علي حسين
كنت أنوي الكتابة عن بعض القوانين القراقوشية ومنها قانون "حرية التعبير "، فكيف للمواطن العراقي الذي يعيش في أزهى عصور الرفاهية والعدالة الاجتماعية ومعهما السعادة ، وبلاده على قائمة البلدان الأكثر تطوراً أن يخالف ضميره وينتقد مجلس النواب أو قرارات المحكمة الاتحادية ؟،
لكنني قررت ان اتحدث عن تظاهرة ثقافية مهمة ستقام في مدينة أبو ظبي التي لا تكف عن المنافسة في مجال العمران والاقتصاد والثقافة ، فالشعار في دولة الإمارات كلما زاد الناتج المحلي ، كلما زاد الاهتمام بالإنسان وزاد الإنفاق على التعليم والثقافة والفنون ، هل تعلم عزيزي القارئ أن أبو ظبي تخطط لاستثمار مئة مليار دولار على تطوير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، بهدف بناء مستقبل تقوم فيه التكنولوجيا بدور كبير في خدمة الناس وتعزيز مستوى الرفاهية .هذه البلاد التي تتطلع بكل جوارحها الى المستقبل نراها لا تدير ظهرخا للحظات المضيئة في الماضي ، فقبل عامين احتفلت ببصيرة طه حسين ، والعام الماضي كان مخصصا لأبن خلدون ومقدمته ، وهذا العام سيكون كتاب العالم " كليلة ودمنة " لأبن المقفع وتاثيره الممتد عبر مئات السنسن .
في أرض المعارض التي تتحول كل عام إلى مدينة للكتب ، سنعيش مع أبن المقفع وهو يقلب كتاب الحكمة " كليلة ودمنة " تحفة من تحف النثر العربي ، كتاب يتميز أسلوبه بالإيجاز ، وبالطريقة العقلانية في الصياغة ومناقشة الأفكار ، وقد استطاع ابن المقفع أن يطور النثر العربي ويضع بصمته الفكريه على عصره ، وربما كان ابن المقفع أقدم كاتب عربي جرى على قلمه ذكر الفيلسوف وذلك في المقدمة التي وضعها لكتابه كليلة ودمنة: " الفيلسوف أمره طبعاً إلا بالنظر والاستدلال العقليين ".
يؤمن القائمون على معرض أبو ظبي أن في الكتب شيء من التطلع إلى مستقبل أفضل . إلا ان المستقل لن يسير بخطى ثثابته من دون الاستفاده من الافكار الحرة التي تحتويها غابة الكتب التي ستقام في أبو ظبي .
تراوحت الإمارات خلال السنوات الماضية بين تنمية الرفاهية وبناء اقتصاد قوي ، وبين إشاعة الثقافة والفنون بإنشاء مدن ثقافية تمتد من أبو ظبي إلى دبي ومروراً بالشارقة حيث تزدهر مكتبات المستقبل ومعارض الكتب ومتاحف الفنون.
اليوم تقاس رفاهية البلدان بما تقدمة لمواطنيها ، وحين تتربع الإمارات على عرش الرفاهية والأمان ، فهذا يعني أن القائمين على امور البلاد يدركون جيدا ان الثقافة تعطينا الرفعة وتنور العقول وتحول الأرض إلى قرية واحدة .
أنه الإيمان بان استعادة حكايات التاريخ الزاهرة وعبره ، جزء لا يتجزء من السعي الى الجلوس في المقاعد الأولى في قطار المستقبل .