُلـِد عام1965 ولعب عدة مباريات دولية حيث سيجد فيها القارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بـدايـاته
لم تكن بداية اللاعب محمد عبد الحسين مختلفة عن بقية إقرانه، حيث كانت الملاعب الشعبية هي المكان المناسب لتفجير طاقات المواهب الواعدة، لذلك كانت بداية محمد عبد الحسين مع الفرق الشعبية في محافظة النجف متأثراً بصخرة دفاع منتخبنا الوطني ناظم شاكر يوما بعد يوم ومباراة بعد أخرى كان يُثبت للجميع أنه مشروع لاعب كبير، إلا أن انطلاقته الحقيقية كانت في ملاعب العاصمة بغداد عندما انضم إلى صفوف فريق الجيش بعد أن اكتشف موهبته المدرب عبد الإله عبد الحميد الذي يُعــد من خيرة المدربين العراقيين في اكتشاف المواهب الشابة ومن ثم يمنحها الفرصة لتثبيت أقدامها داخل الميدان، وبعد أن وجد المدرب المذكور الكثير من المواصفات الجيدة في اللاعب الشاب محمد عبد الحسين قرر أن يمنحه فرصة اللعب مع نادي الجيش وذلك في موسم 1985 ـ 1986 وبرغم أن فريق الجيش كان ذلك الموسم مليئاً باللاعبين الكبار، إلا أن اللاعب الشاب محمد عبد الحسين كان عند حسن ظن مدربه وتمكن من فرض وجوده وتأكيد جدارته حتى بات من اللاعبين الأساسيين في تشكيلة فريق الجيش وأسهم معه في تحقيق الكثير من النتائج الجيدة محلياً وخارجياً لعل أبرزها فوزه ببطولة الانتفاضة العربية التي جرت في تونس عام 1988 فضلاً عن إحراز الفريق المركز الثاني في بطولة الدوري حيث بقي في صفوف فريق الجيش حتى موسم 1989 ـ1990 ليعود مرة أخرى إلى فريقه الأم "النجف"، وشهد عام1988 تمثيله فريق منتخب شرطة العراق في بطولة الشرطة العربية.
التألق في مونديال الشباب
في عام 1989 اختار المدرب أنور جسام اللاعب محمد عبد الحسين إلى صفوف منتخب الشباب الذي شارك في نهائيات كاس العالم التي جرت في السعودية والتي قدم فيها منتخبنا الشبابي أجمل العروض وحصل على أروع النتائج بعد أن تمكن من هزيمة منتخبات النرويج بهدف نعيم صدام وإسبانيا بهدفي ليث حسين وولي كريم والأرجنتين بهدف راضي شنيشل، حيث كان محمد عبد الحسين احد الأوراق الرابحة بيد المدرب أنور جسام، إذ صال وجال وقدم أروع العروض الكروية، وكان يمثل حلقة الربط ما بين خطي الدفاع والهجوم حيث كان يلعب بطريقة اللاعبين البرازيليين الكبار من حيث التواجد في كل مربعات الملعب من دون كلل أو ملل.
وبرغم أن أغلب لاعبي منتخب الشباب تم اختيارهم إلى صفوف المنتخب الوطني من قبل المدرب أنور جسام لغرض المشاركة في بطولتي الصداقة والسلام وخليجي"10" اللتين أُقيمتا في الكويت عامي1989و1990، إلا أن جسام تجاهل قدرات اللاعب محمد عبد الحسين بشكل غريب جداً وبرغم عدم معرفتنا بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى تجاهل اللاعب المذكور، لكننا نعتقد أن حفاظ لاعبي الخبرة في خط وسط المنتخب الوطني على مواقعهم وهم: إسماعيل محمد وحبيب جعفر وسعد قيس والمرحوم ناطق هاشم مع بروز أسماء جديدة مثل راضي شنيشل وسمير كاظم وباسل فاضل هو السبب في عدم دعوة محمد عبد الحسين للمشاركة في تلك البطولتين حيث شهدت بقية خطوط المنتخب تغييرات جذرية بسبب قرار اتحاد الكرة آنذاك بمنع اللاعبين الذين تجاوز عمرهم "28" عاماً من التواجد في صفوف المنتخب وذلك بسبب خروج المنتخب من تصفيات كأس العالم بعد التعادل أمام منتخب قطر2 - 2 في ملعب الشعب الدولي.
وبرغم ما حصل إلا أن محمد عبد الحسين لم يتعرض إلى الإحباط أو التذمر، إنما واصل مسيرته المتميزة مع الجيش، كما تم اختياره من قبل شيخ المدربين الراحل عمو بابا إلى صفوف المنتخب العسكري الذي لعب مباراتين ضد نظيره الإماراتي في بغداد والإمارات وخرج من التصفيات، وبعد ذلك انتقل اللاعب محمد عبد الحسين إلى صفوف نادي النجف ليبدأ مرحلة من التألق والإبداع مع غزلان البادية حيث أسهم في صناعة الهوية الحقيقية لفريق النجف من خلال مستواه الثابت ولعبه العصري الذي يتماشى مع الكرة الحديثة، إذ مثـَّل فريق النجف منذ موسم1992 ـ1991 ولغاية موسم1994 ـ1995 حيث تخللت هذه المرحلة فترة احترافه مع فريق التعاون القطري"الخور حالياً" لموسم واحد 1995 ـ1996 ثم عاد مرة أخرى لفريق النجف ليبقى فيه حتى اعتزاله اللعب في موسم 2001-2002.
مشواره الدولي
في عام 1993 اختار المدرب عدنان درجال اللاعب محمد عبد الحسين لصفوف المنتخب الوطني الذي شارك في تصفيات كأس العالم التي جرت في الأردن والصين وتمكن منتخبنا من الحصول على بطاقة المجموعة ليتأهل إلى المرحلة الثانية التي جرت في الدوحة عام1993. وقد شارك اللاعب محمد عبد الحسين في مباراتي العراق ضد الأردن والصين وقدم صورة طيبة جداً، وكان يتمنى أن يعوِّض ما فاته في السنوات السابقة خصوصاً وأن نتائج المنتخب ومستواه كانا يتصاعدان باستمرار ،إلا أنه في المرحلة الثانية التي جرت في الدوحة لم يتم اختياره من قبل درجال أيضاً لأسباب غير معروفة لتكون تلك التصفيات هي الخاتمة في مسيرته الدولية مع المنتخبات الوطنية.
أعـز مبارياته
يعتز اللاعب محمد عبد الحسين بمباريات عـدة في مسيرته الكروية ومنها مباراة فريقه"الجيش" ضد الزوراء في موسم 87-88، كما يعتز كثيراً بمباراة منتخب الشباب في مونديال عام89 ضد المنتخب الأرجنتيني التي انتهت لصالح منتخبنا بهدف واحد سجله راضي شنيشل من ركلة جزاء.
أجمـل أهدافـه
برغم ميله للعب الدفاعي، إلا أن اللاعب محمد عبد الحسين كان يسجل الأهداف بصورة مستمرة، حيث يرى أن الهدف الذي سجله لفريق الجيش في مرمى فريق الزوراء هو الأجمل في مسيرته الكروية. كما كان هدفه الآخر الجميل سجله لفريق الخور القطري في مرمى الســد من مسافة بعيدة.
مميزاتـه
يمتلك اللاعب محمد عبد الحسين مواصفات متميزة جداً كانت يمكن أن تضعه في مصاف النجوم الكبار لو أن الحظ وقف إلى جانبه بعض الشيء، إذ يتميز بالسرعة والاندفاع والمراوغة والقدرة على ربط صفوف فريقه فضلاً عن مساندته المهاجمين والتواجد معهم داخل منطقة جزاء الفريق المنافس، كما يمتلك مواصفات رائعة في مراقبة منافسيه، بحيث يستطيع أن يعزل مَن يكلف بمراقبته عزلاً نهائياً عن صفوف فريقه.
وخلاصة القول تشير إلى أن محمد عبد الحسين كان لاعباً شاملاً يلعب بطريقة معاصرة، لكنه لم يُنصف من قبل المدربين الذين أشرفوا على المنتخبات الوطنية في المدة التي شهدت بروزه وتألقه.
أبـرز المدربين
عبد الإله عبد الحميد، عمو بابا، أنور جسام، حازم جسام، عادل يوسف، عدنان درجال، يحيى علوان، واثق ناجي، هاتف شمران وناجح حمود .