TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: احلام كوكب حمزة

العمود الثامن: احلام كوكب حمزة

نشر في: 3 إبريل, 2024: 11:44 م

 علي حسين

ظلت ابتسامته الرقيقة والحنونة، تفصح عن طيبة متناهية، وفي الوقت نفسه تخفي، مشاعر الأسى حيال ما وصل إليه العراق. كوكب حمزة الذي ظل يتمنى لأكثر من خمسة عقود أن تمر " الطيور الطايره " بعراقه ، وأن تحمل السلام والأمان لأهل هذه البلاد " سلميلي الشوق يخضر بالسلامة وبالمحبة " ، ولم يكن يعرف ولا نحن محبوه أن " العشك ياخذنة لمدى بعيد " ، وأن النهاية ستكون على سرير في الغربة وأن الذين نحبهم أصبح دربهم بعيداً، وأن العمر سيتحول إلى محطات " عّديتهن وماكو عرف " .

عاش كوكب حمزة حياته ، وهو يحمل قضية واحدة نذر موسيقاه له لها، هي قضية الفقراء ، والبحث عن الحرية والأمان لهم ، شيّد لنفسه بساتين من القصائد التي تغنّت بالأمل والثورة على الظلم ، كان حمزة واحداً من صنّاع أحلام هذه البلاد التي وجدت نفسها تدير ظهرها للذين صنعوا لها الفرح والجمال

أنا بحلم لو يمر تاخذني فرحة عيد

أنصب مراجح وادق للي الخلا يزيد

كانت هذه أولى أحلام كوكب حمزة ، التي صاغها لحنا لتكون انطلاقة حسين نعمة.

في كل الحانه وموسيقاه يروي لنا كوكب حمزة حكايته مع الأمل والتطلع إلى المستقبل، ويدلنا على الفتى الذي ولد في ناحية القاسم ، هناك أبصر قيمة التعايش بين مكونات المجتمع العراقي ، غادر مدينته الحلة شاباً ليحط في بغداد ملبياً نداء الموسيقى والألحان ، ، ويقدم تجربته الأولى لعدد من الأصدقاء الذين أجمعوا أن هذا الشاب مهموم بقضية واحدة وهي التأثير المباشر للأغنية على الغالبية من عامة الناس ، ليس فقط تنويراً لرؤيتهم ولكن مجابهةً لما يجري وتحريضاً على رفض الظلم والنهوض صوب المستقبل والهيام بالعراق:

أنا مجنون وخذاني الهوى واطوح غرام

آنه شوكَي بالعراق والعراق بعينج الحلوة ينام

كوكب حمزة حكاية عن زمن مختلف، الطوائف فيه عارضة، ، والنضال ضد الظلم فرض على كل مثقف، اختار حياته على طريقة الشعر: موزاييك من حكمة الشعوب وروحها المرحة والعميقة .

فنان مغرم بما يلحن ويدندن، يعتقد أن اللحن والقصيدة سيصنعان بلداً يكون ملكاً للجميع، ومجتمعاً آمنًا لا تقيد حركته خطب وشعارات ثورية، ولا يحرس استقراره ساسة يسرقونه كل يوم ، عاش أسير أحلامه، متنقلاً في الألحان، لينتهي غريباً يئن على بلاد تُنكر أبناءها لأنهم لا يمارسون الخديعة، ولا يحملون صور ساسة الصدفة

لم يكن حمزة يُدرك أنه سيوحد العراقيين في أغنيته "ياطيور الطايره " وأن عيونهم ستدمع كلما يسمعون سعدون جابر يغني

سلميلي ياطيور الطايره

سلميلي ياشمسنا الدايره

مو بعيدين اليحب يندل دربهم

مو بعيدين القمر حط ابغربهم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. kadhim mostafa

    اغترب الفنانون الاصلاء كوكب حمزه وغيره عن العراق الوطن بعد ان تم غزوه من اشباه الرجال وتحويله الى سجن كبير والفنان الاصيل كالعصفور والبلبل لايصدح ولا يغني الا في فضاء الحرية

  2. عدي باش

    الموت يختار ببراعة .. يختار الأفضل و الأنبل و الأشجع الرحمة و الذكر العاطر ل(الكوكب) الآفل

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram