TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حروب الألفية الثالثة

حروب الألفية الثالثة

نشر في: 5 سبتمبر, 2010: 08:27 م

حسين علي الحمدانيارتبط الأمن دائما بحماية الحدود وانتشار القوات المسلحة على طولها مهما اتسعت ، ولم نجد من يختلف على هذا في العقود المنصرمة على الأقل في منظومة الفكر الستراتيجي العربي  القائم على الأطر التقليدية التي ورثها  تاريخيا من خلال بناء الأسوار من أجل حماية المدن حينما كان الخطر يأتي مدججا بالسلاح من خلف الحدود .
في الألفية الثالثة التي اختلفت فيها الموازين والمفاهيم معا وأصبح مفهوم الأمن أكبر من ذي قبل واتسع ليشمل مديات أخرى أبعد مما نتصوره   شهدت بداية هذه الألفية حروباً من نوع آخر  لم تألفها البشرية من قبل .ويعتقد البعض بأن الأمن في القرن الحادي والعشرين  ينحصر ويقتصر  على حماية المجتمع من الجرائم الإرهابية والمشابهة لها ، خاصة إن مفهوم الأمن في الفكر السياسي والثقافي للمنطقة يقتصر على أمن الدولة فقط من دون أن يفكر بأمن الإنسان، وقد برز مفهوم الأمن الإنساني في النصف الثاني من عقد التسعينيات من القرن العشرين كنتاج لمجموعة التحولات التي شهدتها فترة ما بعد الحرب الباردة في ما يتعلق بطبيعة مفهوم الأمن ونطاق دراساته.وأثبتت خبرة الحرب الباردة أن المنظور السائد للأمن - وهو المنظور الواقعي- لم يعد كافيًا للتعامل مع طبيعة القضايا الأمنية والحاجة لتوسيع منظوره ليعكس طبيعة مصادر التهديد. وكان مفهوم الأمن لدى أنصار الاتجاه الواقعي في العلاقات الدولية يقتصر على حدود أمن الدولة القومية باعتبارها الفاعل الرئيس في العلاقات الدولية، وذلك ضد أي تهديد عسكري خارجي يهددها، أو يهدد تكاملها الإقليمي، أو سيادتها، أو استقرار نظامها السياسي، أو يمس إحدى مصالحها القومية. وفي سبيل حماية تلك المصالح فإن استخدام القوة العسكرية يُعد أداة أساسية لتحقيق الأمن، وتتحول العلاقة بالآخرين لمباراة لا بد فيها من مهزوم ومنتصر، إي أنه يحدد هوية العدو والجهة القادمة منها، وهذا ما استنزف موارد كبيرة في سبيل التسليح لمواجهة العدو المحتمل والمتوقع. ولكننا نجد ومع بداية الألفية الثالثة أن الدول أصبحت الآن تواجه بأنماط عدة من مصادر التهديد، والتي ليست بالضرورة مصادر عسكرية، ومنها تجارة المخدرات عبر الحدود، والجريمة المنظمة المدعومة من دول أخرى ، وانتشار الإرهاب الدولي كبديل للحروب بين الدول المتجاورة ، وانتشار الأمراض والأوبئة، كالإيدز وأنواع الأنفلونزا ، وانتشار الفقر الذي وصلت معدلاته في العالم نسباً مخيفة ، والتلوث البيئي وحروب المياه التي قد تنشب في أية لحظة, والأزمات الاقتصادية وتداعياتها وعجز المنظور التقليدي للأمن عن التعامل مع تلك القضايا خاصة إن التهديد في معظم الأحيان غير مرئي أو واضح. كما أن القوة العسكرية لا تصلح كأداة لمواجهة تلك الأنماط من مصادر التهديد الذي قد تفوق آثاره المدمرة آثار التهديد العسكري المباشر، فتشير الإحصاءات إلى أنه خلال العقد الماضي تم إنفاق 240 بليون دولار على علاج الإيدز في العالم، وهناك 24 شخصًا يموتون جوعًا كل دقيقة. والأخطر من ذلك أنه لا يمكن لأية دولة أن تغلق حدودها أو أن تستخدم القوة العسكرية للحيلولة دون انتشارها. والخلل الاقتصادي والسياسي في أي مجتمع لم يعد يقتصر على المواطنين فقط بل تمتد تلك الآثار لخارج الحدود في صورة تلوث، وأمراض وأوبئة وإرهاب ولاجئين في حالات الحروب، أما في الحالات الاقتصادية فإن الخطر قد يشمل العالم بأسره كما حصل في الأزمة المالية العالمية وتداعيات ذلك على اقتصاد الكثير من دول العالم .ومن ثم يتطلب التعامل معها تعاونًا على المستوى العالمي وبأدوات مختلفة لا تتدخل الماكينة العسكرية فيها . وليس بمقدور دولة واحدة السعي لتحقيق أمنها منفردة، فلم تمنع القوة النووية التي كان يملكها الاتحاد السوفيتي والتي كانت تكفي لتدمير العالم عشرات المرات من تهاويه ولا استطاعت أمريكا برصيدها المالي العالي جدا من تدارك الأزمات الاقتصادية  وموجات البطالة وفيروسات الأمراض الكثيرة أو حتى حروب القرصنة وأزمة موقع ويليكيس الالكتروني الذي اشتهر في الآونة الأخيرة بعرضه وثائق حرب أفغانستان. وعلى جانب آخر حدث تحول في طبيعة الصراعات ذاتها، إذ أصبحت معظم الصراعات داخلية بين الجماعات والأفراد وليست بين الدول، فتشير الإحصاءات إلى أنه من بين 61 صراعًا شهدها عقد التسعينيات من القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة كان 58 منها صراعًا داخليًا -أي بنسبة 95 % تقريبًا- و90 % من ضحايا تلك الصراعات من المدنيين وليسوا عسكريين ومعظمهم من النساء والأطفال. فالصراعات أصبحت بين جماعات وليست بين دول، والضحايا فيها من المدنيين. ومصادر التهديد الأساسية للدول لم تعد مصادر خارجية فحسب، بل أصبحت من داخل حدود الدولة ذاتها، لهذا نجد بأن هنالك ثمة تحديات كبيرة تواجه أمن الإنسان – كفرد – في العالم .وقد لخص تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعنوان “عولمة ذات وجه إنساني أهم هذه المخاطر وفي مقدمتها عدم الاستقرار المالي للدول وانعكاساته على الفرد وأيضا غياب الأمان الوظيفي وعدم استقرار الدخل بل وفقدان الوظائف، كما حدث في الأزمة المالية العالمية من تسريح للعمال والموظفين وكذلك غياب الأمان الصحي، فسهولة ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram