متابعة / المدى
من بين عدد من الأفلام التي ستشارك في مهرجان مالمو للسينما العربية في دورته الـ 14 المقام في السويد، نهاية شهر نيسان الحالي فيلم (قارئ البريد) للمخرج ذو الفقار المطيري، حيث سيشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان.
وكان فيلم المخرج المطيري "لا تخبروا أنجيلينا"، قد أثار ردود فعل إيجابية، جماهيرياً ونقدياً، قبل ثلاثة أعوام عند عرضه.
وفيلمه الأخير "قارئ البريد"، الذي عُرض في جلسةٍ خاصة للنقّاد والصحافيين، يتناول موضوعاً جريئاً: حبّ فتى مراهق لامرأة أكبر منه سنّاً. إنّه أول تجربة إثنوغرافية في الأفلام القصيرة العراقية، كما يقول المطيري، الذي تخرّج من "كلّية الفنون الجميلة"، وواصل دراسته للحصول على "ماجستير" في الإعلام من جامعة بغداد. له أفلام وثائقية وقصيرة، نال عن بعضها جوائز عدّة من مهرجانات سينمائية. التقته "العربي الجديد" في حوار عن "قارئ البريد" والسينما العراقية، وعن تجربته في الإخراج.
عن فيلمه الروائي القصير وفكرته يقول المطيري: تدور أحداث "قارئ البريد" في قرية نائية، تسمّى "سبياو"، في قضاء "رانية" في محافظة السليمانية، كردستان، التي يجهل معظم أهلها القراءة والكتابة. المُراهق زيرت يقرأ الرسائل التي تصل إلى أبناء البلدة، ومنها رسالة إلى سيّدة أرسلها زوجها الغائب منذ أشهر في العاصمة، بحثاً عن عمل. تبدأ الحكاية من هنا، وتتصاعد الحبكة، إلى أنْ تنتهي بشكل لطيف وغير متوقّع.
وأشار الى الرسائل التي تريد إيصالها قائلا: الزمن القصير في معالجة ظاهرة شائعة جداً، أو أقلّه تسليط الضوء عليها: وقوع مُراهقين في حبّ نساء أكبر منهم سنّاً بأعوامٍ كثيرة، حتى لو أنهنّ متزوّجات، ولا يُظهرن أي اهتمام بهم.
الفيلم أول تجربة إثنوغرافية في الأفلام القصيرة العراقية، من ناحية استخدام قصّة حقيقية حدثت في هذه القرية. المكان طبيعي، شهد الأحداث نفسها. الممثّلون غير محترفين، يقفون أمام الكاميرا للمرّة الأولى. الفيلم باللغة الكردية، ومُترجم إلى العربية. الموسيقى أصوات عامة حيّة لحيواناتٍ، وأصوات المطر والرياح والجداول. مع استخدام قليل للإضاءة، واعتمادٍ على الجو العام. كلّ شيء طبيعي في هذه التجربة.
وعن تجربة تصويره في كردستان قال: سبب اختيار المكان يعود إلى غرائبيته، فالقرية تقع على الحدود العراقية الإيرانية التركية، وتبعد أكثر من 100 كليومتر عن قضاء "رانية"، التابع لمحافظة السليمانية. ما يُميّز المكان البدائية التي وجدناها هناك. لا تطوّر حضاريا أو تقنيا، ولا وجود للإنترنت، ولا اتصالات هاتفية. إنّهم يحافظون على تراثهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويستخدمون الأساليب البدائية في الطعام والسكن. باختصار، هذه بيئة صالحة لتنفيذ فكرة الفيلم، المبنية على الإثنوغرافيا في وصف العادات والتقاليد.
وسألناه إن كان هناك مشروع لإخراج فيلم روائي طويل له، أجاب: بالتأكيد. تمّ إعداد سيناريو لفيلم روائي طويل مأخوذ من رواية كويتية بعنوان "عندما في الأسفل" للكاتب عبد العزيز محمد عبد الله، تدور أحداثها في زمن ما بعد دخول الأميركيين إلى العراق. يعبر شابٌ كويتي (فهد) إلى العراق ليكفّر عن ذنبه بقتل جندي عراقي في الكويت عام 1990، أثناء نومه، ثم يكتشف، بفضل رسائل في جيبه، أنّه مُجنّدٌ قسراً، وهو غير راضٍ عن غزو الأشقاء وتدمير بلدهم، فيُقرّر زيارة أهله والاعتراف بذنبه، لكنّه يعجز عن ذلك أمام طيبة الأهل وحرارة ترحيبهم به، فيتظاهر بأنّه كان صديقه. يسكن في بيته، وينام في غرفته، ويصادق أصدقاءه، ويتزوّج حبيبته. بسبب مشاعر الخطأ وتأنيب النفس وجَلد الذات، يُصاب باضطرابٍ نفسي، يجعله يخلق عالماً داخلياً، يحاول فيه تصحيح أخطائه. لكنّه يفشل، فتسوء حالته، حتى يجد نفسه يركض عارياً في الأزقة، فيقتله مجهولون، لأنّه كويتي في العراق، كتحقيق للعدالة لقتله عراقياً في الكويت بلا ذنب.