واسط / جبار بچاي

قريباً من مدينة النعمانية بمحافظة واسط وعلى الطريق الرابط بين النعمانية والشوملي تعوّد الأهالي على منظر طائر اللقلق وهو يبني أعشاشه فوق أبراج الطاقة ليستقر لحين انتهاء موسم تكاثره وقدرة فراخه على الطيران، وتمكن مصور فوتوغرافي أن يوثق حياة اللقالق وكيف تكون حضانتها للبيض وإطعام صغارها مستخدما الدرون في تصوير الضيف الجميل؛ في غضون ذلك اعتبر باحثون وجود اللقالق هناك انتصارا للبيئة وحماة الطبيعة .

يقول المصور الفوتوغرافي حيدر عمران لـ ( المدى )، " منذ فترة ليست قصيرة ، بل في كل موسم تتكرر رغبتي في تصوير طائر اللقلق الذي يأتي في موسم التكاثر الى النعمانية وبناء أعشاشه أعلى أبراج الكهرباء وتحققت رغبتي في تصوير اللقالق وكيف تعيش حياتها في طبيعة مأهولة بالسكان."

وأضاف " لكون أعشاش اللقالق عالية ومن الصعب تصوير داخلها لجأت الى استخدام الطائرة المسيرة ( درون ) في هذه المهمة وحصلت على صور جميلة عرفت من خلالها كيفية إطعام اللقالق الصغيرة ووجباتها المفضلة." موضحاً أن "السر في وجود اللقالق في المنطقة يعود الى اطمئنانها وعدم تعرضها للعنف وهذا بذاته يعد انتصاراً للبيئة وحماة الطبيعة التي أحرص دائماً على توثيقها."وبدأ حيدر عمران التصوير أول مرة عام 2015 مستخدماً جهاز الموبايل وفي عام 2017 استخدم الكاميرا ومن ذلك الحين احتواه أحد المخرجين السينمائيين وقام بتصوير ثمانية أفلام سينمائية شارك قسم منها في مهرجانات دولية وحازت على جوائز متقدمة .كما وثق العديد من معالم الطبيعة من شمالي العراق حتى جنوبيه وكانت له لقطات مميزة نشرتها وكالات محلية وأجنبية ومحطات تلفازية منها لهور الدلمج في واسط ونهر دجلة وأماكن سياحية وترفيهية وغير ذلك من تجليات الحياة والطبيعة الساحرة.

وعن وجود اللقالق قال الباحث البيئي بدر عبد الرحيم وهو من الموصل " هناك حوالي 20 نوعاً من اللقالق تنتشر في أنحاء العالم لها القدرة في الطيران الطويل لقطع مسافات كبيرة في موسم الهجرة وقسم منها يفد الى العراق ليستقر في مناطق مختلفة منها في قضاء رانية بمحافظة السليمانية وناحية الكوير في الموصل وحرير في أربيل وقضاء النعمانية في واسط والدغارة في الديوانية وغيرها من المناطق الاخرى."

وأضاف أن " أغلب هذه المناطق تكون محطة استراحة لطيور اللقلق ولا تستقر فيها إلاّ نادراً وذلك لكثرة استخدام المبيدات الحشرية في البساتين والمزارع ما أدى الى قلة توفر غذائها المألوف وهو الجراد والحشرات والضفادع وصغار الاسماك والأفاعي وغيرها ، كما أدى تلف وإزالة أعشاشها التي كانت تبنى على الأعمدة العالية بسبب البناء والزحف نحو أماكن وجودها الى تخوفها من الاستقرار أيضاً." معتبراً " وجودها في النعمانية دلالة اطمئنان واضحة وعدم تعرض الناس لها." من جانبه يقول الدكتور حسنين طاهر كريم من كلية الزراعة بجامعة واسط إن " هذا الطائر الجميل فيه ميزة تختلف عن غيره ، فهو يهاجر من قارة الى اخرى وفي كل مرة يرجع الى نفس مكانه."

وأضاف " اللقلق مثل النحل لا يضيع مكانه كأنما يحمل G. P. S. لذلك تعود لقالق النعمانية الى أعشاشها في موسم التكاثر فتقوم بترميمها وهيكلتها قبل أن تضع بيوضها مستفيدة بذلك من البيئة الآمنة."

يذكر أن أول ظهور لطائر اللقلق في النعمانية يعود الى عدة عقود خلت وكان أحد اللقالق يستقر فوق سطح دار المرحوم سيد رضا العلاق يوم لا جود لأعمدة وأبراج عالية.