TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: ابتسامة " ابتسام "

العمود الثامن: ابتسامة " ابتسام "

نشر في: 5 سبتمبر, 2010: 08:07 م

علي حسين  أعادتني قصص ابتسام عبد الله في مجموعتها الجديدة " بغداد.. الليل والبستان " إلى سحر الكتابة ومتعة أن تجذب انتباه قارئ إلى كلام يشده ويشعره بالمتعة. ابتسام عبد الله شحيحة في قصصها القصيرة، فهي لم تنشر خلال تاريخها الأدبي سوى مجموعتين  قصصيتين نكتشف فيهما قدرة فريدة على القص، عالم قصصي خصيب،عالم لا يضاهي الواقع برغم أنه مصُوغ من مفرداته، ولا يحاكيه بالرغم من أنه يكشف لنا قوانينه الداخلية العميقة.
قصص تؤكد من خلالها مفارقتها لعالم الواقع ومرافقتها الحميمة له في آن، وترهف وعينا بما ينطوي عليه هذا العالم الكابوسي المبهظ والمترع بالجمال معًا من عمق وصرامة، في حكايات تفيض شاعرية وتزهر باناقة الكلمات. وابتسام عبد الله طراز فريد من المبدعين الذين تتعدد مواهبهم وتتنوع اهتماماتهم، بدأت بنشر أولى أعمالها الأدبية منتصف الثمانينيات ثم تتابعت أعمالها لتشمل الرواية والقصة القصيرة والترجمة، والاهتمام بالسينما والفن التشكيلي والموسيقى، ولا شك في ان التعدد في أنشطة ابتسام عبد الله وتنوع مجالات كتاباتها هو اول ما يلفت انتباه من يقترب منها، فالى جانب التوقد في الابداع القصصي والممارسة المتقدة التي لا تفتر في مجال الترجمة، هناك الحركة المقلقة التي تنتقل من مجال الى مجال، من نقد ادبي الى نقد فني، ومن الشغف بتاريخ الفنون الى الشغف بالترجمة، انه التعدد الذي يبدو صاحبه نهما في التعرف على كل مجالات الإبداع الإنساني وتقديمها، انه السعي لامتلاك كل مفاتيح الكتابة وأدواتها وأساليبها والتعريف بها، وهو التعدد الذي يميز النماذج الفريدة من مبدعي العراق، أولئك الذين جمعوا الى الكتابة الوعي بها والى الإبداع أسرار اللغة.في معظم أعمال ابتسام عبد الله الإبداعية نجد ان الرمز هو المدخل الى أفق الحرية الذي تكشفه ممارسات الكاتبة حيث نتعرف من خلالها على نموذجٍ للمرأة المبدعة يختلف اختلافا ملحوظا عن النموذج الذي الفناه واحترمناه لعدد من رائدات الكتابة في العراق، نموذج ابتسام عبد الله نموذج مغاير ممزوج بالدهشة والإعجاب والفرح، الدهشة بسبب جدة وجسارة الافكار التي تطرحها، والإعجاب بسبب جرأتها التعبيرية التي تحطم بعض المحرمات الفكرية في وجداننا، والفرح لان نموذجا للمرأة المثقفة يعيش بيننا ونتنفس معه هواء مشتركا. تتألق ابتسام عبد الله كل يوم، معتمدة على موهبتها وثقافتها المتجددة، وسحر ابتسامتها وبراءتها المدهشة الممزوجة بإصرار على اكتشاف الجديد،وولعها بلعبة الكلمات التي تبعث السحر بالنفس لتؤكد لنا كل يوم أنها ستظل واحدة من  العلامات المتميزة في المشهد الثقافي العراقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram