عادل العاملrnمن مطالع المتنبي الشعرية الشهيرة قوله و هو يهرب خلسةً في ليلة العيد من الرقابة المشددة التي فرضها عليه الطاغية الأخشدي في مصر:
عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُبما مضى أم لأمرٍ فيِكَ تجديدُأما الأحبّةُ فالبيداء دونهمُفليت دونكَ بيداً دونها بيدُ ... وواضح هنا يأس أبي الطيب المتنبي من صلاح الحال في مصر أيام كافور الأخشيدي ونقمته على أناسٍ يحكمهم مثل هذا الطاغية الأجنبي التافه بمعونة زمرة من الأزلام المرتزقة الفاشلين من أهل البلد نفسه حتى قال فيهم:نامت نواطيرُ مِصرٍ عن ثعالبهافقد بَشِمنَ وما تفنى العناقيدُوكان لحلول العيد بالتأكيد والمتنبي في مثل تلك الغربة المهينة تأثيرها الثقيل المحفز على هذا الشاعر النبيل صاحب المشروع الثوري لإقامة دولة اشتراكية في بادية الشام، كي يتحرك مبتعداً عن مواعيد الأخشيدي العرقوبية التي كان يعلل بها الشاعر للبقاء معه والتجمّل بدرر قصائده الفريدة، ليس غير، فما كان في خلَد الأخشيدي أن يكون عوناً لمثل هذا الشاعر الطموح عزيز النفس أو ذلك المشروع الذي لن يتوقف عند حدوده بالتأكيد، خاصةً والقرامطة يجتاحون المنطقة العربية آنذاك بقواتهم الشجاعة وعقيدتهم الثورية الواعدة، وقد نجح المتنبي في هربه تحت جنح الظلام بعد أن قال قولته الجريئة الحاسمة هذه، فلعن كافوراً وزمرته الحاكمة والناس الخانعين له:لا تشترِ العبدَ إلا و العصا معهإن العبيد لأنجاسٌ مناكـــيدُنامت نواطيرُ مصرٍ عن ثعالبهافقد بَشِمنَ وما تفنى العناقيدُلا يقبضُ الموتُ نفساً من نفوسهمُإلا وفي يدهِ من نَتنها عـودُولم يطل المقام و لا الحياة بأبي الطيب المتنبي، بطبيعة الحال، كما هي الحال مع أمثاله من قادة الفكر والسياسة الشرفاء في كل زمانٍ ومكان، وقُتل غدراً في ما بعد وهو في طريقه إلى موطنه في النعمانية، (303-354هـ/915–965)، وتركنا نردّد معه على مرّ السنين و الأجيال عند مقدم كل عيدٍ لا جديدَ فيه كالعادة:عيدٌ بأية حالٍ عدتَ يا عيدُبما مضى أم لأمرٍ فيكَ تجديدُأما الأحبَّةُ فالبيداءُ دونهمُ..!
اوراق رمضانية..عيدية المتنبي!
نشر في: 6 سبتمبر, 2010: 07:58 م