TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > ايام من رمضان :عادات

ايام من رمضان :عادات

نشر في: 6 سبتمبر, 2010: 08:09 م

كاظم الجماسيلا نقول جديدا حين نؤكد ان للعادة سطوة خاصة على سلوك الواحد منا، تشمل سلوكنا الاجتماعي ونظامنا البيولوجي على حد سواء، وتتأتى قوة تلك السطوة من تواترها وتكرارها المستمرين عبر الزمن، ولكن حين يحدث تغيير ما لتلك العادة،
 او كسر للاعتياد المعروف، تحدث جملة من الاختلالات في النفس والبدن على حد سواء، تكون شديدة الوطأة في البدء ثم ما تلبث شدتها تخف بالتدريج لتتحول فيما بعد الى عادة جديدة..مناسبة هذا الكلام تتمثل في اننا نعيش هذه الايام اواخر شهر رمضان، لنتذكر ايامه الاولى وكيف احدث الصوم بنحو خاص وطقوس واجواء رمضان بنحو عام من اختلالات شملت النظام الغذائي للصائمين، وتركت بعض ملامح التغيير في سيرورة الحياة العامة سواء في البيت او السوق او العمل او الشارع، مالبثت بعد حين ان إلفها الناس وأمست في حكم العادة.. ولنا ان نذكر عددا كبيرا من العادات الفردية والاجتماعية التي تحفل بها مجريات حياتنا اليومية، ومنها العادات الضارة ومنها النافعة، فعادة التدخين عادة ضارة بالاجمال، اما عادة مشاهدة البرامج التلفزيونية فنافعة بالاجمال ايضا، وعادة استغابة الاخرين ضارة على الفرد والمجتمع على حد سواء، وعادة الاستخدام الدائم للمسبحة مثلها مثل عادات أخر يحيلها علماء النفس الى ما يدعونه التكرار القهري، اذ يدمن الانسان وبسلبية كاملة تكرار تصرف ما، وهي حالة مرضية تشمل عادة الاغتسال المستمر بعد ملامسة الفرد لأي شيء، وايضا عادة اللعب المتكرر بالشوارب اوغيرها من اجزاء الجسم، وغيرها من العادات التي تتحول الى ما يشبه المرض النفسي..ويفضل المختصون احداث التغيير المستمر في عاداتنا الفردية، من اجل خلق مزاج مختلف وتجربة انماط جديدة من السلوك، الامر الذي يعود بفوائد جمة على الفرد والمجتمع. ويشمل ذلك احداث التغيير في منهاج المعيشة اليومي، من مثل تغيير امكنة اثاث البيت والمكتب من حين لآخر، او تغيير نوعية الاثاث نفسه، وتغيير الطريق الذي نسلكه يوميا من والى اماكن عملنا، والتغيير المستمر في الوان وانواع ملبسنا يغير بالتأكيد امزجتنا ويمنحنا دفقا جديدا للعيش.والاعتياد على سياق محدد من الغذاء او الشراب، غالبا مايكون ضارا بسبب ضعف او انعدام التنوع في تناول العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، فعدد كبير منا يكره تناول اصناف محددة من المأكولات او المشروبات في الوقت الذي يحتاج جسمه العناصر الغذائية الكامنة فيها، مثله مثل الذي يعتاد تناول كل شيء وبأفراط من دون حساب لزيادة الوزن او الاضرار الناتجة عن ذلك..وما دمنا بصدد ذكر العادات الغذائية السيئة، فأن الامر يشمل ايضا ظاهرة الاسراف في اعداد انواع كثيرة من الاطعمة وبكميات كبيرة تفوق حاجة الصائمين على موائد رمضان، والتي غالبا ما يكون مصيرها سلة المهملات، وقد تحولت تلك الظاهرة الى عادة منتشرة عند عدد من العوائل العراقية، وهي بكل القياسات عادة ضارة على الفرد والمجتمع، فهي فضلا عن ضررها البليغ في الجانب الصحي، وضررها البليغ ايضا في الجانب الاقتصادي، فهي تعد تبطرا يسيء الى مشاعر الغالبية العظمى من الشرائح الفقيرة التي تجد بالكاد ما تفطر به، وكذلك تعد تكريسا للتمايز الطبقي الحاد بين طبقات المجتمع، وغير ذلك كله فهي تفرغ، حسب تقديري، طقس الصوم من جوهره الحقيقي المتمثل في تجسيد العفة في البدن وفي الروح، وذلك بمجاهدة الرغبات والشهوات وتحجيم غلوائهما في الافراط والاستزادة غير المبررة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram