 بغداد/ ذو الفقار يوسف

اثار قرار مجلس الوزراء المتمثل بتعديل أوقات الدوام الرسمي بعد ان أطلقت عدة مشاريع لفك الزحام منها بناء المجسرات وإعادة تأهيل طرق وفتح أخرى كانت مغلقة، حفيظة الموظفين والطلبة.

وشكا العديد من المواطنين في العراق عدم قبولهم لهذا القرار التي اتخذ بدون دراسة مسبقة او تخطيط يخدم مصلحة المواطنين، حيث تضمن القرار أن يبدأ الدوام الرسمي للدوائر الحكومية في المنطقة الخضراء ووزارات الخارجية، والتخطيط، والزراعة، والموارد المائية، والبيئة، والهجرة والمهجرين، والاتصالات، والشباب والرياضة، والثقافة، والصناعة والمعادن والبنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية الاتحادي، وأمانة بغداد، وسلطة الطيران المدني، الساعة السابعة صباحا وينتهي في الساعة الثانية بعد الظهر.

كما يبدأ الدوام الرسمي للرئاسات الثلاث ولوزارات الداخلية، والدفاع، والصحة، والمالية، والكهرباء، والعدل، والعمل والشؤون الاجتماعية، ووزارة التربية والمدارس والمعاهد المرتبطة بها كافة، الساعة الثامنة صباحا، أو بحسب الواجبات المكلفة بها الدوائر والمؤسسات الخدمية والأمنية وينتهي في الساعة الثالثة بعد الظهر.

أما وزارات (التعليم العالي والبحث العلمي، والنقل، والتجارة، والإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، والنفط) و(ديواني الوقف الشيعي والسني، ومؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين، والهيئة العليا للحج والعمرة، ومجلس الدولة، مع بقية الهيئات الأخرى غير المذكورة) فإن الدوام فيها يبدأ عند الساعة التاسعة صباحًا، وينتهي في الساعة الرابعة بعد الظهر، على أن يبدأ الدوام الرسمي للجامعات والكليات الحكومية والأهلية كافة، الساعة العاشرة صباحًا.

مختصون بينوا ان استخدام بدائل مدروسة من قبل فنيين وخبراء في التخطيط العمراني والأنظمة المرورية هو اهم من قرارات سريعة وغير مدروسة تحمل المواطن هما مضاعفا.

ويقول الباحث بالشأن الاقتصادي عبد السلام حسن في حديث لـ(المدى)، ان "هذه العملية ستؤخر البلد اكثر مما ستقدمه، لان الطرق في البلد هي نفسها منذ زمن بعيد"، مستدركا انه "كان المفروض على الحكومة عندما باشرت بحملات الاعمار ان تحسب لوقت الشروع بالمشاريع الاعمارية، وان لا تحصرها بموسم واحد، فضلا عن انجاز هذه المشاريع التي نتمنى ان تنجز بأسرع وقت لكن هناك انجازات سوف لن تتم الا بحدود العام او العامين".

ويضيف عبد السلام ان "نظام المرور العامة في العراق خاطئ، اذ لا يوجد هناك اختيار طرق بديلة فبالإمكان ازالة بناية او مول او جامع او اي حالة بإمكانها ارباك السير"، منوها إلى أن "الغريب بالأمر هناك اقتراحات بوضع كاميرات ذكية على جسور لم تفتتح بعد او ما زالت هياكل فقط، اضافة الى وضعها في الانفاق التي لن يتم التقاط مخالفات لكون هذه الانفاق لن يتم السير فيها بسرعة قصوى لرصد المخالفات"، مؤكدا ان "الحكومة العراقية ليست لديها رؤية وثقافة حضارية كنظام عالمي، ولم تستفد من تجارب الدول".

ويتابع الباحث الاقتصادي، انه "بالنسبة لتغيير توقيتات الدوام الرسمي فبالتأكيد سوف تربك الوضع، وتزيد من ازمة الزحام، اذ ان المواطن كان يعلم مسبقا ما هي التوقيتات التي تكون فيها ذروة الازدحام على اشدها، فيحاول الخروج قبل ساعة من بداية الذروة او بعد ساعة من نهايتها، وكما بداية الدوام الرسمي نهايته، فالجميع يعلم ان الزخم المروري يحدث في الساعة الثانية ظهرا وما بعدها، اما الان وبتغيير التوقيتات سوف يبقى الزحام الى الساعة السادسة مساء".

ويلفت الى أن "الحكومة تريد حل مشكلة الزحام المرورية، لكن هذا لن يحصل بسبب عدم وجود اشخاص فنيين لهذا الامر، ولطالما الجزرات الوسطية اكبر من الشوارع يبقى البلد محاصرا بالزحامات".

الحكومة بدورها تحاول ان تجد العديد من الوسائل لتقليل الزخم المروري الذي عانى منه المواطن قبل حملات الاعمار وما بعدها حيث الزام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بتفعيل العمل بنظام النقل الجماعي وبنسبة لا تقل عن 30% من موظفيها عن طريق الباصات الموجودة لدى الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، أو من خلال التنسيق المباشر مع وزارة النقل/ الشركة العامة لنقل المسافرين والوفود، وتحفيز الموظفين على المشاركة في النقل الجماعي من خلال منحهم فترة سماح لتمديد البصمة الصباحية نصف ساعة بعد بدء الدوام الرسمي والبصمة المسائية نصف ساعة قبل انتهاء الدوام الرسمي.

فيما يرى مواطنون أن تخفيف الزحامات يكون عبر عدة وسائل منها العمل على إيجاد طرق بديلة والحد من استيراد المركبات والدراجات النارية والتو توك، فضلا توفير باصات النقل العام في مؤسسات الدولة ودوائرها إضافة الى إلزام اشراك مؤسسات القطاع الخاص بهذا النظام.

سائق سيارة الاجرة ضياء الخالدي يؤكد لـ(المدى) ان "تغيير اوقات الدوام الرسمي سوف يخلق مشكلة اخرى أكبر من مشكلة ازمة الزحام التي نعاني منها، اذ ان ذروة الزحام في السابق كانت محصورة بتوقيتات معينة، ونستطيع تلافيها من خلال الخروج قبل او بعد هذا الوقت"، مشيرا الى، انه "مع تغيير التوقيتات سوف يخلق ذروة زحام تستمر طوال اليوم ولا مهرب منها الا بقطع ارزاقنا".

ويدعو الخالدي، الحكومة، إلى الابتعاد عن الحلول الترقيعية التي لم يستفد البلد منها، لأن "أعداد المركبات بازدياد فضلا عن الدراجات و(التوك توك) والدراجات النارية"، منوها الى، ان "المواطن لا يستطيع بعد الان تحمل قرارات لا تخدم مصلحته بعد أكثر من 21 عاما من التغيير".

فيما تباينت الآراء حول قرار الحكومة بشأن تغيير توقيتات الدوام الرسمي، فمنهم من اوعز بإعادة تأهيل الشوارع بدلا من هكذا قرارات واخرون اكدوا ان غياب التنظيم واغلاق الشوارع باستمرار يزيد من الازمات المرورية ناهيك عن تهالك البنى التحتية للشوارع في البلد وعدم خلق شوارع بديلة تخفف وطـأة الزحام.

المواطن محمد القيسي والذي يعمل في احدى الدوائر الواقعة في مركز العاصمة يذكر لـ(المدى)، أنه "مع تغيير نهاية الدوام الرسمي فستتضاعف مأساتنا اليومية في خوض الزحام، اذ ان اغلب الموظفين الذين ينتهي وقت عملهم الساعة الثانية ظهرا يصلون الى منازلهم الساعة الرابعة ونصف عصرا ومنهم أكثر من ذلك، وبتغيير التوقيت سوف نصل الى منازلنا في مساء اليوم". ويبين القيسي ان "بعض الموظفين يمتهنون اعمالا اخرى بعد وظائفهم بسبب غلاء المعيشة وهذا ما سيجعلهم يواجهون وضعا صعبا بالتوافق بين اوقات اعمالهم".

يذكر ان الامانة العامة لمجلس الوزراء قد أعلنت في شهر تشرين الأول من عام 2023 عن تغيير بأوقات دوام الموظفين وتقسيمها على شكل وجبات ليبدأ الدوام من الساعة 7 صباحاً حتى السادسة عصراً لكن القرار لم ينفذ في ذلك الوقت.