TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > عن القلق السياسي وشياطين اخرى

عن القلق السياسي وشياطين اخرى

نشر في: 8 إبريل, 2024: 12:34 ص

د. محمد علوية

نستطيع من خلال مصطلح "القلق السياسي" أن نصف حالات عدم الاستقرار التي يعاني منها غالبية الفواعل والمجاميع السياسية في المشهد السياسي العراقي، والخوف من المستقبل،

 التوجس من الآخر، والاستعداد لفتح جبهة خصومة مفاجئة مع أقرب حليف او بناء تحالف لحظي مع أبعد خصم وفق معطيات آنية ضيقة، هذا السلوك القلق يعكس مدى هشاشة هذه الجماعات ومدى عدم قدرتها على التفكير استراتيجياً في أي ملف يمكن ان يُسجّل في تاريخها كـ منجزٍ أو نجاح.

في الواقع فإن معظم الجماعات والأفراد التي تمارس العمل السياسي في العراق، لاتمارس عملاً سياسياً، بل تمارس لعبة الاستقطاب والنفوذ وعملية إدارة فوضى التجاذبات واستثمار التناقضات.

يكمن الفرق بين الممارستين في حجم المساحات المفتوحة ضمن خيارات هذه الجماعات، مقدار المناورة ومدياتها ومحدداتها، مدى استدامة علاقاتها وتحالفاتها، وكمية التنازلات على حساب المناهج إن وجِدت.

وحين نتحدث عن ضرورة وجود منهج سياسي لاية حركة سياسية فإن ذلك مؤسس على ما يلي:

١- انه يعطي تعريفاً واضحاً لهوية الجماعة او الحركة السياسية، تكتسب من خلاله لونها ويبان مزاجها

٢-تَستَقطب وفقه جمهورها واصدقاءها في داخل البلد وخارجه

٣-تجعله منطلقاً لحراكها وسلوكها وتعاطيها مع الأطراف الاخرى، على نحو يؤسس بالضرورة لخارطة منطقية من التفاعلات البينية المستدامة -غير القلقة- لهذه الجماعة مع الجماعات الاخرى، سواءٌ كانت هذه التفاعلات على شكل تحالفات ٍ أو تفاهماتٍ قائمة على اهداف ومناهج مشتركة او حتى خصومات قائمة على اهداف ومناهج متقاطعة.

يُعد السلوك القائم الذي بدأ يصبحُ عرفاً سائداً، سلوكاً مضطرباً، تنجذب فيه الجماعات لبعضها البعض وينصهر وفقه الأفراد على أسس نفعية لمشتركات آنية، سُرعان ما تنهار فيه الاتفاقات متسببةً بالتكسير التراكمي لأواصر الثقة التي تتسبب بدورها ببروز "القلق السياسي" الذي يُلاحظ على سلوك وخطاب اغلب فواعل المشهد السياسي الحالي.

نتائج هذه الظاهرة بعيدة الاثار، فهي:

١-تمتد الى المجتمع، وتؤثر على طريقة تعاطيه مع النظام السياسي الذي يمكن وصفه بالتعاطي القلق ايضاً متأثراً بهذا النوع من الأعراف

٢-تنعكس على كامل التجربة الديمقراطية في العراق، وتعد إحدى الاسباب التي أدت الى تراجع الديمقراطية ونكوصها، فلا ديمقراطية من دون مناهج سياسية متعددة واضحة الشكل ومعروفة الحدود،

٣-لا استقرار مستدام من دون العمل على مفهوم "الثقة" والتأسيس لهُ كـ عرفٍ جامع يراكم التجارب ويسهم في إنضاجها، فللقلق السياسي ضريبةٌ كبرى، يدفعها النظام والمنظومة على حدٍّ سواء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram